في خضم دعوةالمتظاهرين باقامة دولة مدنية في العراق . .. يتفاقم الصراع بين الاتجاه المؤيد للسيستاني الذي يتبناه المتظاهرون في بغداد وبقية المحافظات وحيدر العبادي والاتجاه المؤيد لولي الفقيه يمثله بعض فصائل الحشد الشعبي ونوري المالكي . ، وسيزداد هذا الصراع شدة بعد ما يصدر مدحت المحمود وقضاته المسيسين قرارهم بتأييد او رفض امر العبادي بالغاء منصب نواب رئيس الجمهورية والذي شمل نوري المالكي ايضا .
ان العداء المستحكم بين حيدر العبادي ونوري المالكي قد سبقه عداء بين المالكي والسيد السيستاني نتيجة الموقف الذي اتخذه السيد السيستاني في ازاحة المالكي عن السلطة والذي جاء على اثره السيد العبادي لرئاسة الوزراء …..وقد ازدادت الهوة بين الطرفين بعد ما اصدر المرجع الاعلى الفتوة الجهادية في محاربة داعش . حيث حاول المالكي بعدها توظيف هذه الفتوى لصالحه من خلال محاولاته المستمرة للاسئثار بالحشد الشعبي وتوجيهه بالضد من المرجعية الرشيدة ومجلس الوزراء . لقد ادرك المالكي ومنذ وقت مبكر بأن المرجعية غير راضية عن سياساته التي تسببت باضرار بالغة للمجتمع والدولة العراقية ، اضافة الى الفساد السياسي والاداري المرفوض من قبل كل المراجع الدينية ..فارتمى المالكي في احضان الولي الفقيه مخالفا بذلك المرجعية الاساسية لحزب الدعوة التي رفضت ابتداءا وعلى يد مؤسس الحزب الشهيد محمد باقر الصدر اية مرجعية خارج النجف الاشرف . ان توجهات المالكي هذه وانحيازه التام لمرجعية ولاية الفقيه ومعاداته للمراجع العظام في النجف الاشرف قد تسببت في احداث بلبلة في صفوف حزب الدعوة ودفعت حيدر العبادي وبعض المتعاطفين معه الى التمسك بمرجعية السيستاني في النجف الاشرف . وعندما تأزمت الامور بين الطرفين ووصلت الى طريق مسدود ذهب حيدر العبادي الى مدينة النجف الاشرف لضمان تأييده من قبل المراجع العظام هناك ….، في حين اتجه المالكي الى كربلاء ليعلن انشقاقه عن حيدر العبادي من خلال رفضه لقرار عزله من منصب نائب رئيس الجمهورية .
ان تمسك المالكي بهذا المنصب يعني تمرده على قرارات مجلس الوزراء وبالتالي سيدفعه هذا اجلا ام عاجلا الى التحرك باتجاه استخدام القوة . ان اعتماد المالكي على بعض فصائل الحشد الشعبي ممن يدينون بالولاء لولاية الفقيه ، وفصائل ميليشيا مسلحة اخرى كان لغرض فرض سلطته الفعلية مقابل السلطة الشرعية للسيد العبادي .
ان بقاء الدولة برأسين لن يستمر طويلا لان مثل هذا الوضع سيؤدي الى تمترس كل فريق باتجاه الراس الذي يناسبه وسيدفع المالكي لاستخدام القوة لحسم الموقف لصالحه والعودة الى السلطة هربا من المحاسبة ومن الملفات التي ستنشر على الملأ في القريب العاجل . ان محاولة المالكي هذه سوف لن تكون سهلة لأن هناك قوى محلية ودولية تعتير لاعبة اساسية في العراق غير راغبة في عودته الى الحكم .
ان محاولة انصار المالكي للضغط على السيد السيستاني بهدف تحجيمه وتضييق دوره في المجتمع والدولة سوف لن تجدي نفعا . كما ان تأييد الجنرال قاسم سليماني له سوف لن يزيد الامور الا تعقيدا . ان ايران في اخر المطاف لن تستطيع ان تمسك بكل الخيوط في العراق الى الابد، وان انصار وشعبية السيد السيستاني ستحد كثيرا من التدخلات السياسية لايران في العر اق ، اضافة الى ان البركماتية التي تتمتع بها القيادة في ايران سوف تدفعها لتفضيل مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وفي العراق . وهي تعرف جيدا ان المراهنة على المالكي لهو رهان خاسر لا يمكن لها ان تدفع باتجاهه اكثر .
ان كان هذا صحيحا فأن الصحيح ايضا ان السيد العبادي ليس رجل المرحلة وهو الذي وقف عاجزا لحد الان عن تصفية خصومه ، وعليه فأنه لن يستطيع الاستمرار في الحكم في مثل هذه الظروف . خصوصا وان اعضاء التحالف الوطني الاخرين ليسوا على استعداد لتأييده لسبب او لاخر ، رغم انهم في الواقع ضد توجهات المالكي في العودة الى الحكم ايضا . اذن فأن الحل لن يكون بأعادة المالكي لسدة الحكم لأن صلاحيته قد انتهت من غير رجعة ولا استمرار العبادي بالحكم في مثل هذا الوضع القلق والمتأرجح . وبالنتيجة سينتهي الوضع اما بحرب اهلية بين ميليشيات مسلحة من الحشد وغيره والاحتراب فيما بينهم نتيجة تضارب المصالح هذه . او ان يبرز شخص من خارج العملية السياسية للسيطرة على الحكم ويكون مقبولا من قبل الولايات المتحدة الامريكية ، خصوصا وان لها مصالح حيوية قد تأزمت مؤخرا بعد دخول روسيا الاتحادية في المنطقة واختلاف موازين القوى لصالحها . . . وكان الله في عون العراق والعراقيين