22 ديسمبر، 2024 9:50 م

الصراع الروسي الامريكي على الأراضي الأوكرانية: صراع حافة الهاوية..

الصراع الروسي الامريكي على الأراضي الأوكرانية: صراع حافة الهاوية..

بعد ضم روسيا لأربع اقاليم اوكرانية؛ تكون الحرب في اوكرانيا قد عبرت مفترق الطرق في هذه الحرب، ودخلت في اخطر طريق.. الذي ربما ينتهي عند حافة الهاوية.. روسيا تعتبر هذه الحرب مفصلية وحاسمة ليس على مستقبلها كدولة عظمى، بل الاخطر عليها وعلى كيانها كدولة كبيرة ومترامية الاطراف، وتتكون من عدة قوميات. ان خسارة روسيا في هذه الحرب يعني خسارتها، خسارة استراتيجية. في المقابل ان اي انتصار روسي فيها اي في هذه الحرب؛ يقود حتما الى ان تتراجع امريكا سريعا عن موقعها الحالي في العالم كدولة عظمى لم تزل تتحكم في الكثير من المفاصل المهمة في العالم، وفي الدول الحليفة لها او الدول الشريكة لها او الدول التي تربطها صداقة ما مع الولايات المتحدة، ولم اقل امرا اخر؛ لتوصيف هذه الصداقة على حقيقتها الواقعية. هنا السؤال المهم ما هي الطريقة التي تخرج بها هذه الحرب او ماهي النتيجة التي تفضي بها او تنتهي بها هذه الحرب. ربما وربما في حكم المؤكد ان هذه الحرب من غير المرجح ان تنتهي او تنتهي بالمفاوضات في الامد المنظور. ان الاستراتيجيتين الامريكية والروسية متقاطعتان تقاطعا تاما، ولا توجد منطقة من الممكن ان تشتركا فيها. الولايات المتحدة، بكل تأكيد ليس المهم لها؛ هو العدل في العالم وسيادة الدول ووحدة اراضيها، وحمايتها من الغزو والاحتلال؛ امريكا هي ذاتها دولة غازية ومحتلة للكثير من دول العالم بحجج واهية جدا، ولا اساس لها بالمطلق من الصحة والوجود على ارض الواقع؛ ان امريكا تتقاتل بالإنابة، مع روسيا، ليس من اجل اوكرانيا، مع أن القتال يدور على اراضي الاخيرة، وبدماء ابناءها، وحاضر ومستقبل بلدهم؛ بل دفاعا عن موقعها في العالم كقطب واحد وحيد؛ يتحكم في المعمورة، وهي تريد ان تظل متربعة على كرسي قيادة الكرة الارضية الى ما تبقى من هذا القرن وربما الى ما يليه من قرن قادم.. ان هزيمة روسيا في هذه الحرب، وبقناعة هذه السطور المتواضعة؛ هو هزيمة للطموح العالمي في عالم متعدد الاقطاب؛ يسود فيه العدل والانصاف وما إليهما من مخارج تقع في هذه الخانة. مما يسمح ان تظل الانسانية رهينة لأمريكا الامبريالية المتوحشة بكل ما تعني هذه الكلمة من معاني واجراءات وغزوات واحتلالات لدول العالم وبالذات دول العالم الثالث او دول عالم الجنوب كما يجري تسمية الدول الصغيرة والضعيفة وربما حتى الدول متوسطة القوة والقدرة والامكانيات. ان هذا لا يعني وباي صورة من الصور او باي شكل من الاشكال؛ ان روسيا دولة ليس لها اطماع او مطامح، بل ان العكس هو الصحيح تماما. روسيا بوتين، روسيا الامبراطورية القيصرية، دولة عظمى تبحث لها عن مكان يتصدر المشهد السياسي الكوني، ولا تريد ان تتراجع الى الخلف اي لا يكون لها مكانا واضحا، ومعترف به عالميا، ولها تبعا لهذا الموقع الذي تطمح ان تكون فيه؛ اهداف ومغانم، ربما تكون مشروعة ليس لأنها تريد هذا، او انها تحترم هذه المشروعية، بل بحكم الواقع المحيط بها، او في مناطق المعمورة الاخرى البعيدة عنها جغرافيا وقريبا منها مصلحيا؛ بما يجبرها ان تكون واقعية وبرغماتية في وقت واحد. أما امريكا وبحكم قوتها العسكرية وقوتها الاقتصادية، وسيطرتها على الاقتصاد العالمي بطريقة او بأخرى، وبحكم تحالفاتها وشراكاتها وصداقاتها، وانتشار قواعدها العسكرية وسعة مناطق نفوذها، التي لاتعد ولا تحصى في العالم وفي محيطها؛ اذا ما ظلت جالسة على كرسي قيادة الكرة الارضية؛ سوف تسلب من الدول استقلالها وسيادتها لصالح منافعها واستغلالها، وتسويق قيمها ونظامها الاقتصادي بطريقة او بأخرى بما يتلاءم مع الدول التي تسلب منها إرادتها؛ بطريقة ناعمة عندما لا تحتاج الى الخشونة؛ سواء بالغزو والاحتلال او بالعقوبات الاقتصادية القاسية، التي لا تمت الى العدل والانسانية باي صلة مهما كانت صغيرة. ما ينطبق على امريكا ينطبق بدرجة ما ولو كانت صغيرة على دول الاتحاد الاوربي؛ اذا ظلت تابعة لأمريكا ومصالح امريكا، ليس في محيطها فقط، بل في العالم، واستمرت تعقب خطوات امريكا بالضد من مصالحها؛ لأن النهاية اي نهاية اي صراع كما هو الصراع الحالي الامريكي الروسي على الارض الاوكرانية؛ سوف تجني امريكا المغانم وليس لدول الاتحاد الاوربي الا الفتات؛ اذا قيضت لهذه الحرب ان تنتهي لصالح امريكا اي بهزيمة روسيا. بينما جل فاتورتها وكلفتها تحملتها دول الاتحاد الاوربي وبالذات المانيا وفرنسا وايطاليا. في حين جنت امريكا الارباح، وسوف تجني اكثر في القادم من الايام والاشهر، وربما الاكثر من الاشهر.. على سبيل الامثلة لا الحصر؛ تسويق الغاز المسال الامريكي الى دول الاتحاد الاوربي، والذي تجري الآن، اقامة البنية التحتية له؛ هذا يعني ربط اوروبا وبالذات المانيا؛ القوة الاقتصادية والتكنولوجية الاقوى في الاتحاد الاوروبي، ربطا مستداما؛ في حقل الطاقة( الغاز) مع امريكا، اضافة الى تشغيل المجمع الصناعي العسكري الامريكي، والاهم والاخطر؛ هو تثبيت قيادة امريكا للعالم على طريقة القواعد والمعايير التي ابتكرها ويبتكرها، العقل الاستعماري الامبريالي الامريكي؛ باعتبار هذه القواعد والمعايير هي القانون الدولي. ان الحرب التي تدور الآن في اوكرانيا؛ هي حرب سوف يتقرر على ضوء نتائجها ليس شكل النظام العالمي؛ بل ابعد من هذا؛ بل مصائر دول العالم الثالث على وجه التحديد والحصر؛ على افتراض ان امريكا سوف تنتصر في هذه الحرب وتنهزم روسيا. في قناعة هذه السطور؛ ان هذه الحرب هي حرب تعني العالم كل العالم، وليس روسيا وامريكا فقط؛ لأن نتائجها وتداعياتها سوف تلقي بظلالها على جميع دول العالم سلبا او ايجابا بحسب مخارجها كما اسلفت القول في هذا، في اعلى هذه السطور. على هذا فأنها حرب معقدة جدا؛ تتداخل فيها خنادق اللاعبين الكبار والصغار على حد سواء، كما تشتبك فيها الغايات والاهداف اشتباكا من الصعوبة جدا؛ تفكيك خيوطها، كما انها اخطر حرب مر بها العالم بعد الحرب العالمية الثانية. يحضرني هنا قبل شهور من بداية هذه الحرب؛ قول بوتين؛ ان اي عمل يهدد الوجود الروسي، وهو هنا يقصد؛ كما اتصور انه يقصد؛ اي عمل من قبيل الحرب او اي هجمات تفضي بنتائجها على هز اعمدة الدولة الروسية، ولو بطريقة غير مباشرة، قال وبوضوح تام: سوف نضرب عواصم القرار، والمقصود بعواصم القرار هنا واضح؛ هي واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الامريكية، والعواصم الاوروبية الأخرى.. في هذا السياق قال وزير خارجية امريكا قبل ايام؛ ان روسيا لن تلجأ الى السلاح النووي في دولة جارة لها بفعل الانتشار النووي في اراضيها على متن الرياح. هو لم يقل روسيا بل قال على طريقة او ديدن التصريحات المسؤولون الامريكيون عندما يدخلون في صراع مع اي دولة، لا يستخدمون اسم الدولة، بل رئيسها؛ لإيصال رسالة سياسية مفادها ان هذا الرئيس لا يمثل دولته بل انه صادر قرار الدولة والشعب في هذه الدولة وهي لعبة نفسية ومعنوية، الغاية والغرض منها؛ هو التأثير سلبا على الراي العام في تلك الدولة. الكسندر داغمين الفيلسوف الروسي، قال قبل ايام؛ ليس امام روسيا الا الانتصار في هذه الحرب، انها حرب مصيرية لدولتنا ولامجال فيها الا الثبات والتعبئة، وزير خارجية روسيا قبل الكسندر داغمين قال ان هذه الحرب هي حرب مصيرية بالنسبة لروسيا. في الطرف المقابل واعني هنا امريكا اي المسؤولون الامريكيون بما فيهم بل في اولهم الرئيس جو بايدن اكدوا؛ من انهم لن يسمحوا لبوتين ان يجني اي نتيجة او ربح من حربه في اوكرانيا مهما كانت صغيرة. على ضوء هذه التصريحات وعلى ضوء الوقائع وافاق تطور هذه الحرب، واصرار المسؤولون لطرفي الصراع؛ بحكم نتائجها وتداعياتها للجهة الاستراتيجية لطرفي الصراع؛ ان العالم يقف على حافة الهاوية، عندما ينزلق الصراع او تنزلق هذه الحرب الى حرب نووية. الغرب بقيادة امريكا؛ رفضوا الاعتراف بضم روسيا لأربع اقاليم اوكرانية، حتى الامين العام للأمم المتحدة؛ رفض الاعتراف بضم روسيا للأقاليم الاربعة الاوكرانية؛ مما يعني ان اوكرانيا سوف تواصل الحرب لاسترجاع هذه الاقاليم. لكن روسيا تعتبر هذه الاقاليم هي الآن اراضي روسية، ومحاولة احتلالها من وجهة نظرهم؛ هو عدوان على روسيا الدولة النووية والتي هي وامريكا تتقاسمان 90% من الترسانة النووية في العالم. حسب العقيدة العسكرية الروسية والتي تعتبر التهديد الوجودي للجغرافية الروسية؛ تسمح لها تلك العقيدة باستخدام السلاح النووي. هذا هو ما يفسر عدم دخول الناتو بالشكل المباشر.. في هذه الحرب، واكتفى بالدعم العسكري والمالي والاقتصادي والاستخباري. مما يجعل هذه الحرب ربما تستمر لزمن ليس بالقصير. إنما يكون محفوفا بمخاطر الانزلاق الى الحرب النووية، عندما تستنزف قدرات روسيا، او ان القيادة الروسية رأت ان تواصلها هو تهديد وجودي لها. بالعودة الى القواعد والمعايير الامريكية التي تريد لها الولايات المتحدة الامريكية ان تكون هي البديل عن القانون الدولي التي تعمل به وعلى هديها الامم المتحدة، وهي اي هذه القواعد والمعايير من الناحية الواقعية؛ هي من يجري تنظيم او حلحلة النزاعات الدولية على ضوؤها وهديها.. ان هذه القواعد والمعايير الامريكية التي تدعمها دول الاتحاد الاوروبي؛ هي بحد ذاتها؛ خرقا للقانون الدولي. على سبيل الامثلة لا الحصر والتحديد النهائي لها، (فالأمثلة كثيرة على خرق هذه القواعد والمعايير للقانون الدولي) ضم الكيان الاسرائيلي المحتل للأراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية، اللتان اعتبرتا جغرافية الدولة الفلسطينية المرتقبة طبقا لمخرجات اوسلو.. والتي من وجهة نظر هذه السطور، لن ترى النور. من غير ان تتحرك امريكا ولا الغرب ولا الأمم المتحدة لمنع الكيان الاسرائيلي من دفع الناس الى العراء والاستيلاء بحجج واهية على بيوتهم. ناهيك عن ما حدث في يوغسلافيا السابقة والسودان الذي فصل عنه جنوبه؛ بدفع امريكي وغربي واسرائيلي، والذي ينتظر على مذبح التقسيم؛ انفصال اجزاء اخرى من الجسد السوداني. وليس انتهاء بجزر الفوكلاند