18 ديسمبر، 2024 6:48 م

الصين و الحرب و الوضع الدولي

الصين و الحرب و الوضع الدولي

ما أنّْ شنّت روسيا الهجوم على اوكرانيا , وبما رافقها من اصداءٍ وانعكاساتٍ دولية منذ البدء , لكنّ المراقبين السياسيين وكبريات الصحف الغربية والأوساط الإعلامية الأخرى كانت تترقّبُ بشغفٍ وحذر موقف وردّ فعل الصين من هذه الحرب الحديثة , وبما يوازي او يفوق التأثيرات والنتائج التي ستحققها القوات الروسية داخل اوكرانيا , وكان لذلك اكثر من سببٍ , وكلُّ سببٍ ينافس الآخر وبخصوصيةٍ أشدّ .

فما أن استشعرت بكّين بمديات الغضب الغربي للغزو الروسي , فأتيحت لها فرصة ذهبية او نصف ذهبية للوقوف او الإصطفاف مع موسكو اعلامياً ومعنوياً ” في اوّل الأمر ” , لتشكيلِ قطبٍ شبه موحّدٍ بوجه التفرّد والهيمنة الأمريكية التي تترصّد الصين من كلّ زاويةٍ على صعيد الإنتشار الصيني التجاري في مناطقٍ واسعة ٍ من العالم , وبشكلٍ خاصّ في الشرق الأوسط وافريقيا , وما يعقب ذلك ايضاً او بموازاته وبحرارةٍ أشدّ .! , فإنّ القيادة الصينية قد فوّتت الفرصة على نفسها للقيام او الشروع بحركةٍ عسكريةٍ خاطفة لإعادة تايوان الى ” بيت الطاعة ! ” او إعادة ضمّها الى الصين كما تطالب بها منذ عقودٍ من السنين , مستغلّةً إنهماك الأمريكان وكلا الإتحاد الأوربي وحلف الناتو في مجريات الحرب في اوكرانيا ومضاعفاتها , لكنّما مهما كانت هذه المطالبة الصينية الطويلة الأمد بإستعادة تايوان جادّةً وصادقة لكنها لم تتجاوز الميادين الإعلامية وعلى صعيد خشبة المسرح الدولي .!

ثُمّ وإذْ لبكّين حساباتها الخاصة وأبعادها , إنّما يترآى وفق استقراءات متغيرات العلاقات الدولية فكأنّ القيادة الصينية تفتقد الجرأة والقدرة ” بشكلٍ او بصورةٍ أخرى ” في إتخاذ هكذا قرارٍ ستراتيجي او ” سوبر ستراتيجي ” , ليس بخصوص اللجوء عسكرياً الى إرجاع او استرجاع تايوان فحسب , وإنّما الى الإعلان إعلامياً ” على الأقلّ ” عن توجّهاتٍ ونيّاتٍ صينيةٍ لضخّ الأسلحة والصواريخ المتطورة وسواها الى روسيا , كما تفعل دول الغرب مجتمعةً في اوكرانيا , وانطلاقاً على الأقلّ ممّا ترجمته الى العربية بأنّ < الحلال على غيري ليس حراماً عليّ .! > ” مع الإعتذار عن ركاكة التعبير على صعيد العلاقات الدولية , لكنما المقصود بأبعاده المفترضة .!

ايضاً , ورغم أنّ الأوضاع الدولية تجاه تعقيدات ومضاعفات المعارك الدائرة في عدة او بعض المحاور من الأراضي الأوكرانية الشاسعة المساحة , فإنها لا زالت معلّقة , وقابلة للتطوّر والإشتعال حتى في الإتجاهات المتعاكسة , لكنَّ موقف الصين ولغاية الآن فهو اقرب الى خذلان موسكو في هذا الظرف الدولي الحسّاس , بالرغم من قواسمٍ مشتركةٍ بينهما تجاه الولايات المتحدة , فضلاً عن خذلان الدول والقوى العالمية التي تتطلّه الى وضع كوابحٍ أمام الهيمنة الأمريكية العالمية .

وما نطرحه هنا قد يتجاوز قليلاً او لا يتجاوز وجهة نظرٍ براغماتية على صعيد الوضع الراهن – الدولي , لكنها تعانق بعض الحقائق القائمة على الأقل .!