الصيانة تعني الإدامة , بمعنى مقاومة إرادة الزمان والمكان للحفاظ على جوهر الكائن الذي كان.
وكل موجود بحاجة لصيانة , فالمخلوقات تصون نفسها وتديم حياتها ما إستطاعت , ومنها الحيوانات والبشر الذي من المفترض أن يكون عارفا بما يضره وما ينفعه , ويتحاشى المضر ويحتفي بالمفيد النافع المديم.
والأخلاق بمعانيها ومنطلقاتها وتأثيراتها بحاجة لصيانة وعمل دائب لترسيخها وتطويرها , وتواكبها مع عصرها ومكانها والمجتمع الذي تكون فيه , فبدون الصيانة تفقد الأخلاق ملامحها ومعاييرها ومعانيها , وتتحول إلى ما يناقضها ويدمرها.
والبشر أوجد الأديان والمعتقدات لضرورات أخلاقية ولتحقيق الصيانة , وذلك لأنه قد منحها معاني علوية وإرادات سماوية , وأنها ذات صلة بالدين والإله الذي يعبده ويؤمن به , فأوجد الحلال والحرام ووضع الحدود والموانع والمحذورات , التي يتقيد بها المنتمي لأي عقيدة ودين.
والمشكلة التي تواجه البشرية في العديد من المجتمعات أن الصيانة الأخلاقية قد إنتفت , وصار المعنيون بالدين أو المعتقد يتطلعون للمنافع الدنيوية والكراسي والسلطة والحكم , وأنشأوا أحزابا يسمونها دينية للتعبير عما فيهم من الرغبات المطمورة المسوَّقة بدين , والمؤطرة بما يشير إلى دين وهي ضد الدين الذي تدّعيه.
وقد أسهمت نشاطاتهم الشرهة المنفلتة بتخريب الأخلاق وتهديم القيم والتقاليد , التي تتحلى بتقوى الله ومخافة وإحترام حقوق الإنسان وإعلاء شأنه , حتى صار البشر في عرفهم أرقاما وأدوات لتحقيق رغباتهم المسعورة المقنّعة بدين.
ولهذا يتوجب العودة إلى جوهر القيم والأخلاق وصيانتها والذود عنها , والعمل على تطويرها وتوضيحها وتحبيبها لما يتواكب مع العصر بزمانه ومكانه , وأن يتحقق التشجيع على تنميتها وتعليمها وإعتبارها من الأسس التربوية اللازمة لبناء الأجيال الصالحة لصناعة الحياة الحرة الكريمة.
فالأخلاق عماد القوة والإعتصام بالقدرة على رص الصفوف ولمّالشمل الوطني والنسيج الإجتماعي , الذي يمنح المجتمعات والشعوب الأهلية والقابلية على إنجاز الصالح العام والحفاظ على القيم والمعايير الهادفة إلى ما هو أفضل وأحسن.
وخير الناس من نفع الناس , والدين أخلاق وقيم ومعاني نبيلة سامية وإن “إقرأ” فيه علم!!