23 ديسمبر، 2024 7:06 ص

الصورة معلقة في مكان بارز من المحل باطارها التراثي الجميل ،وهي باللونين الاسود والابيض ، وبالملابس التقلدية تعود لرجل قد تجاوز (60) من عمره،التقطها مصور بارع في فن التصوير ، هذه الصورة تحكي قصة مرحلة من الزمن الماضي ، صاحب المحل شاب في مقتبل العمر، حسن الصورة ،متوسط الطول، يتعامل بلطف مع الزبائن ، المحل يحتوي على أنواع من البهارات والتوابل وانواع الشراب، الجوز واللوز و الفستق ، والموالح (الجرزات)، والاعشاب ،و غيرها من المواد التي يستخدمها العطار في الوصفات الطبية،والمواد تستورد من الهند والصين وتركيا وإيران،وبعضها محلية، البيع مستمر ، بالرغم أن بعض المحلات لايمرها الناس الا مرور الكرام ، كنت أنظر إلى الصورة ، وهو يتابع نظراتي، التفت إلي وقال لي تفضل المحل محلك،كانت لدي أسئلة كثيرة،إلا أني أختصرتها ، وكان سؤالي عن صاحب الصورة ،كان الجواب انها صورة جدي الذي كان يعمل في السوق منذ فترة شبابه، وكان أصحاب المحلات يحترمونه،فهو صادق وأمين يكره الغش،يحبه الناس وكل من يتعامل معه، وهو معروف في السوق ،وحصل على لقب (عطار باشي)،ومعناها (رئيس العطارين ) ، نحن ورثنا المحل عنه،ونتبع وصاياه في تعاملنا مع الناس ، والمواد التي تبيعها في المحل مواد جيدة، التجوال في الاسواق الشعبية فيه متعة وذكريات، والاطلاع على الاشياء النادرة،ويمضي بنا الوقت سريعا،وشعرت بالجوع ، الجولة بدأت من الصباح الباكر ، وفي السوق يوجد مطعم للمشويات ، وهو من المطاعم القديمة الذي مضى على تأسيسه أكثر من (50) سنة، لكن صديقي (ابو نور) الذي رافقني في الجولة ، كان يفضل( الغداء) في المطاعم الراقية كما يسمونها، لكن اصراري حال دوز تنفيذ رغبته، كان الكباب من اللحم الخالص اللذيذ،إلا أن الكباب كان ينقصه( لبن اربيل وشربت الزبيب) ،وكانت المطاعم تقدمه في الماضي مع الكباب، بعد ذلك توجهنا إلى إحدى المقاهي الشعبية لتناول الشاي العراقي (شاي سنكين)، وأثناء جلوسنا في المقهى كنا نسمع الى أحاديث مختلفة ينقلها رواد المقهى عن معاناتهم وهمومهم ،ودخان السكاير يختلط بأحاديثهم، يضيف لها نكهة خاصة،وتبقى الأسواق الشعبية ملاذنا التي نقتل اوقاتنا فيها،لاننا تعودنا على رائحة البهارات والتوابل،الوقت ادركنا وما علينا إلا ان نغادر المكان، وتبقون في حفظ الله ورعايته.