18 ديسمبر، 2024 6:52 م

الصين: خطط طموحة المدى والأمد

الصين: خطط طموحة المدى والأمد

صدر في 22اكتوبر من العام الجاري؛ تقرير عن المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني. التقرير رسم معالم المرحلة او المراحل المقبلة للصين بقيادة الحزب الشيوعي الصيني او لجهة الواقع الموضوعي بقيادة شين جين بينغ، وبالذات في السنوات الخمس المقبلة، و ربما للسنوات الاخرى؛ بقيادة شين جين بينغ اذا ما جدد لمرة الرابعة. ركز التقرير على التالي، وباختصار: اولا؛ صيننة الماركسية وعصرنتها. ثانيا؛ تعزيز وترسيخ وتجذير راية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. ثالثا؛ التمسك بالماركسية الصينية وافكار ماوتسي تونغ ونظرية دنغ شياو بينغ. رابعا؛ الحفاظ بحزم على مكانة شين جين بينغ بصفته نواة اللجنة المركزية للحزب.. خامسا؛ بناء وتحديث الدفاع الوطني والجيش. سادسا؛ التمسك بالأصل مع الابتكار.. سابعا؛ القضاء على الفقر وانجاز مجتمع رغيد. ثامنا؛ الرفض والتصدي لمحاولة الانفصاليين في تايوان؛ الاستقلال والانفصال، والسعي بدمج ضفتي المضيق. تاسعا؛ التحديث من عام 2020 الى عام 2035 ومن عام 2035الى عام 2050.. عاشرا؛ إصلاح منظومة الحوكمة العالمية وبنائها والدفع بجهة تطور الحوكمة العالمية في اتجاه اكثر عدالة ومعقولية.. الحادي عشر؛ قيادة الثورة الاجتماعية بثورة الحزب الذاتية.. مما لاشك فيه ان الصين حققت خلال عقود ما لم تتمكن اي دولة اخرى في العالم؛ من تحقيق ما حققته الصين؛ فقد انتقلت من دولة نامية خلال تلك العقود الى دولة عظمى متطورة جدا، واصبح او صار الاقتصاد الصيني ثاني اكبر اقتصاد في العالم وثاني اقوى اقتصاد في العالم. لكنها في الوقت الحاضر وما سوف يلي هذا الحاضر من الزمن المقبل؛ ستواجه تحديا لا يمكن الاستهانة به، وهذا التحدي ينحصر في مواجهة الولايات المتحدة التي تتوجس من تغول الصين في جميع الصعد والمجالات وفي جميع اركان الكوكب؛ ببرامج فعالة وذات تأثير على مساحة التأثير الامريكي في المعمورة، على صعيد المستقبل. احد المسؤولين الامريكيين وصف المواجهة مع روسيا والصين مؤخرا؛ بان روسيا تواجهنا بعاصفة لكن الصين تواجهنا بتغير المناخ، والمقصود بالمناخ هو تغيير طريقة ووسائل المنافسة وحتى الصراع على المغانم والمكاسب على سطح الكرة الارضية، بينما روسيا لا تشكل تحديا جديا للتغول الامريكي، بفعل افتقارها لأدوات هذا التأثير. حسب هذه الرؤية الامريكية؛ فأن الصين تشكل لأمريكا التحدي الاستراتيجي. إنما في المقابل فان الصين سواء في سياستها السابقة وحتى في سياستها الحالية وحتى في سياستها المستقبلية حسب ما جاء في التقرير الاخير للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني؛ فأن الصين سوف تتجنب قدر استطاعتها الصدام مع الولايات المتحدة او مع غيرها. ان القيادة الصينية تريد ان تتفرغ للتنمية وتقوية قدراتها العسكرية حاليا والى الامد المتوسط وربما اكثر من الامد المتوسط. لكن امريكا ومن باب مصالحها الكونية بعيدة المدى والامد، لا يمكن لها ان تترك باب التطور والتنمية مفتوحا على مصراعيهما امام زخم وفاعلية التطور الصيني، وامتداد شراكاتها مع دول العالم سواء في اوروبا او في اسيا او في افريقيا او في الوطن العربي بلا معرقلات ومطبات ذات فاعلية وتأثير على التغول الاقتصادي الصيني وبالنتيجة على التطور الصيني في جميع الحقول وفي مقدمتها تنمية قدراتها العسكرية. على هذا الاساس فان الصراع الصيني الامريكي في المقبل من الزمن سوف يكون واسعا ومؤثرا على الساحة الدولية، اي انها حرب باردة من نوع اخر تختلف تماما عن الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي، ولو انها اي هذه الحرب لم تتضح معالمها بعد، وربما لم تتضح في المقبل المنظور من الزمن، إنما هي موجودة في قلب حركة الدولتين المتضادتين. ان هذا يعني وفي اول ما يعني ان العالم سوف ينقسم مستقبلا بين قطبي الصراع، الامريكي والصيني. أما الدول الاخرى بما فيها روسيا وحتى الاتحاد الاوروبي سوف يكونان، او ينقسمان على صفي القطبين، على جميع مساحات الفعل والمفاعيل في العالم وليس كما يروج له في منطقة محددة فقط، اي في بحر الصين الجنوبي والشرقي وفي المحيط الهادي والهندي، بل ان مساحات التنافس والصراع الاقتصادي وصراع جذب الشراكات في جميع زوايا كوكب الارض، وليس في المناطق سابقة الاشارة لها. ان هذا التنافس والصراع ليس من بينه الصدام العسكري، فان الصين سوف تتجنب هذا الصدام باي شكل وباي صورة ووسيلة، وحتى امريكا لا تريد هذا الصدام الا اذا استطاعت توظيف وكيل اقليمي او وكلاء اقليميين في الصدام مع الصين، وهذا امر بعيد الاحتمال جدا، على الأقل في الامد المنظور وربما المتوسط.. ان هذا الصراع بأدوات الاقتصاد، ما سوف تواجهه الصين مستقبلا.. على الرغم من العلاقات الاقتصادية المتشابكة والمتداخلة بين الاقتصادين ولمصحتيهما، لكن هذا لا يلغي او حتى لا يقلل من التنافس والصراع سابقة الاشارة له، بل على العكس تماما سوف يزيده توترا وتنافسا وصراعا حتى يصل في نهاية المطاف ولو بعد عدة سنوات الى القطيعة والصراع التنافسي في الفضاءات الاقليمية والدولية..