22 ديسمبر، 2024 2:14 م

الصناعة التحويلة متخلفة وبحاجة للتأهيل

الصناعة التحويلة متخلفة وبحاجة للتأهيل

كان العراق قبل عقود تمكن من بناء صناعة وطنية تعتمد في موادها الاولية على ما ينتجه القطاع الزراعي ولكن هذه الصناعة بقيت تراوح في مكانها وتآكلت جراء الحصار الذي فرض اثر الحروب , وحل الخراب وتخلفت الصناعة التحويلية ولم تتمكن البلاد من الحفاظ على هذه الصناعة لأسباب مختلفة و موضوعية واختفت المنتجات المحلية من رفوف المخازن في الاسواق وتراجع تصديرها الى نقطة الصفر .

اليوم نلاحظ الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل الزراعية , بل ان الحاصل يتلف في الحقول والبساتين نتيجة للسياسة الزراعية غير الصحيحة وغياب الدعم والكلف العالية للمنتج جراء الاساليب القديمة المستخدمة في الانتاج , فيما قطعت دول الجوار اشواطا في ادخال المكننة والتكنلوجيا لا يستطيع الفلاحون ان يجارونها , كما ان غياب الدعم الحكومي بأشكاله وانواعه عن المنتجين , هذه الاسباب وغيرها جعلت تطوير الصناعة امر غاية في العسر ان لم نقل مستحيلا .

الدعوة لتطوير القطاعين الزراعي والصناعي ليست كافية لوحدها لتغيير هيكلية الاقتصاد الوطني وزيادة مساهمتهما في الناتج المحلي الاجمالي تتطلب ارادة سياسية اولا تؤمن بانتهاج برنامج اقتصادي مغاير لما هو موجود من واقع مترد , فليس ممن المعقول نصدر 600 الف طن من التمور فقط وتتلف اضعافها او تتحول الى علف للحيوانات , فعلى سبيل المثال لا يتوفر معملا للدبس يصنع هذا المحصول الفائض او يحول الى خل , وكذا الحال بمنتوج الطماطم يبقى في الحقول وليس لدينا مصنعا قريبا من الحقول الكبيرة لإنتاج معجون الطماطم الذي نستورده من الخارج , باختصار لم يبذل الجهد المطلوب لإعادة تأهيل صناعتنا الوطنية ولا انشاء الجديد منها او التشجيع على الاستثمار فيما يتوفر من مواد اولية .

اتيحت فرصة كبيرة بدون كوابح ومعرقلات بعد التغيير ورفع الحصار لتطوير الصناعة الا انها لم تستغل والمفارقة انه في البداية جرى احصاء المعامل وبلغ عددها 196 مصنعا وشركة بما فيها القلة العاملة والمحققة للأرباح ليس لغرض تأهيلها بل لبيعها باقل من سعر الارض المشيدة عليها , وذلك لابقا ء الاقتصاد العراقي ريعي وبلدا مستهلكا , ومن ثم اعلن عن النية لإعادة تأهليها وبقيت وعود على الورق ليس الا , ويستمر الزعيق بشعار دعم المنتوج الوطني ويفقر المواطن باسمه ويسلب حقه في تنمية مستدامة تستحدث فرص عمل للعاطلين وانقاذ زراعته …

لا معنى للزعم بدعم المنتوج المحلي ما لم نخص الصناعة التحويلية بالتمويل والمساعدة على ولوج مشاريع اقتصادية جديدة والعمل على سد حاجة السوق , والاهم ان نلزم مؤسسات الدولة بشراء منتجاتها فعلا لا قولا , فواحدة مما يؤخر صناعتنا هو هذه المسالة لتفضيل الادارات السفر وابرام العقود لاستيراد البضائع الاجنبية , على ما يبدو ليس من فائدة يحققها من شراء المنتوج المجلي , وهنا تمس الحاجة لتشريع قانون لشرائه من دون استثناءات .