اجد ان هنالك الضرورة حتمية الخوض والتطرق في تفاصيل العنوان لما يحمل بين طياته الكثير من المغالاطات عند البعض ، حيث لايمكن ان يكون تطابقا كاملا تاما ليس فيه نقص بين السيد الولي الشهيد محمد الصدر رضوان الله عليه بعنوانه مرجعا و وليا لامور المسلمين ، وبين وريثه الشرعي وي منهاجه السيد مقتدى الصدر اعزه الله كقائدا اسلاميا ومصلحا اجتماعيا وسياسا يريد للمجتمع الصلاح والاصلاح ، فما اوجه التشابه والاختلاف بما يتعلق بمنهجيتهما بلحاظ الاختلاف بين المرجعية والقيادة .
ينبغي ان نعرف اولا ان التشابه لايعني التطابق فكل معنى له استقلاله من حيث المفردة اصطلاحا ومضمونا ، وثانيا الاختلاف والخلاف لهما كما لسابقهما .
واذا ارنا ان نبرهن ونستدل بموجب قرائن استقرائية وان كانت ناقصة ولكن بقدر بقدر يعتد به ليرتقي ليكون كاملا وفق اللزوم ، يتطلب ان نضع منهج السيد الشهيد محمد الصدر امامنا لنرى هل ان السيد مقتدى الصدر سار على نهج مرجعه من حيث التطبيق والسلوك ام اختلف عنه .
حسب ما سمعت من قبل السيد الشهيد محمد الصدر شخصيا دون واسطة رضوان الله تعالى عليه ، ان منهج مرجعيته سيكون وفق امرين الاول قول الحق مهما كلف الثمن والثاني كسر قداسة المرجعية . وللتفاصيل اكثر في هذا الموضوع يمكن للقارىء الكريم الرجوع لبحثي المنشورعلى موقع صفحة كتابات بتاريخ 16-5-2023 بعنوان منهج المرجعية الدينية .. الولي السيد الشهيد محمد الصدر .. انموذجا .
كما يمكن الاجابة على هذا التساؤل وتفكيك الشبهة القائلة وفق عده مستويات ارى انها ترتقي لتكون جوابا يعتد به وفق قرأتي الشخصية ولكل مطلع ان يواقني الرأي من عدمه ، او نقل بوجود مستويات واوجه واراء اخرى عند البعض وهذا شيء طبيعي كل منا له قرائه الخاصة .
المستوى الاول :- المرتبة العلمية
يمكن الجزم في هذا المستوى بأن الاختلاف بينهم واضح حيث ان الشهيد الصدر تصدى لقيادة الجماهير وهو مرجعا ، وله متبنياته واراءه الفقهية اي ان جميع تحركاته حسب المباني الفقهية مستنده الى الاصالة ببراءه الذمه كونه مرجعا جامعا للشرائط حسب اراء اساتذته و الفضلاء فيه من طلبه البحث الخارج وحلقته الدراسية التي تبين عمق المباني في الفهم الدقيق لاستنباط احكامها الشرعية من ادلتها.
فضلا الى انه تبنى مبدأ ولاية الفقيه ، فأن لديه فتاوى بالحكم او الامر الولائي ، وهذه مرتبة علمية تفوق حد الاجتهاد من حيث الطاعة له ، فليس كل مجتهد هو مرجع وكذلك الحال ليس كل مرجع هو وليا للمسلمين ، لما للولي الفقيه من مساحة يتحرك فيها اتيحت له وفق الشارع المقدس ، كما ان لديه مساحة يمكن ان يشغلها بصفته وليا للامر المسلمين في ترجيح شؤونهم العامة والخاصة ، وفق مايراه في عصره وزمانه ان فيه مصلحة وان اختلف مع الاصول الثابته في التشريع ، وهذه المساحة عبرعنها سماحة السيد الشهيد الفيلسوف محمد باقر الصدر قدس سره الشريف بمساحة (الفراغ التشريعي ) (1) .
والتي في مختصرها تتيح له تحريم ما هو محلل وتحليل ما هو محرم زمانيا وليس اطلاقا ساريا وفق مايراه من مصالحا مقدمة للمجتمع لدرء المفسده المترتبة في عصره . حسب ما اورده الفقيه السيد كمال الحيدري دام الله عزه وبركاته في مباني بحث الخارح بتعارض الادلة بعلم الاصول (2)
وهذا الامر ليس موجودا عن السيد مقتدى الصدر فأنه ليس بالمرتبة العلمية التي يمكن مقارنتها بوالده من حيث الاجتهاد فضلا الى ولاية امر المسلمين ، الا ان هذا الفارق والتفاوت في المستوى العلمي وان نؤكده ونجزم ونقول به الا انه ليس بسبه او خلل او نقص كما يعبر او يريد ان يسوق البعض لذلك ..
فضلا ان السيد مقتدى الصدر مرارا وتكرارا يصرح بأنه ليس مجتهدا وهذا ما يجعله في دائرة التقليد والسير على نهج والده السيد الشهيد الولي الطاهر وهذا هو التشابه في عينه بالنسبله لسلوك نفس ذات المنهج .
ولكن هنالك مفارقة ممكن الاستدلال بها لتكون مصداقا لوجه التشابه بين المرجع الولي وبين القائد الكيس .
حيث ان السيد الشهيد محمد الصدر مجتهدا لم يعترض على اجتهاده ولم يتقول عليه احد ببنت شفه من جهة اجتماعية او مرجعية .
ولكن بمجرد ان قام السيد الشهيد محمد الصدر بالامر في قيادة الامة لخلاصها من الجهل والتخويف والاستخفاف وتصدى للعمل المرجعي نرى الدنيا قامت عليه ولم تقعد ، حيث شنت عليه حمله شعواء من قبل مؤسسات ومرجعيات طعنت فيه شخصيا وفي رتبته العلمية حيث وصل الحد بأن قيل بحقه انه ليس مجتهدا فكيف يتصدى للعمل المرجعي وقيادة الامة ؟ .
فضلا ان السيد الشهيد لم يقف مكتوف الايدي ويتلقى منهم الضربات ، واجه جبروتهم بقوه واخذ يخطوه خطوات ليست في حساباتهم ، لثقته بربه وبنفسة .
فأخذ يؤسس المحاكم الشرعية وحلقته الدراسية تسع وتكبر وابحاثة العلمية التي اثرت الوسط الحوزوي وبينت افتقارالغير للبحث ، فضلا تصديه لولاية الفقيه ، وهذا الامر يعني انه لم يبقي لمناوئيه اي فرصة للقضاء عليه . فكان قائدا محنكا ، وسياسا كيسا ، ومرجعا ناطقا ، و وليا للحق طالبا .
وكذلك الحال في التشابه نجد ان السيد مقتدى الصدر بمجرد تصديه للقيادة تم محاربته من ذات الجهة التي حاربت مرجعية والده ، حيث اثبت على مدار تلك السنين التي مضت انه قائد لايشق له غبار وصامدا رغم الجمع الذي عليه دار ، فحيكت ضده المؤمرات والدسائس لثنيه عما ماهو قائم عليه فلم يثنية ذلك حيث وصل الامر الى اغتياله شخصيا بعد فشلهم في اغتيالة معنويا .
فهذه القيادة هي ثمره تلك المرجعية التي اسسها وكانت احدى اهم متبنياتها الفكرية في قيادة الامة في العراق دون لبس في قراءه النص ، حيث قال السيد الشهيد محمد الصدر الولي الفقيه في احد اللقاءت المسجله باصورة والصوت ما نصه ( يحتاج الشعب العراقي الى قيادة لاتمثل التقليد ، يقلدون شخص ويأتمرون بشخص اخر ، بعنوان الوكاله او باي عنوان اخر ، الشيعة والحوزة لاتكون بدون ترتيب ، واذا لم ترتب تقع بايدي طلاب دنيا بشكل من الاشكال على اية حال ، فتوخيا لدفع امثال هذه النتائج المؤسفة والمزعجة ،ينبغي ايجاد قيادة دينية في داخل الحوزة لاجل التفاف الناس حولها . ) (3)
فما يتقولون به البعض او ممن يريدون النيل من هذه القيادة بحملاتهم ان السيد مقتدى الصدر ليس له غطاء ديني وانه يخالف منهجية مرجعية والده الشهيد !!
نقول ان السيد مقتدى الصدر عمل على ترجمة ما قاله السيد الشهيد وخلق قيادة اقل ما يقال عنها انها ارعبت خصومها ، ونجاحاتها انها لم تندثر لغاية الان رغم تكالب الاعداء واجتماعهم عليها .
اثبتت هذه القياده بعدها الاستراتيجي في قراءة وتحليل الواقع المتغير وعملت على فن المتغير مع ثبات المواقف وهذه الخاصية لايمكن الجمع فيها الا من كان له نظرة ثاقبه في متبنياته وله بعدا راسخا في مبادئه حيث لا يتلون على حساب متبنياته الفكرية وعقائدية وثوابته الدينة الشرعية .
فيمكن القول ان قيادة السيد مقتدى الصدر اثبتت قولا وفعلا انها في فلك مرجعية الشهيد الصدر وتسير على خطى نهجه وان اختلفت الرتبة العلمية هذا لايقلل من شأن وجودها وتأثيرها في جماهير الشعب العراقي حتى اصبحت واقعا لايمكن حجبه ، ورقما اوحدا لايمكن تجزئته ، وندا صعبا يصعب مجاراته ولو اجتمعوا عليه .
وهذا ما كان يريده المرجع السيد الشهيد محمد الصدر وطبقة القائد السيد مقتدى الصدر . فاختلافهما في الرتبة تشابه بحد ذاته في المطالب وهذه هي قوة القيادة لدعم المرجعية لديمومة النهج المرجعي وما وثيقة العهد الا ترسيخ لنهج وخط الشهيدين الصدرين رضوان الله عليهم .
المستوى الثاني :- التاثير الداخلي والخارجي
واعني به من داخل الحوزه وخارجها من عصابه سلطة البعث الحاكم حينها ، مما لايخفى على كل مطلع عاصر فترة السيد الشهيد محمد الصدر ، وما عاناه من حرب شعواء شنت عليه وعلى مرجعيته من الاوساط الحوزوية تحديدا في داخل العراق وخارجة ومن سلطة البعث المجرم.
فنرى تكالب قوى التاثيرين الداخلي والخارجي وتوحيد هدفهم من اجل الحد والقضاء للتخلص من ظاهرة انتشار رقعة التاييد الجماهيري والشعبي للمولى المقدس محمد الصدر كونه اخذ بزمام الامور في العراق واصبح المرجع الاقوى نفوذا وسلطة مستندا بذلك على ثقته بالله اولا وبالجماهير التي امنت به وبمشروعة ثانيا ، ليكون صاحب اكبر قاعده جماهرية في العراق هددت عرش سلطة البعث الكافر فضلا عن بعض رجالات الوسط الحوزوي
واستطيع القول او الجزم بأن السيد الشهيد كان قادرا على سحق خصومه وافشال كل مخططاتهم لما امتلك من قوه تمكنه من ذلك ، الا انه رفض هذا النهج كي لايكون انتصاره فيه جنبه شخصية ، اراد ان يكون له اسوه حسنه بجده امير المؤمنين علي ع عندما سكت وضحى بحقه من اجل الاسلام ككل دون الاكتراث والنظر الى المصالح الدنيوية .
رغم علمه انه سوف تتحد وتتكالب عليه ازلام عصابه سلطة البعث مع بعض المتصدين للعمل الحوزوي ، وكان متيقنا انه سوف يقتل ويستشهد في هذا الطريق . فنرى منه ثبات الموقف ورباطة الجأش التي تمتع بها في وقت قل فيه النظير نراه يسطر اروع ملاحم البطولة والفداء والايثار والتضحية من اجل المجتمع العراقي ككل فقدم دمة الطاهر حفاظا على لحمة الدين والمذهب ليلاقي ربه مضرجا بدمة يشكوه من غدر الغادرين ليكون الخصم حينها جده رسول الله ص واله الطاهرين ليلتحق بقافلة العشق الالهي ويكون في صف الشهداء وفي رحاب ابيه الحسين الشهيد ع .
فهذا التأثير لم ينتهي فنرى اليوم ان نفس العناوين وان اختلف بعض شخوصها الا انها تمارس الدور نفسه مع السيد القائد مقتدى الصدر نتيجة ان الولد رفع راية الاب وسار بها نحو ذات النهج لتطبيق المنهاج الذي خطة سماحة السيد الشهيد الصدر بدمة الطاهر .
فنرى ونلاحظ ان التشابه موجود ما حصل على الصدر المرجع يحصل الان على الصدر القائد ، وهذا ما يثبت حقيقة واحقية الطريق الذي انتهجة محمد الصدر المرجع الولي وسار عليه مقتدى الصدر القائد ، فهذا هو طريق الحق الذي يكرهه الاكثرون .
المستوى الثالث :- عامل الزمان والمكان
من البديهي والمسلم به ان يكون هنالك اختلاف ولاتطابق بين منهج تحركات السيد الشهيد محمد الصدر وبين ما ينتهجة السيد مقتدى الصدر من حيث ما هو تطابق مطلق ، اما من حيث المضامين فألتطابق موجود نتيجة اختلاف زمانينهما ومكانهما .
هنا يمكن حمل القائلين على الاختلاف على محملين الاول حسن النية والاخر سوء النية ، ويمكن بيان ذلك في ما يتعلق من يشكل بحسن نية هو نتيجة انه وقع في شبهة بوجود تعارض بين الصدر المرجع والصدر القائد .
حيث لم يتم مراعاة عامل الزمان والمكان ، فمن الطبيعي جدا ان يكون هنالك تفاوت في تقديم الرؤى واتخاذ القرارات لما ترتأي اليه المصلحة العامة للمجتمع .
فزمان السيد الشهيد مختلف جدا عن زمان السيد مقتدى الصدر ، ولا يمكن القول بفرض المحال لو كان محمد الصدر موجود في زماننا هذا لكان شيء مختلف !؟ وهذه ايضا مغالطة يراد منها ايهام العامة بلحاظ عدم تحقق البعد الرابع ليكون حاظرا .
ويمكن القول بالزمان هي العوامل والمؤثرات المكانية وما احاط ابعاد الوجود من فواعل على ارض الواقع في تحديد وتقيد وتحيد لما يراد عمله او اتخاذ قراره فكل هذه العوامل تضع في الحسبان من قبل صاحب القرار ومن الطبيعي جدا فتره زمان السيد الشهيد محمد الصدر رضوان الله تعالى عليه تختلف شكلا ومضومنا عن فتره زمان السيد مقتدى الصدر اعزه الله .
اما في ما يتعلق بسوء النية ، فهنا يكون الامر جليا وواضحا ولا يحتاج للبرهنه لبيان المطلب وتقديم المصداق من اجل معرفة المفهوم ، حيث ان اصحاب سوء النية يعرفون انه اشكالهم مردود عليهم ولكن يحاولن ايقاع العامة من الناس بسوق الشبهات ، فهم على دراية بفارق الزمن لايمكن المقارنة اطلاقا لانها علميا واصوليا ومنطقيا تعد مقارنه باطله وغير صحيحة .
وخير دليل على هذا القول هو سياسة رسول الله ص واله الطاهرين اختلف عنها الامام علي ع وكذلك الائمة سلام الله عليهم اجمعين منهجيتهم وسياستهم تختلف من امام لاخر ، وهذا مثبت في الروايات المسنده والمحققه والاحاديث الصادره منهم عليهم السلام في الاختلاف كثيره جدا نتيجة اختلاف الزمان والمكان ، ولمن يريد التحقق اكثر عليه مراجعة سيره الائمه سلام الله عليهم ليرى الكم الهائل من الاختلاف في ما بين فترات توليهم لادارة شؤون الامة .
فهنا يمكن القول ان هذا الاختلاف هو عين التشابه لديمومة الحركة والفاعلية في منهجيهما نتيجة اختلاف عامل الزمان والمكان وهذه نتيجة طبيعية ومستحسنة تثبت ان كلا الشخصين واقصد بهم المرجع والقائد لديهم بعدا ذهنيا ونظرة ثاقبه وفكرمتقد وعقل متجدد يؤثر على قراراتهم ويؤخذ بالحسبان عامل الزمان والمكان فمن خلالهما يحدد ما ينفع الامة والشعب بما يخدم ويصب بالمصلحة العامة .
المستوى الرابع :- البعد الاجتماعي والسياسي
مما لاشك فيه ان البعد الاجتماعي والسياسي واثارهما كانا لهما دورا اساسيا في فكر وتحركات وتوجهات السيد الشهيد محمد الصدر ، نتيجة الحروب و الحصار الذي فرض على العراق ، جراء السياسات الهوجاء من قبل عصابة البعث المقبور في حينها ، فبما ان النتائج مرهونه بمقدماتها كذلك الحال في ما يتعلق بقرارت السيد الشهيد تؤخذ بنظر الاعتبار مقدمات الواقع الاجتماعي والسياسي ، فكان مدار التحرك اشبه بالمستحيل لما كانت تعانية الحوزة العلمية من ضعف ، الا ان حنكة ودراية ومناورة السيد الشهيد الصدر كانت لها اليد الطولى في ذلك وهذا واضح جدا وقد نراه جليا واثاره شهدها كل باحث ومتابع ومهتم ، فأن قراراته وتحركاته وفتاويه كانت منسجمة مع البعدين الاجتماعي والسياسي وقد عالج فيهما مشاكل المجتمع حينها.
لذا قال بولاية الفقية لمرجعيته وزعامته الدينية ولهذا القول له ابعاد على عده مستويات ولم يكتفي فقط بالجانب الفقهي ، لما للجانب الاجتماعي ارتباط عقائدي ديني مباشر ومن جهة ، ومن جهة اخرى اقتصاديا وسياسيا ، فولاية الامر اعطت له المساحة الكافية للتحرك وفق( نظرية الفراغ التشريعي) للشهيد محمد باقر الصدر(4) ضمن الثابت في الاحكام التي يؤمن بها وبأثارها وللتحرر من القيود التي اراد البعض تقيده بها .
فهنالك قول بان الاسلام ثابت والحياة في تطور مستندين على عده روايات وقراءات بأعتبار ان الحلال حلال الى يوم القيامة والحرام حرام الى يوم القيامة . وهذا صحيح ضمن الصادر الاول في العناوين الاولية والثابته في التشريع المستمر.
حيث صنف علم الاصول الاحكام الى قسمين احكام ثابته واحكام متحركة ولكلا القسمين تتفرع منهم فروع عده وعناوين اخرى يجب مراعاتها كالعنوان الاولي للحكمين ، والعنوان الثانوني او نقل العنوان الثانوني للثاني وغيرها من الاحكام والتشريعات التي يجب ان تواكب احتياجات المجتمع فضلا الى قراءه المشاهد السياسية وما الدور المترتب على ولي الامر ان يصدره .
لذا انبرى سماحة الفيلسوف السيد الشهيد الصدر الاول محمد باقر الصدر في كتابه الاسلام يقود الحياة (5) الى ما نصه ( ان الاسلام قادرعلى قيادة الحياة وتنظيمها ضمن اطر الحية دائما : ذلك ان الاقتصاد الاسلامي تمثله احكام الاسلام في الثروة وهذه الاحكام تشتمل على قسمين من العناصر :
احدهما العناصر الثابتة : وهي الاحكام المنصوصة في الكتاب والسنه في ما يتصل بالحياة الاقتصادية
والاخر العناصر المرنة والمتحركة : وهي تلك العناصر التي تستمد – على ضوء طبيعة المرحلة في كل ظرف – من المؤشرات الاسلامية العامة التي تدخل في نطاق العناصر الثابتة .
حسب اعتقادي وقرائتي الشخصية ان السيد الشهيد محمد الصدر استفاد من ترجمته لهذه النظرية التي تتيح له ان يتحرك وفق ما يراه مناسب على المستوى الاجتماعي او الاقتصادي وحتى السياسي .
والشروط الواجبة ايجادها باي مجتهد جامع للشرائط في عملية استنباط العناصر المتحركة من المؤشرات الاسلامية العامة تتطلب ما يلي حسب قول السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه .
اولا – فهما اسلاميا واعيا للعناصر الثابتة وادراكا معمقا لمؤشرات ودلالاتها العامة .
ثانيا – استيعابا شاملا لطبيعة المرحلة وشروطها الاقتصادية ، ودراسة دقيقة للاهداف التي تحددها المؤشرات العامة وللاساليب التي تتكفل بتحقيقها .
ثالثا – فهما فقهيا قانونيا لحدود صلاحيات الحاكم الشرعي – ولي الامر – والحصول على صيغ تشريعية تجسد تلك العناصر المتحركة في اطار صلاحيات الحاكم الشرعي وحدود ولايته الممنوحة له .
لو تمعنا جيدا في ما ورد في النقاط الثلاثة نجد ان الحاكم الشرعي له من الصلاحيات ما تفوق وجوده الحالي وعمله ما هو عليه الان ، وانه مبتعد كل البعد عن الدور الذي خط له ولم يمارسة ، وهذا ما يتوجب ان تكون هنالك قيادة تقود المجتمع وان كان ليس مرجعا ، في حال لم ياخذ المرجع دورة في قيادة المجتمع بما انه يمثل الاسلام وليس شخصة .
تعليقا على ما جاء في النقطة الاولى من التركيز على فهم ووعي للعناصر الثابته وادراكها ادراك معمق والخوض في مؤشراتها ودلالاتها العامة ، اي ان الشارع المقدس اتاح للمتصدي لولاية الامر ان يكون له القرار والرؤية حتى في الاحكام الثابتة وان خالفها في ما يخدم المصلحة العامة مؤقتا وليس ساريا ، حتى يصل الامر الى تحريم حلال والعكس .
وفيما يتعلق بالنقطة الثانية على المتصدي لولاية الامر ان يكون مستوعبا لواقع المرحلة التي يعيشها وياخذ بنظر الاعتبار الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وما يتطلبة الموقف السياسي للبلد في ما يخدم مصلحة الشعب ككل ، ولايتعلق البحث فقط بالاحكام الفقهية بل تتعدى ذلك وان يكون شاملا لطبيعة المرحلة .
وما ححدته النقطة الثالثة في فهما قانونيا فقهيا لصلاحيات الحاكم الشرعي من اجل الحصول على صيغ تشريعية تجسد مساحة سلطته التشريعية في العناصر المتحركة ضمن حدود ولايته .
فهذا هو الفرق بين النهج الذي كان عليه السيد الشهيد الاول محمد باقر الصدر المؤسس لهذا النهج ، فسارعليه السيد الشهيد الثاني محمد الصدر الممنهج ،والذي ترجمة واقعا فعليا في القيادة والمترجم حاليا الصدر الثالث السيد مقتدى ، وبين النهج الاخر السكوتي الصنمي ، الذي صنفه وعبر عنه سماحة المولى السيد الشهيد الثاني بمصطلح الحوزة الناطة والحوزة الصامتة .
وتاريخيا هنالك شواهد كثيره لقادة اسلاميين قادوا حركات من اجل الاصلاح ودفع الفساد يمكن الاستفادة منها تحقيا ومصداقا لمشروعية تحركهم رغم انهم لايمتلكون الدرجات العلمية التي تتيح لهم التحرك كما يعبر البعض ، فضلا ان تحركاتهم حققت للمذهب النصره والرفعة وكسبت تأييد من قبل الائمة المعصومين في عصرهم .
كحركة زيد بن علي والمختار وحسين الخير رضوان الله عليهم اجمعين ، وغيرهم من القاده الذين استطاعوا بكياستهم وشجاعتهم ان يكون لهم البصمة والحضور المشرف على الساحة الاجتماعية والسياسية وحتى الدينية .
فما نراه من مواقف للسيد القائد مقتدى الصدر لغاية الان منذ تولية القيادة لم يتجاوز الحدود الثابته تشريعا ولا حتى المتحركه منها ، ولم يأتي بفاحشه مبينه ولم يثبت سعيه بأن قيادته ممكن ان تحدث ضلالا اجتماعيا ، بل نجد العكس من ذلك وفق لكل مطلع نجد فيه الكياسه والدراية والحنكة والشجاعة في اتخاذ القرارات الناجعة والصائبة التي تصب في مصلحة الدين والمذهب وافراد الشعب عامة . وهذا ما يجعل منه قائدا كيسا سائرا على نهج خطى مرجعية الولي الطاهر .
المستوى الخامس :- الفواعل الاقليمة والدولية .
لم يقتصر منهج السيد الشهيد الولي محمد الصدر على الفاعل الداخلي فتعدى ذلك ليشمل الجانب الاقليمي والدولي وحدد اسس التعامل وفق المتبنيات العامة بما يصب في مصلحة الدين والمذهب ، والخاصة بما ينسجم في تطلعات الصالح العام للشعب العراقي بجميع مكوناته واطيافة . فكان للفاعل الاقليمي والدولي دورا بارزا في معاداة تلك المرجعية كونها شكلت خطرا عليهم ، لما حدد من ثوابت في تحديد اطر التعامل مع المحيط الاقليمي والدولي فنراى انه تقرب بمقدار يعتد به من دول وحدد موقفا معادي من دول اخرى ، وصرح بذلك علانية دون وجل او خوف ، وخير شاهد ما قاله كلا لامريكا واسرائيل ومن يؤيد سياستهم وهذا اعلان منه برفضهم ورفض التطبيع معهم فكانت هذه نظرة ثاقبة منه وقراءه مستقبلية في بعده الامدي لما سوف تؤول اليه امور المسلمين ، لذا حدد ووضع المسارات لمنهاجة باعتباره انه في فلك المشروع الالهي العادل الذي يتعدى كل تلك الحدود وانه من الممهدين لدولة الحق المطق وفق الاطروحة الالهية العادلة الحاكمة للبشرية اجمع .
واذا تطلعنا اليوم نجد ان قيادة السيد مقتدى الصدر هي الامتداد للمشروع الذي كان يطلبه السيد الشهيد ، واذا اردنا ان نعطي صورة اجمالية عن جملة تحركات السيد مقتدى الصدر يمكن القول انه استطاع من مزاحمة الكبار واحراجهم في ادارة شؤون العراق واخذ بعدا اقليميا ودوليا ، ولم ينكسر رغم تكالب الضباع عليه .
فعرف متى يهادن ومن اين يهجم ، ومتى يصمت واي قول يصرح ، ومتى ينسحب وفي اي وقت يكتسح الميدان ، ومتى يعادي واي منهم يقرب . جل هذه المفارقات التي يصفها البعض ما هي الا دراية وكياسه منه وتمسك بخط منهاج السيد الشهيد المرجع الولي ليكون هو القائد الكيس الذي على العهد باقيا وللنهج الصدري صائنا وعن العراق مدافعا وللحرمات محافظا وللعداء والفاسدين محاربا وللاصلاح والصلاح طالبا .
فكما اجتمع الفاعل الاقليمي والدولي للاطاحة بالسيد الشهيد نرى ذات التشابه والتامرعلى قيادة السيد مقتدى الصدر من دول اقليمية ودولية ، وهذا مايثبت بالدليل القاطع تمثيله الحق لذات النهج المبارك والامتداد الحقيقي لمرجعية السيد الشهيد محمد الصدر رضوان الله تعالى عليه .
المصادر
1-الاسلام يقود الحياة – الطبعة الاولى 2012العارف للمطبوعات بيروت ص 41 – االسيد الامام الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف .
2- دروس البحث الخارج – علم الاصول تعارض الادلة الدرس 28 – 29 للعلامة الفقيه ايه الله العظمى السيد كمال الحيدري دام عزه
3- لقاء السيد الشهيد محمد الصدر المرئي المسجل بعنوان جواز القيادة الاجتماعية لغير المجتهد
4- الاسلام يقود الحياة ص 58 – االسيد الامام الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف .
5- الاسلام يقود الحياة ص 43 – االسيد الامام الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف .