ان التطور التاريخي للفكر العسكري وعلم الحرب وفنونها ، وسع مفهوم الحرب ليشمل انواعا جديدة وابعادا اخرى ، ولم يتوقف عند الحرب الكلاسيكية والمعركة التي تتحقق بالمواجهة الميدانية بين معسكرين او جيشين باستخدام الاسلحة التقليدية التاريخية ، فأتخذت الحرب الحديثة والمعاصرة انماطا جديدة ووسائل حديثة تبعا للتطور العلمي والتقني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمعات ، واستحدثت اساليب ونظريات واسلحة لم تكن موجودة واختلفت قواعد الاشتباك واخلاقيات الحرب ووسائلها وادواتها ، والغاية ايقاع انواع الضرر بالعدو او ردعه او ايجاد توازن قوى ،
وفي خضم هذا التطور المتسارع واتساع رقعة المواجهة والصراع الجيوسياسي بين الاقطاب والقوى الكبرى ومعركة فرض الهيمنة والارادات الذي وصل الى عقر دارنا واصبحنا ساحة هذا الصراع والاستقطابات والتجاذبات وحروب الوكالة ، وتطورت الى حرب ضد المكونين السني والشيعي في العراق ، فانه يستلزم منا البحث الجدي والموضوعي والواقعي لاعادة النظر في فقه الحرب الدفاعية والجهادية ومفاهيمها وديناميتها ، وتحديد القيم والمسائل الشرعية والاخلاقية المرتبطة بذلك ،
وفي زمن الحرب الاستنزافية والابادة التي يتعرض لها العراقيين لابد من ايجاد حلول ومعالجات استراتيجية وردود قولية وفعلية تردع العدو وتجعله يعيد حساباته ويفكر الف مرة قبل الاعتداء ، وانتهاج سياسات امنية وعسكرية من اجل احتواء وردع العدو ، وهذا يضعنا امام خيارات ثلاثة ، فاما اسلوب الدفاع واقامة حاجز وجدار صد امني محكم ربما له تداعيات سياسية يجب تحملها بدلاً من نزيف الدماء المستمر ، او الهجوم الاستباقي والوقائي واجتثاث التهديد ومحاربته في حواضنه ، واخيراً ان نبقى نذبح في سبيل قادة الكتل وامراء الطوائف والمحاصصة السياسية ، وهذا هو البلاء المبين .