عندما يتلقى احد ما اول صفعة على وجهه يتأثر كثيرا ويفقد القليل من احترامه ومهابته اذا كان يملكهما , ومع تكرار الصفعات يتعود على ذلك ولا يتأثر كما يفقد احترامه كليا ويصبح موضع سخرية وتندر ويتطاول عليه كل من هب ودب .
المنظومة الأمنية في العراق تلقت صفعة جديدة تضاف الى سجلها الحافل بالصفعات من اغتيال بكواتم الصوت الى العجلات المفخخة ,والعبوات الناسفة التي طالت حتى قادة امنيين ومسؤلين سياسيين , الى عمليات هروب اوتهريب جماعية للسجناء شملت محافظات مختلفة حسب مبدأ المحاصصة ولم يسلم منها الا اقليم كردستان , ويبدوا ان الأرهابيين تعمدوا تهميش الأخوة الكرد , هذه الصفعة المدوية كانت اكثر ايلاماً كونها اسفرت عن هروب جماعي مخطط ومنظم لعتات المجرمين من سجن تسفيرات تكريت مع سيطرة تامة على السجن واسلحته وعجلاته وسجلاته, وبغض النظر عن نتائج هذه العمليات سواءً كانت ناجحة ام فاشلة ومع تكرار حدوثها فأنها افقدت الدولة والمنظومة الأمنية هيبتها ووجهت رسالة واضحة الى المواطن بأن الأجراءات الأمنية فاشلة , والمنظومة الأمنية مخترقة اِن لم تكن فاسدة .
لقد اصبح الوضع الأمني في العراق لايطاق فمنذ سقوط النظام الدكتاتوري والى الآن وبعد مرور اكثر من ثمان سنوات والأجهزة الأمنية عاجزة عن حماية المواطن بل وحتى حماية نفسها , حيث حصد الأرهاب من ارواح الأبرياء اكثر مما حصدت المقابر الجماعية التي يتباكى عليها الساسة المنشغلون بأزماتهم وصراعاتهم السياسية , فدولة القانون همها الوحيد تدعيم سلطتها وضمان بقاء رئيس الوزراء على هرم السلطة اطول فترة ممكنة , والقائمة العراقية هدفها الرئيسي اسقاط رئيس الوزراء, التيار الصدري لاشاغل له سوى قانون العفو العام وتحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين , اما التحالف الكردستاني فلا يعنيهم مايحدث في العراق او من يحكم العراق حتى لو كان من جزر الواق واق سوى ان يضمن لهم هذا الحاكم وضعهم الحالي وحصتهم من موارد البلد , حتى النشيد الوطني اشترطوا للموافقة عليه ان يضعوا بيت شعر باللغة الكردية في اي قصيدة سواءً كانت للجواهري او السياب او اي شاعر اخر حتى لو كان خضير هادي , المهم ان هذا البيت من الشعر يمثل 17% من القصيدة ومن يتحدث خلاف ذلك فأنه عنصري يهمش الكرد وتاريخهم , هذه عينة بسيطة للصراعات السياسية بين الكتل الكبيرة وقائمة المشاكل تطول .
الصراعات السياسية بيئة مثالية للفساد والأرهاب بسببها ابتعد قادة البلد عن بناء مؤسسات الدولة وبألأخص الأمنية منها بناءً سليماً يعتمد على المواطنة , وهذا ماسهل للعناصر المشبوهة والفاسدة واللامهنية التسلل والتغلغل داخل مفاصل هذه الأجهزة وهو ما اوصلنا الى هذه النتائج الكارثية .
المواطن يذبح يومياً وقاتله يعلم انه بمأمن من العقاب لأنه سوف يخرج من السجن اما بقرار عفو عام يصدر من السلطة التشريعية , او بقرار خاص يمنحه هو لنفسه ( هروب او تهريب ) .
كفى استخفافاً بالدم العراقي , نحن بحاجة الى مراجعة شاملة للوضع الأمني من هيكلية الأجهزة الى الخطط والأستراتيجية الأمنية والمعلومة الأستخبارية وكيفية التعامل معها , كما اننا نتطلع الى اعادة بناء منظومة امنية جديدة تعتمد الأساليب العلمية الحديثة بدلاً من الحواجز الكونكريتية الفاشلة والسيطرات الأمنية الساذجة , قوية تستمد قوتها من القانون , بعيدة عن التعسف , وطنية ولائها للعراق ليس لطائفة او قومية اوحزب تكون ملاذاً لجميع العراقيين .