كيف سادت أجندة الصعود إلى الهاوية ؟!
لا يوجد مجتمع يقبل أن يُسمى بغير إسم وطنه , فالصيني – على سبيل المثال – مهما كانت طائفته وإعتقاده وعنصره , لا يقبل إلا أن يُسمى بالصيني . والهندي إن كان هندوسيا أو بوذيا أو مسلما أوغيرها , لا يقبل أن يسمى إلا هنديا , ومثلهما أبناء الأوطان الأخرى.
فلماذا قبل الناس بالتسميات المفروضة عليهم؟
لماذا قبلوا بتسميات التفاعلات السلبية اللاوطنية؟
لماذا لم يتم رفضها وعدم تداولها؟
فهل سمعتم بإنسان في أي وطن يقبل أن يُسمى بغير إسم وطنه , وأن لا ينتسب إليه؟
فلماذا تحقق القبول في المجتمع الذي يتوطن أرض البلاد؟
لا بد من طرح هذه التساؤلات ومواجهة الذات ومصارحتها والتفكير مثل البشرية جمعاء.
هل يقبل الفرنسي أن يُسمى بغير إسم وطنه , أو الأمريكي أو الألماني أو الروسي , أو الياباني ؟
بربكم ألا تساءلتم لماذا تحقق القبول والترويج لهذه التسميات وربما إدخالها كمواد بالدستور , وصار لها أحزابا وحركات ومحطات تلفزة وإذاعة وصحف ومجلات ومواقع إليكترونية , وأبواق دعائية وأقلام تكتب وقصائد تنشد ومقالات تزدحم بها وسائل الإعلام , وما زال الحديث بلغة تلك التسميات فاعلا في الحياة وله نشاطات تعبرعنها يوميا وبالتفصيل.
فلماذا لا يكون القول بالمواطنة ويتم المناداة بإسم الوطن؟
لماذا لا يتم إعلاء قيمة الوطنية؟
ويقول كل واحد بصوت عالي ومدوي “أنا أنتمي لوطني“؟! تفاعلت مع الصينيين فلم أجد واحدا منهم يقبل أن يقول عن نفسه إلا أنه صيني , وكذلك الهنود والألمان والروس, وإياك إياك إن تحدثت عن أوطانهم بإستصغار , إياك , إياك!!
فلماذا تم التنازل عن الوطنية وإستساغة تعزيز التوجهات الداعية إلى إعلاء شأن المسميات وتحطيم إسم الوطن؟
لماذا؟
إن العيب فينا!!
فكل واحد منا ذات معيوبة , ورأس معيوب وسلوك فيه ما لايحصى من العيوب. فيسعى ضد نفسه ويدمر ما حوله من الحالات القائمة , ولايريد الوطن , ويحسب الكرسي حياته وقوته وقدرته ووسيلته للفتك والتدمير, وينكر كل شيئ حتى ذاته ويمتهن وجوده ويحطم أركان دينه.
كل واحد منا لا يعرف إلا أن ينتقم من الوطن . فكلنا مجرمون بحقه وكلنا لا يستحقه.
فهل سنعود للوطن ونعتذر منه عن جرائمنا بحقه , ونتمسك برايته ونعلن إنتماءنا الحقيقي الصادق الصحيح له , لكي يبتسم النهران ويزهو النخيل ويتحقق الأمن والبهجة والسلام .
“وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد“ البقرة 205
“وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون“ هود 117