23 نوفمبر، 2024 1:39 ص
Search
Close this search box.

الصَمَمُ الحضاري!!

البشرية تعيش حالة مرعبة من الصمم الحضاري , الذي يعني أنها ما عادت قادرة على سماع بعضها البعض , وإنما تمكّن منها ما فيها , وراحت تصيخ السمع له وحسب , فما يتفق وما فيها تسمعه , وما لا يتوافق معه لا تسمعه أبدا , بل ولا يمكنها أن تفهم حرفا واحدا منه , وبهذا فأن البشرية تتصادى , وتسير في إتجاهات خطيرة ومدمرة , مما سيتسبب بتداعيات هائلة قد تشمل الأرض من أقصاها إلى أقصاها.

فما يحصل في العالم لا يُسمع ويُستوعب كما هو , وإنما كما يُراد له أن يكون ويُرى ويُقرأ , ويتحقق في الوعي والإدراك , وفقا لمناهج المصالح والأهداف والبناء الرَأيوي , الذي تساهم في تشييده وسائل الإعلام العاملة بأجندات وخطط وبرامج تسعى لغاياتها , ولا تسمح بما لا يتطابق ومنطلقاتها المحددة الراسخة الفاعلة في العقول والنفوس.

ومعنى ذلك أن الصوت العربي الإسلامي خائب , ولا يمكنه أن يصل إلى الآخرين بجميع الوسائل الإتصالية المعروفة , ذلك أن الأدمغة قد تقولبت في نمطيات وخرائط لا يمكنها أن تخرج عنها وتتحرر من قبضتها , فالواقع العربي المرسوم في الأدمغة حالة ميؤوس منها وخارجة عن العصر , ولا داعي للناس من الإصغاء إليها والتفاعل معها , وإنما يجب إستخدام أدوات التدمير الشامل للخلاص منها.

أي أن العرب بما يقومون به لا يستحقون الحياة , فلا هم من طلابها وإنما هُواة موت وحياة أخرى , وعلينا أن نهديها إليهم بقتلهم.

وهذا المفهوم تعززه السلوكيات الحاصلة في المجتمعات العربية على مدى الأعوام السابقة , والتي تقدم صورا وأفعالا تُرسخ ما يُراد من مفاهيم وتصورات , وما يحدد ما يُرى ويُسمع , وهكذا يكون ما يدور في المجتمع العربي من دمارات وحروب وقتل للأبرياء لا يعني الدنيا لا من بعيد ولا قريب , فالعرب لا يريدون الدنيا ويعادونها , ويحلمون بالحياة الآخرة التي فيها جنتهم وراحتهم!!

قد نلوم الآخرين على ذلك , لكن الحقيقة المريرة هو أننا أصبنا الآخرين بصمم وعمى بما نقوم به ونأتيه ونبرهنه بسلوكنا , ونؤكده بأنظمتنا التي تعادي المصالح الوطنية والعربية , وتتساقط كالقطعان في مسيرات التبعية وتنفيذ مصالح الآخرين الذين لا تهمهم إلا مصالحهم ومصالحهم وحسب , وهذا سلوك طبيعي عهدته البشرية منذ ملايين السنين , ويشذ العرب عن هذا السلوك فيتجاهلون مصالحهم ويتحولون إلى أدوات لتحقيق مصالح الآخرين وأهدافهم.

كما أن العرب لا يسمعون بعضهم البعض ولا يرون أحوال بعضهم , فلماذا على الآخرين أن يستمعوا إليهم وينظرون في أحوالهم؟!

فهل أن العرب أقاموا مشروعا عربيا واحدا يرعى مصالحهم , فجميع أموالهم مستثمرة في دول غير عربية , ومحكوم عليها بالحجز في بنوك الدنيا القوية , وثروات النفط ذات مشاريع إحتراقية وتدميرية لكل ما هو عربي , وما أسهمت في مشروع إقتصادي يساهم في إسعاد العرب.

فهل سنستمع لبعضنا البعض أم أننا في صمم وعماء وإنحدار لفناء؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات