23 نوفمبر، 2024 5:24 ص
Search
Close this search box.

الصراخ الصامت الصراخ الصامت

الصراخ الصامت الصراخ الصامت

قراءة في نص الكاتبة السورية الكبيرة فوزية اوزدمير(رهبة المصير)
جمالية السرد في النص

ينتمي هذا النص الى المدرسة السريالية بمنحى نظرية الادب للمجتمع وقد مزجت في سرياليتها المتجهة نحو الغموض بتغيير دفة الموقف بابداع مبهر نحو الترميز الوعظي فجاء نصها خليطا من المباشرة والسريالية والواقعية والرمزية…. فهي تكتب من منطقتها الواقعة من وراء القص وهذا الداب المتمكن من الخلط الابداعي لا يستطيعه الا مبدع متمرس ومستوعب من نسيج النص ، فقد تمكنت وبابداع منقطع النظير الى خلط تلك المسميات من المدارس الادبية في بودقة القص الحامية حين مزجت ثلاث مدارس في بودقة وعضية واحدة وتحت نظرية(الادب للمجتمع) …..والنص متخم بالمحسنات البديعية والاسلوب الادبيي الراقي ، فهو شيء يستحق الوقوف والتصفيق حتى تلتهب الاكف من كل اديب وناقد يقف على بحور هذا النص الذي يلف بقرطاس النقد اللاذع الوعظي للظواهر السلبية واللأخلاقية في المجتمع…..يظهر هذا النص تلك الكاتبة الكبيرة أوزدمير كراهب بزي امرأة……
تمهيد
وكأني اراها وهي تمسك عصا جرأتها الغليظة وتهزها بوجه الرجال وتقول لهم بعصبية كفي سخافة لقد اخزيتم فحولتكم وهدرتم دم الاستمتاع ونعمته الكبيرة حين شوهتم جمال الانوثة…
عظيم ان تعثر بوعي انثوي رقيق واع ….ومع ان الانثى نعمة الله وسره في الارض وهي التي تخلق التوازن عند جميع مخلوقات الله من انسان وحيوان ونبات ولو احترمت كما اراد لها خالقها لتغير شكل الكون تماما وصار حالنا افضل من هذا الحال ، ولكن جهلنا العميق لهذا الكائن العجيب يجعلنا تافهين في نظر الله والملائكة وسوف لا يبتسم في وجوهنا حتما حين لقياه ، يكفي اننا اهنا سره وعنفوان جماله في خلقة….
تحليل لأعمدة النص الاساسية
تعود هذه الانثى الاديبة الشاعرة الكاتبة الواعية المثقفة ان تبهرنا بتعمد وعناد ورأس مرفوع حين تأخذ دور عدسة تصوير ذكية خبأة تحت ملابس مصور بارع اختصت بتصوير الظواهر السلبية في معالم هذا المجتمع المهووس بالتخريب والعنجهية والفحولة الفائضة عن الحد المألوف الذي يصطف لمشاطرة الحيوان شبقة في فترة التكاثر …ذاك هم انتشر فينا حتى انسانا انسانيتنا ، و مرض اجتماعي ينخر في بنية جميع مجتمعات الارض بلا استثناء، لخصته عدستنا الانسانية اوزدمير في قولها :-
……..(كم هو فظيع الارتباط عقلياً وعاطفياً بشخص لا يكن لكَ إلا ما تَحملهُ من مُتعةٍ
وجمال من جسدك ؟ !
شبحٌ مُسنٌ أتى ليذكّرني بواقعي الأليم ، واقع روحي الشابة ، واليافعة التي تعيشُ في جسدٍ فان ، فهو لا يجعلكَ تحدّث نفسك فحسب ، بل يجعلكَ أيضاً
أكثر عناداً من الآخرين ، وحتى إذا كُنتَ قريباً من نقطة الانكسار ، قرباً خطيراً
فإنكَ لن تلتوي إلا بقدرٍ تريدهُ أنت .. لماذا لا يتركّنا وشأننا ؟ !!)………
ويذكرنا قولها هذا بمبدأ طفيلي قديم استخدمه العظماء من الادباء الكلاسيك مثل شكسبير وبن جونسون… ان الفضولية المفرطة الى حد الالتصاق وهو نوع من القراد يلتصق في جلد الجاموس parasite يعيش على امتصاص دمه ونوع من البعوض يعيش على طريقة هذا الطفيلي كما ان البعض منا يسلك هذا السلوك المجوج مع مخلوقات الله الناعمة ولا يرضى ان يحدث ذلك للأقربين فيه وهي ازدواجية غريبة تعيش فينا ، ان نرضى لأنفسنا ما لا نرضاه لغيرنا وهو مبدا شاذ اخر تعالجه شاعرتنا فوزية ازدمير حين تلقي صرختها الصامتة الاخرى و تقول :-
……..(هل يتغذون على تعاسات الآخرين ، ولا يحّبون رؤية أن ينخفض عدد البؤساء ؟
إن هؤلاء الأوغاد يتهافتون على العيون الشريفة ، ويرتمون عليها كالفراشِ على النار .
لقد أقسم أنه سيكفلني .. سيصونني ، ويحميني من كلّ هذه المخلوقات الساقطة مدى
الحياة !!! )………
ويستمر صراخها الصامت في مسامع المجتمع الخادر بالأنانية والرغبات الشخصية الجامحة كاحصنة سباق خاسرة فتصرخ:
……(_ تنتابكن الحسرة في زمنٍ ما زال للقيمِ السماويةِ مكان !! يثغثغُ مطرداً دون مبالاة ، بائسات .. تعيسات ، وكلّ ذلك من طيشكُن وقلة عقولكن ، ونفوسكن الضعيفة للمال .
طالما ترغبين بالاستقامة .. ما الذي يمنعكِ منها ، ولكِ نفس تواقة ؟
وإنّ كلّ شيء يدلُ على أنكِ لم تُفسدي تماماً بعد !!
وأنّ التوبة ما زالت مُمكنة ؟ فلماذا لا تحاولين أن تسلكي طريق الرشاد ؟
إنكِ تستطيعين .. ما زلتِ شابة ، فجربي !!
ظلّت الكلمات مُعلّقة في الهواء .. انتظرت هبوطها .. فضاقت عينها ثمّ اتّسعتا
على حين تلاشى ذلك الحّبور الأنثوي الطاغي وغير المشروط (مسحة انتفاضة في داخلها  ، فاغتصبت ابتسامة حّمق ومراء تمرّست عليها على أكمل وجه ، حتى لم يعُد فيها وجه للبلهِ)….
وتشير باصبعها هذه المرة نحو الانثى التي تعبث بنعم الله التي وهبها اياها حين منحها الامومة والانوثة والنعومة والرقة والجمال ، وهذه الصفات نعم من الله ان اجتمعن بمخلوق واحد سوف يبهر…وهن اجتمعن في الانثى عطية سماوية تستحق الحفاظ عليها ….ولم تحترم الاناث تلك الصفات فاهأنوا انفسهم وأرخصوها حين قذفت تلك النعم في حاويات القمامة  ، وهي صرخة وعظ اخرى تلقيها الرائعة اوزدمير في وجوه من رفسن نعم الله بأقدامهن وسرن في الطرق الوعرة المسدودة ، ذات الاتجاه الواحد تحت تصور انها طرق عمل شريفة لكسب الرزق….ولا يكسب الرزق لقاء الكرامة واهانة الذات و نعم الله وسره فينا ، وتعود تصرخ فيها خناجر الاسى التي تمزق دواخلها هما على هذا الطريق المقفر و المعبد بالخطيئة الملساء وتقول اوزدمير على لسانها:
…..(غطتْ وجهها بيديها مرتاعة ، وأعولتْ الريح بيأسٍ ، وكأنها تشهد أول مرّة في الحياة .. أنّ أغتصاباً يمكن أن ترتكبهُ لُقمة العيش أحياناً ، فالموت أشبه بحضور غائب محيّر !!!
هل تمكّنتُ أخيراً من استرعاء إنتباهك ؟
توقف مذهولاً وهو يحدّق فاغراً فاه ، فازداد خفقان قلبهُ ؟
إنها تقطعُ حبل الحياة لتنقضي ، وتضفرُ حبلاً سواه .. حبلاً قد يُعلقها على الحياة ، ولكنها تُضاجع جميع الرجال الذين ينثالون عليها ، ولا ثمار سوى
الدموع والصراخ بلا شفاه وكلمات في أذنٍ صماء ، وغداً يعتريها الظلام
وبحبلها السري تُشنق ؟!! .)……
تختم الكاتبة الكبيرة اوزدمير صراخها المكتوم في وجه من لا تعرف حتى هوية من يشتريها ….وحتى الشراء متعة تستحال عليها مسه…. فهي رخيصة …رخيصة جدا الى درجة انها تلفظ نفسها الاخير في طريق الموت بحبل سري… كما ولدت متمسكة فيه وحين ترحل ،نفسه يلفها و  يقر نهايتها ، تفتله بنفسها لتغتسل من ادران الخطيئة لخلق التوازن بين الخطأ والصواب لتكون حياتها ثمنا لتلك الخطيئة التي لا تملك ثمنا لها غير الحياة البائسة حين كان ثوابها  الاسى والدموع……
نص فلسفي عميق لكاتبة كبيرة عميقة ، اتعبني وامتعني في نفس الوقت…علني استطعت من فك جزءا من طلاسمه و سبر اغواره والابحار فيه والاقتصاص من الخطأ بسكين الصواب……. تحياتي للكاتبة الكبيرة اوزدمير ولجرأتها الوعظية…….
 
النص الاصلي
رهبة المصير
بقلم :فوزية اوزدمير

أخذت تتطلع إلى وجههِ بقلبٍ فزعٍ ، والكلمات تتردّد بحنجرتها بصوتٍ خفيضٍ
متهيب ، كأنها تخشى أن يمنعها من الكلام ، فتشعرُ بالغثيان .
كم هو فظيع الارتباط عقلياً وعاطفياً بشخص لا يكن لكَ إلا ما تَحملهُ من مُتعةٍ
وجمال من جسدك ؟ !
شبحٌ مُسنٌ أتى ليذكّرني بواقعي الأليم ، واقع روحي الشابة ، واليافعة التي تعيشُ في جسدٍ فان ، فهو لا يجعلكَ تحدّث نفسك فحسب ، بل يجعلكَ أيضاً
أكثر عناداً من الآخرين ، وحتى إذا كُنتَ قريباً من نقطة الانكسار ، قرباً خطيراً
فإنكَ لن تلتوي إلا بقدرٍ تريدهُ أنت .. لماذا لا يتركّنا وشأننا ؟ !!
هل يتغذون على تعاسات الآخرين ، ولا يحّبون رؤية أن ينخفض عدد البؤساء ؟
إن هؤلاء الأوغاد يتهافتون على العيون الشريفة ، ويرتمون عليها كالفراشِ على النار .
لقد أقسم أنه سيكفلني .. سيصونني ، ويحميني من كلّ هذه المخلوقات الساقطة مدى الحياة !!!
لم يكن وسيماً إجمالاً ، إلا أنه كان يتميّز بفتنةِ الأشخاص الواسعي المعرفة
خُصل رماديّة تتخلل شعره الكستنائي الكثيف ، وعينان خضراوان ثاقبتان ، وصوت خفيص رائع ، وابتسامة قوية وساحرة .. لطالما كان أصدقاءه يعتبرونه
جزءاً من لغزٍ ، يتجوّل حافي القدمين في منزلهِ الأسطوري الطراز ، يتذوّق
شراب الشوكولا الساخن .
فا غتريتُ بهذا .. وهل في ذلك من سوء ؟!!
_ تنتابكن الحسرة في زمنٍ ما زال للقيمِ السماويةِ مكان !! يثغثغُ مطرداً دون مبالاة ، بائسات .. تعيسات ، وكلّ ذلك من طيشكُن وقلة عقولكن ، ونفوسكن الضعيفة للمال .
طالما ترغبين بالاستقامة .. ما الذي يمنعكِ منها ، ولكِ نفس تواقة ؟
وإنّ كلّ شيء يدلُ على أنكِ لم تُفسدي تماماً بعد !!
وأنّ التوبة ما زالت مُمكنة ؟ فلماذا لا تحاولين أن تسلكي طريق الرشاد ؟
إنكِ تستطيعين .. ما زلتِ شابة ، فجربي !!
ظلّت الكلمات مُعلّقة في الهواء .. انتظرت هبوطها .. فضاقت عينها ثمّ اتّسعتا
على حين تلاشى ذلك الحّبور الأنثوي الطاغي وغير المشروط (مسحة انتفاضة في داخلها ) ، فاغتصبت ابتسامة حّمق ومراء تمرّست عليها على أكمل وجه ، حتى لم يعُد فيها وجه للبلهِ والحمق ، أو المراء!!
أحمرّ وجهي خجلاً ، ولم أجب عن هذا السؤال .. لكني لم أكن أعرف أنّ خجلي كان الرّد الذي كان ينتظرهُ ؟ !!
أمسكَ بيدي وفي غمرةِ هذه النشوة التي تملّكتني .. لم أستطع أن أتزحزح
من مكاني انثالَ عليّ !! بينما كانت نظراتهُ تنفذُ من خلال عينيهِ إلى دخيلةِ نفسي ، والدموع في عينيهِ ، وبهمهماتٍ يتنورها صوتٍ خافتٍ مرتعش
كانت أنفاسهُ الحارقة تغمرُ وجهي كلهُ وعنقي ، كالفراشاتِ العطاش
يبحثن في النيران عن قطراتِ ماء .
ما هي إلا ملحمة من الفاقة ، إلى الوازع الديني للنفوس الرافضة لحقيقة
الرضا والتصالح مع الذات .
كان يُستشف من موقف كلّ منهما تجاه الآخر كراهية شديدة الرهافة ، أشحتُ
بوجهي وأغمضتُ عينيّ، وأجهشتُ ببكاءٍ هستيري مُتقطع يختقُ صمت الجدران .
ألا تعرف ماذا أفعل لكسب رزقي ؟
تكلمت قليلاً وصكت وجهها كثيراً ، وعضت اليد وهي تَهمس لم أسفر عن شيء !! سوى رائحتهم الكريهة ، وملمس أيديهم ذات الجلد السميك ، كأنها حراشف سمكة ، أو جلد فيل ، وتأوهاتهم في غضارةِ ناهديّ ، يلهثون في وجهي المأجور بأبخرةِ الخمور .
لم يخرج الصوت من حنجرتها ، فكتمت تنهيدة ____ لقد جربت !!!
فما كان منهن إلا أن طردنني ، وراحوا يمطرونني بالإهانات .. زوجة حمقاء
غارت على رب الأسرة المتصابي .. مع أنني لا أكنّ له أيّ اهتمام .
لقد عانيتُ في حياتي من أشياء أشّدُ صعوبة في موضع الأرجاس من جسدي ، لترج وشوشة السكون .
كيف للمرء أن يلوم ؟
ومن الملوم وتلك أقدارٌ كُتبن على الجبين ؟ !!
فتحت عينيها على سعتهما وامتقعت .. صرخت .. هل سيظل غاصبيّ يطاردنني ، وتلفظني البيوت ؟ !
وهل سيقول هذا ما تستحقينهُ أيتها القذرة .. هل تشعرين بالخجل أيتها الدنيئة ؟ فيمضغني ثمّ يتجشؤني رُكام طين !!!
هل بإمكاني أن أستقيم ؟
لقد أسفرت تجربتي عن صفعٍ معنوي للذات ، وروحي كلها تغطت بالخدوش وحظي المنكود ، وترجّع صدى وشوشات كلمات في نفسي تدقُ مثل ناقوس
تمتلكُ أمثال هذه المُجتمعات ذخيرتها المعجمية العريضة التي تؤدي وظيفة السّهام اللفظية المنطلقة من أفواهِ المهرة ، من أرباب الكلام ، باتجاه المرأة الجميلة .
هذا عادي إذا كان المارق ، أو الآبق رجلاً ، فما بالك لو كان امرأة !!!
كيف للمرء أن يلوم الآخرين لأنهم لا يحترمونهُ ، إذا كان لم يكّن يعتبر نفسهُ جديراً بالِاحترام ؟
عدتُ من البداية مرّةً ثانية !!!
قد أكون هالكة في كلّ الأحوال .. لا فائدة لمن أُدين فيما أنا فيه ؟!!
هزّ كتفيهِ وبدا غير مهتم وقال : إنكِ لا تُدينِ لأحداً بشيء إلا لهُ ؟
ستنصلحين .. سيعينكِ الرب ما دمتِ تريدين .. إنكِ لا تدينين إلا لله !!
كانت تريد الادلاء باعتراف أمام فاسق شريف .. مقدود بحذقٍ شاحّب اللون
عيناهُ الحولاوان المحرورتان ، تتطلعان وتدوران بقلقٍ في محجريهما ، ولحيتهِ التيسية الرقيقة ، ترتعش مع شفتيهِ ، كخرقةٍ باهتةٍ مُهلهلة ، يسيرُ بخطواتٍ
واسعة مائلاً بجذعهِ إلى الأمام ، ذكوري الطابع بطرياركي الوعي والسلوك .
يهدفُ إلى السيطرة والإخضاع والاستغلال ، والتمويه بهدف دفع المارقين إلى منطقة الصمت ، أو حبسهم في مساحةِ الظلّ ، أو بقعة التهميش المرسومة لهم سلفاً بعناية ومكر فائقين .
غطتْ وجهها بيديها مرتاعة ، وأعولتْ الريح بيأسٍ ، وكأنها تشهد أول مرّة في الحياة .. أنّ أغتصاباً يمكن أن ترتكبهُ لُقمة العيش أحياناً ، فالموت أشبه بحضور غائب محيّر !!!
هل تمكّنتُ أخيراً من استرعاء إنتباهك ؟
توقف مذهولاً وهو يحدّق فاغراً فاه ، فازداد خفقان قلبهُ ؟
إنها تقطعُ حبل الحياة لتنقضي ، وتضفرُ حبلاً سواه .. حبلاً قد يُعلقها على الحياة ، ولكنها تُضاجع جميع الرجال الذين ينثالون عليها ، ولا ثمار سوى
الدموع والصراخ بلا شفاه وكلمات في أذنٍ صماء ، وغداً يعتريها الظلام
وبحبلها السري تُشنق ؟!! .

أحدث المقالات

أحدث المقالات