19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

ثمة قسمان من الرجال :

الأول : صادق اللهجة ، لا يحيد عن الالتزام بالحقيقية وإنْ كانت مُرّةَ المذاق ، وشديدةَ الوطأة على هذا أو ذاك ، ولا سيما اولئك الذين استحوذوا على المناصب العليا والمكاسب الكبرى …

وسرّ حفاظِهِ على الصدق أنَّ هدفه رضا ربه لا رضا الناس .

وَحَسْبُهُ أنْ يتمثل بما قاله الشاعر :

قصدي رضاك بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنا

فامننْ عليّ بذاكَ مِنْ قَبْلِ الفَنَا

فاذا رضيتَ فتلكَ غايةُ رغبتي

والقصْدُ كلُّ القصد بل كُلُّ المُنى

انّه عارف بانَّ الصدق لا يروق للكثيرين، ممن يمارسون ألوانا من الكذب والزيف والدجل والتضليل، وخصوصا سياسيّ الصدفة وَمَنْ لَفَّ لفهَّم، من المتعطشين للاثراء غير المشروع على حساب البائسين والمستضعفين، وأصحاب العشق الضاري للمناصب والسلطة والجاه …

وقد انتهى المطاف بالصادقين الى التعرض الى حملات ظالمة يشنها المأجورون من أتباع النفوذ …

وليتهم اذ يكتبون ما تُمليه أحقادُهم ونفوسهم المريضة يتجنبون ما لم يُنزل الله به من سلطان، مَنْ تخرصاتٍ ومحاولات بائسة للتسقيط السياسي والنيْل من نزاهة ووطنيةِ اولئك الروّاد الصادقين الذين لا يخافون في الله لومةَ لائم ..!!

ان الصادقين لا يتسترون على المفسدين ،

ولا يكتمون فشل الفاشلين ،

ولا يحجبون عن شعبهم وأهلهم حقيقةَ ما يجري في الدهاليز والكواليس …

وكلُّ ذلك يُعتبر من أعظم الاختراقات للخطوط الحمراء التي وضعها المحترفون السياسيون واخوانهم من الرضاعة .

وَحَسْبُ الصادقين أنْ يتمثلوا بقول الشاعر :

اذا رضيت عني كرامُ عشيرتي

فما زال غضباناً عليّ لئامُها

وترى عبيد الدنيا يُعاقبون الصادقين على نهجهم الوضّاء في تسمية الأشياء باسمائها دون لف ودوران …!!

يريدونهم أنْ يكونوا أمثالهم في العقوق والتعتيم على القضايا التي تنخلع لهولها القلوب ..!!

اننا هنا نؤكد على أهمية الصدق السياسي، حين تشتد الصراعات والأزمات، وتتضارب التوجهات بين المتصارعين السياسيين ، وتُنحر المبادئ من أجل المصالح .

الثاني :

مُداهِنٌ مراوِغٌ لا يُحسن الاّ فن الملق والتقرب الرخيص …

أقصى غاياتِهِ أنْ يُرضي كبار السلطويين وليكن بعد ذلك ما يكون.

إنّ ضميره في اجازة مفتوحة ..!!

وانّ لسانه معروض للاجارة ..!!

والخط البياني عنده شديدُ التذبذب ارتفاعاً وانحداراً تبعاً لمقتضيات ” البورصة” السياسية ..!!

وهذا النمط من المتزلفين والامعات يعتبرهم بعض الحمقى :

انهم يعرفون من أين تؤكل الكتف ..!!

انّ أكل السحت الحرام يعتبر من أكبر المثالب والمعائب فكيف اعتبروه من المناقب ؟

لابُدّ من التمييز بين هذين القسمين من الرجال ، وتقريب القسم الاول منهما وإبعاد الثاني، لأنَّ من يحيط نفسه بالمداهنين الانتهازيين لن يزداد من الله الاّ بُعدا ، ومن الناس الاّ مَقْتَا .

انهم يدفعون بأسيادهم نحو الاستبداد والاستئثار، ويزينون لهم التمرد على القوانين والموازين، وبالتالي فهم جراثيم فتّاكة في جسد الأمة ، وعناصر لا يصح الركون اليها على الاطلاق …

انّهم يكذبون ويكذبون حتى يُصدّقوا أنفسهم ..!!

تماماً كما كان (غوبلز) اللعين

والآن :

تأملوا في عاقبة الكاذبين على الله وعلى شعبهم وعلى أنفسهم … ومن أحاطوا أنفسهم بالكاذبين فأوصلوهم الى منحدر عميق ووادٍ رهيب سحيق وتأملوا في عاقبة الصادقين الذين ظلت رؤوسهم مرفوعة ينحني لها الناس إجلالا وتعظيماً .

[email protected]