العملية السياسية في العراق، ما بعد العام 2003م. كانت ومازالت، مهددة بكثير من التحديات الداخلية والخارجية، وأهم تلك التحديات، هو صراع الكتل السياسية على “كرسي السلطة”، حتى باتَ المواطن العراقي، يشعر في قرارة نفسه، أن النخبة الحاكمة في البلاد، بعيدة كل البعد عنه، وبالتالي وبعد سنين عجاف من نفس المنوال؛ زادت الهوة بين المواطن والطبقة السياسية الحاكمة، حتى وصلت مرحلة القطيعة بينهما.
نتذكر جيداً كيف تمرر القوانين في البرلمان، خلال السنوات الماضية، أغلب تلك القوانين، كانت تمرر بصفقات بين الكتل، وبعض من هذه القوانين، تكون مصلحة الأحزاب هي غايتها، وبعيدةً كل البعد عن المواطن ومتطلباته.
المشكلة ليست متعلقة بالأشخاص أو المسميات، بل هي مشكلة صنعتها الظروف الطائفية والسياسية والأمنية في العراق، حتى صارت كل كتلة تدافع عن امتيازاتها، وأحياناً عن طائفتها، وترك الوطن بينهما، وقد تقاسمته المسميات الطائفية والفئوية، وكما هو حال المواطن العراقي، الذي لايملك حزباً يدافع عنه.
نكبة الموصل؛ وضعت كل الأوراق على الطاولة، وكشفت كل المستور؛ فساد أمني وعسكري، خيانة وغياب للدولة وقوانينها، صدمة عصفت بالعراق لولا تدخل مرجعية النجف، عندما تلاحقت العاصمة بغداد، التي حاصرها الإرهاب، في غياب وتراجع لدور المؤسسات العسكرية، التي أثقلت كاهل الدولة بميزانيات ضخمة، ذهبت هباءً في الموصل وغيرها في ساعات معدودة.
الآن تعود الكتل السياسية من جديد، وبثياب مغايرة، وطرق مستحدثة، وكل همها “كرسي السلطة” الذي يمنحها واتباعها حياة الترف والبذخ، والسيطرة على مقدرات الفقراء من العراقيين، فهذه الكتل بدأت تغازل المواطن الفقير، مرة بالوعود الكاذبة، وأخرى بمالديها من اموال فساد السنوات السابقة، الذي ادخرته لهذه اللحظة، لتتسلط من جديد على هذا الوطن، وتُكمل سياساتها الفاسدة، التي حولت بها العراق لدولة أحزاب طائفية، لا لدولة المساواة والوطنية!