قلت في مقال سابق،أن إتفاقية سنجار(التأريخية)،وبنودها لايمكن أن تتحقق على أرض الواقع، بدون تفاهمات إقليمية ودولية ،فألاوضاع هناك تتفاقم وتتصاعد حدة الخلاف بين إيران وأنقرة، بسبب تواجد حزب العمال الكردستاني في سنجار بزي(حشد شعبي إيزيدي تابع للحشد العراقي)، وهواه مع البككا قولا وفعلاً،ولكن الخلاف أعمق من هذا بكثير، فلكل من تركيا وإيران أجندتها فيها، فألأجندة التركية،هي القضاء على حزب العمال الكردستاني ،وإفشال خطته من جعل سنجار عاصمة له ،وجسر بين العراق وسوريا لتحقيق حلمه وهدفه الأسمى ،قيام (الدولة الكردية )،على طول الشريط الحدودي بين العراق وسوريا وتركيا،من عفرين وإعزاز الى قنديل مروراً بسنجار،وهذا يهدّد الأمن القومي التركي،كما يهددّ الامن القومي السوري والعراقي، فيما تقول الأجندة الإيرانية،أن السيطرة على سنجار هو الحلم الأيراني للاتصال بالبحر الابيض المتوسط اللاذقية – طريق الحرير- وهكذا تعمل الدولتان على تحقيق مكاسب جيوسياسية، على حساب الأرض العراقية، وفي ظلِّ صمت عراقي مطبق، إذ أن تصريحات السفيرين التركي والايراني، بخصوص سنجار ،وتواجد الدولتين العسكري فيها، لم تلقَ رداً عراقياً من وزارة الخارجية العراقية،فيما إستدعت وزارتا الخارجية في كلا البلدين سفراء الدولتين وسلمتهما بيان إستنكار رداً على تصريح السفيرين،في وقت كان إتفاق سنجار الذي سمته حكومة الكاظمي والإقليم بالتأريخي، قد دخل حيز التنفيذ ببنوده، وتم إخراج القوات المسلحة والميليشيات والحشد الشعبي، ودخلت الشرطة الاتحادية ،والامن الوطني داخل سنجار، وبقي الحشد الايزيدي التابع للحشد الشعبي العراقي، وبقيت فلول البككا بزي الحشد وبزي مدني، ورفضت الخروج ،من سنجار وجبل سنجار، فيما طوّق الجيش سنجار والجبل، وحينما هدّد الرئيس التركي بإجتياح الشريط الحدودي ،ثأراً لمقتل 13 عنصر أمن تركي، وجدوهم في مغارة على الحدود العراقية وجبل كارا، أصرّ الجانب التركي، شنّ هجوم على طول الشريط الحدودي مع العراق، بعد يوم واحد من زيارة وزير الدفاع التركي لبغداد واربيل، وهكذا يصرّ الاتراك على القضاء على فلول البككا في جبل سنجار، والدخول الى سنجار بتحشيد القوات التركيةفيما تسمى بمعركة (النسر 2)، وعلى إثر هذه التهديدات التركية، حشدّت الفصائل العراقية ،لواءين من الحشد الشعبي في سنجار، لمواجهة القوات التركية،إذا تجرأت ودخلت مدينة سنجار، فيما يتفرّج الجيش العراقي والشرطة العراقية ،على الاوضاع المتأزمة ، والتي قاب قوسين من المواجهة،أمام الإصرار التركي على اإنجاز المهمة، بدعم أمريكي واضح،في حين تلقى الفصائل المسلحة الدعم الايراني هناك،إذن المعركة ليست عراقية –تركية، وليست عراقية –ايرانية، المعركة القادمة في سنجار، هي معركة تركية – إيرانية بإمتياز، لأن الدعم الإيراني معلن لحزب العمال الكردستاني التركي ،ولفصائل الحشد الشعبي ،وهو صراع إقليمي –دولي،وقد أعطى الرئيس بايدن الضوء الأخضر ،للرئيس أردوغان بإجتياح سنجار، عندما قامت الطائرات الأمريكية وللمرة الاولى في عهد بايدن،بضرب فصائل مسلحة عراقية لواء 46 داخل الحدود السورية، رداً على قصف مطار اربيل، والذي تنصّلّت حكومة الكاظمي بعد يوم واحد ،من تزويّد الجانب الأمريكي، بمعلومات إستخبارية عن الفصائل هناك، بمعنى،أن الردّ الأمريكي، يسمح للرئيس أردوغان بالتوغّل في سنجار،والقضاء على حزب العمال الذي وضعته أمريكا على لائحة الإرهاب الدولي،وأعطى الضوء الأخضر لحلف الناتو ،بزيادة أعداد عناصره في العراق ،من 500-5000 في العراق لمواجهة الفصائل الولائية والسلاح المنفلّت، نحن نعتقد أن معركة أردوغان مع البككا، هي معركة بايدن مع الفصائل الولائية في العراق،لكن الأهداف مختلفة والعدو واحد،وهكذا يتضّح السيناريو الامريكي الجديد، هو التعامل مع الفصائل الخارجة عن القانون ، بالمواجهة العسكرية، في حين يتعامل مع إيران بالدبلوماسية ، فهل نشهد مفاوضات امريكية – إيرانية بالشروط الامريكية،أمام رفض إيراني معلن( قبل رفع كامل للحصار، وأن الوقت لم يحن للآن)، التصعيد الاوروبي ضد إيران ،أصبح علنياً في مجال الإتفاق النووي ،الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة، قبل دفنه، بعد أن أمر المرشد خامنئي ،بطرد مفتشي الطاقة الذرية الدولية ،في خطوة مفاجئة، وإنهاء عملها في إيران، الصراع الأمريكي- الإيراني في المنطقة، هو جزء من الصراع التركي- الايراني في المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق،ولهذا تقف المنطقة كلها ،على كف عفريت من مواجهة محتملة، في أكثر من مكان، ففي اليمن هناك معركة فاصلة مع الحوثيين، تدعمها الدول العربية وأمريكا، وسوريا معركة أمريكية وإسرائيلية ،مع التواجد الإيراني وحزب الله والفصائل الولائية، وفي العراق معركة أمريكية مع فصائل ولائية، ومعركة تركية مع البككا والفصائل الولائية ،بدعم ايراني واضح، أما حكومة الكاظمي، فليس لديها وقت ، لتحذير تركيا وإيران ، ومنعهما من تصفية الحسابات على أرض العراق، والمساس بسيادته، تماماً كما تعجز أن تفعل مع إدارة بايدن، الوضع الأمني في العراق معقد جدا، هناك إستباحة كاملة على الاراضي العراقية والسيادة العراقية، في وقت تغرق حكومة الكاظمي في أزماتها ومشكالها ،مع التظاهرات والميليشيات والأحزاب الموالية لإيران ، وكورونا ، والإنهيار الاقتصادي، والإنتخابات على الأبواب، فهو في معركة حقيقية ،لن يخرج منها إلاّ بحلّ البرلمان ،وإعلان الطواريء وحكومة الإنقاذ الوطني فقط،والذهاب الى إنتخابات عامة ،بإشراف دولي وعربي،لإنهاء الصراعات الإقليمية والدولية على أرض العراق، ورفض أي تواجد اقليمي على أراضيه، ولكن هل يستطيع الكاظمي أن يعلن حلّ البرلمان، وهناك من يهددّه(بقطع الأذن)، نعتقد أن الصراع التركي – الإيراني في سنجار، حلقة من صراع أطول في العراق، في ظل ضعف وتهاون وإرتهان القرارالسياسي العراقي،وتخاذله أمام القوى الاجنبية ، ثورة التشرينيين حسمت الأمر وقالت كلمتها، أن لاتراجع بدون إصلاحات حقيقية ومواجهة حيتان الفساد، والتدخل الاجنبي بكل أشكاله، وماجرى في المحافظات الناصرية ذي قار والديوانية والمثنى والبصرة وبغداد، لهو جرس إنذار نهائي، للعملية السياسية والاحزاب المتنفذة، أن غضبة الشعب العراقي قادمة ،فإحذروا قبل فوات الاوان،فمن يتغطّى بلحاف الأجنبي بردان،مايجري في سنجار مثال على ضعف القرار السياسي العراقي،أمام التصريحات التركية – الايرانية، وترك قضية سنجار بلا حزم وحسم من قبل حكومة الكاظمي،سيعرض إتفاق سنجار الى الفشل، ويدخل سنجار في أتون الصراع التركي – الايراني، لابد من موقف حاسم ،أمام هكذا تصريحات تعقد المشهد هناك، وتفضي الى تدخلات تجعل من عودة النازحين الايزيديين والعرب، أمر مستحيل، وعملية الاعمار وفرض الأمن والإستقرارحلم لايتحقق، ويبقي قضية سنجار،في مهب الريح،لذلك الحلُّ في بغداد ،وليس لنقرة وطهران،ضعف بغداد سمح للطرفين من إطلاق التهديدات لبعضهما، وربما يفضي الى مواجهة عسكرية تنسف إتفاق سنجار ، وتجعله في خبر كان ، وهذا ماتريده، أجندة المصالح الإقليمية، وتعمل عليه ليل نهار، لأهداف ومصالح إستراتجية لها، مستخدمة الحرب بالإنابة،وهكذا هي حرب تصفيات على ارض العراق، يدفع ثمنها الأهالي فقط، وتسرّع بتقسيّم العراق،وسنجار ستكون مفتاح التقسيم،والسبب الصراع الاقليمي بين أنقرة وطهران هناك، فمن سينتصر،فإذا كان الرئيس أردوغان قد قرردخول سنجار، فإن المعركة قائمة لامحالة ،بين الفصائل الولائية والبككا ،وبين الجيش التركي، وعندما تنتظر الحكومة العراقية ،نتائج المعركة لأنها ليست معركتها، حتى تتفاوض مع جهة واحدة ،أما الآن فلا كلمة لها ،لأنها أضعف من أن تواجه ،لا أنقرة ولا طهران، ويبقى الصراع التركي – الإيراني قائماً، طالما بقيت البككا والفصائل الولائية ،تتحكمان بسنجار ومصيرها،حتى إشعار آخر…..!!!!