في خطوة غير منتظرة ، تقدم الفريق النيابي للتيار الصدر ، كتلة الاحرار ، اليوم الخميس 12 تموز ، باقتراح قانون الى مجلس الرئاسة ، يحدد مدة الرئاسات الثلاث بدورتين فقط ، واضاف اقتراحا اخر بتحديد صلاحيات حكومة تصريف الاعمال ، حصريا بالأعمال الخدمية للمواطنين وحسب تصريح صحفي لرئيس الفريق ، بهاء الاعرجي ، اشار الى انهم جمعوا تواقيع مئة برلماني حتى اليوم ، بأمل الزيادة ، موضحا انهم سيحاولون ادراج هذا الاقتراح في الجلسات القريبة القادمة للبرلمان .
لقد اعتدنا ، ساسة ومواطنين ، على مواقف مثيرة للتيارالصدري في تناوله للشأن السياسي عامة وفي أزماته خصوصا ، كانت دائما مدعاة للجدل المتواصل ، وبدا ان الامر يتكرر في الازمة الراهنة …
في مقال سابق لنا حمل عنوان ( التيار الصدري..قطب الازمة والحل ) ، اشرنا بشيء من التفصيل الى ان الصدريين لعبوا واتقنوا ايضا فنون اللعبة السياسية في تعاطيهم للازمة الراهنة وفي كل مراحل التصعيد فيها والتهدئة ، وفي كل مرة تثبت التداعيات ذلك … وماحدث اليوم يندرج ضمن ذات السياق ايضا……
يوم الجمعة الماضية ، كان خطاب السيد مقتدى الصدر واضحا جدا فيما يتعلق بانشغالاته ازاء تفاصيل الازمة الراهنة وكان تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتين ضمن تلك الانشغالات ولم تمضي سوى ايام قليلة ، حتى تأكد ذلك باقتراح التيار الصدري اليوم ، موضوع هذه المقالة ….
الصدريون استجابوا بحذر مع تطورات مسارات الحل في الازمة وتصرفوا بطريقة خطوة مقابل خطوة… فكان الذهاب الى الاستجواب ..دون تأكيد سحب الثقة ( تصريح الكناني عضوكتلة احرار : نجري الاستجواب ثم نرى ..) ، مقابل تشكيل لجنة الاصلاح داخل التحالف الوطني … وعدم المشاركة بالاستجواب دون الرجوع عن تقديم الاربعين صوتا اذا جمع الاخرون مايلزم النصاب ، مقابل تسمية اعضاء اللجنة ووضع سقوف زمنية للاصلاحات …واليوم ينتقل التيار الصدري الى قضية تحديد الولاية بدورتين ..ليضع طريقته في اختبار حسن النوايا وللضغط ايضا باتجاه انجاز اصلاح حقيقي وسريع … او ..
** المرجح ان القانون سيمرر في البرلمان باعتبار حسابات المعارضة والموالاة..غير انه سيعتبر كذلك اول اختبار ديمقراطي حقيقي في معالجة الازمات ، كما ان المناقشات المصاحبة له والتصويت عليه سيمنح قدرة اضافية الى استشراف مدى جدية النوايا في تحقيق الاصلاحات المتفق عليها مع السيد المالكي خصوصا ، حين ذاك سيكون خيار مواصلة الية سحب الثقة من عدمها مرهونا بالتصورات الناتجة عن هذا الحراك….
** بافتراض ان اجراءات طلب سحب الثقة ستتواصل للسبب السابق اوغيره ، فان تشريع قانون تحديد ولاية رئاسة الوزراء بدورتين سيكون الملاذ الخير للقطع مع هذه الازمة جذريا بنهاية هذه الدورة التي لم يبق سوى اقل من عامين في عمرها.. باعتبار ان عملية التصويت على سحب الثقة لن تفلح في تحقيق النصاب القانوني اللازم….
** وفي حالة حصول النصاب القانوني وتم سحب الثقة ، فأن التيار الصدري ايضا تهيأ لاحتمال كهذا عن طريق ادراج اقتراح قانون جديد ( ذكرناه اعلاه ) يحدد بدقة صلاحيات حكومة تصريف الاعمال التي ستنشأ بالضرورة عن عملية سحب الثقة ، وحدد تلك الصلاحيات بالخدمية حصرا ……
** الخيار الاخير امام الحكومة يبقى هو مباشرة انجاز اصلاحات حقيقية دون تلكؤات وتسويفات لم تعد تنفع في المناورة على استحقاقات يتابعها الجميع وفي مقدمتهم التيار الصدري ، وقضية المئة يوم – سيئة الذكر – ماتزال ماثلة امام الجميع كنموذج سيء على استغفال الاخرين.. وينبغي للحكومة ان تتذكر دائما الحكمة التي تقول : ماكل مرّة تسلم الجرّة ….
مرة اخرى يثبت التيار الصدري انه الرقم الاصعب في معادلة التوازنات السياسية في الازمة والحل …والتجاوز على هذه الحقيقة ليس سوى عبث لن يسيء الا الى اللاعبين فيه …
ومضة
ليس ضروريا للمرء ان يكون صدريا كي يدرك بعض ذلك ……انها السياسة وثنايا التفاصيل فيها فقط.