بعد الخطاب الذي ادلى به السيد ((مقتدى الصدر )) للشعب العراقي لتبرير قراره في اعتزال الحياة السياسية العراقية، وشنه واعلانه في هذا الخطاب ل((ثورة علنية)) لالبس فيها على حكم الفاشل نوري المالكي وحزبه الفاسد لم يبقى اي حيز او مكان لاجتهادات سياسية طرحت في اليومين السابقين لقراءة اسباب ودوافع موقف السيد الصدرواعلانه لاعتزال الحياة السياسية في العراق !!.
فقد أوضح سماحة السيد مقتدى بأن سبب ودافع اعلانه لهذا الانسحاب من العملية السياسية العراقية القائمة هو(( هذا الفساد وهذه الضمائر التي ماتت وهذا الدجل ، الذي جاء ممتطيا اسم الدعوة الى الله وحزبها قبل ان يصبح دعوة الى الشيطان وعبادة الانا والفساد وتشويه الاسلام وتشيعه النقي !!.
كما اوضح سماحة السيد مقتدى ايضا: بان سبب اعتزاله لحياة السياسة هو هذا الحكم الذي استغفل العراقيين باسم تاريخ الجهاد، والتضحية ومقارعة الدكتاتورية من جهة، وامل صناعة الدولة والقانون والحكم الرشيد … من جانب اخر ، واذا به يتحول يوما بعد يوم الى حكم العصابة وحكم الفشل وحكم الوصولية ، واللصوصية وحكم القتل وصناعة الازمات ، وحكم بيع العراق للمشاريع السياسيةالدنيئة وحكم الدماروالانقسام الوطني والمجتمعي العراقي وحكم الثلة التي تحولت بين ليلة وضحاها من( جند مجندة لخدمة الاسلام) الى جندمجندة لخدمة المصالح الانية والمنافع والتوجهات الحزبية لاغير )) !!.
وهكذا حال سياسية في عراق ما بعد دكتاتورية صدام حسين من الطبيعي ان لا يستمر بالمشاركة معها السيد مقتدى الصدر (( وامثاله من اصحاب الضمائر الفطرية العراقية النظيفة المتبقية التي ينبغي ان تعلن ثورتها على الوضع السياسي الفاسد ، واعلان انسحابها هي الاخرى من حكومة حزب الدعوة الفاسدة ))، فليس من الممكن استمرار اي شريف عراقي فضلا عن السيد مقتدى الصدر، وهوالمنتمي لبيت المرجعية الدينية ، في حكومة كان يأمل باصلاحهامن الداخل ولكنه وبعدتجربة مريرة وطويلة ايقن ان فسادها وصل الى العظم ولايمكن ان يُزال خبثهاومرضها الا باعلان ثورة تغييرية شاملة تقتلعها من الجذور لتؤسس من جديد ، لعملية سياسية تليق بالشعب العراقي وتضحياته وكرامته وتطلعاته الانسانية المشروعة !!.
نعم اعلن الثورة السيد الصدر على (حكم) الدعوة الفاسد والطائفي وصانع الازمات ، والمتاجر بارواح العراقيين في سبيل استمراره بالسلطة والحكم واعلن(موقفه العملي كذالك)من خلال انسحابه وكتلته الحكومية والبرلمانية من هذا الحكم ، الذي شكل عارا زمن حكمه لدورتين متتاليتين على التشيع والاسلام وحكم رجاله في العراق ما بعد الدكتاتورية !!.
الا انه ((السيد مقتدى)) بقي عراقيا نظاميا محافظا على التجربة السياسية العراقية الجديدة ، عندما دعى جميع العراقيين للمشاركة الايجابية والفعالة في الانتخابات المقبلة، ليتم اسقاط الفاسدين من خلال القانون والديمقراطية والمؤسسات داخل الدولة وارادة الشعب لاغير وان لا ينجرّالشعب العراقي للمغامرة بالديمقراطية او الاطاحة بها ((كما حصل في مصر )) من خلال ثورة فوضوية ، او انقلاب عسكري في سبيل التخلص من الفساد والظلم والفاشلين !!.
وهنا تبقى الكرة التي قذفها السيد مقتدى الصدر في ملعب الشعب العراقي وارادته ليصنع (هو) التغيير المنتظر قبل ان تغادر عقارب الزمن الفرص الممنوحة لهذا الشعب في اصلاح امره ، وليجتث (هو) الفاسدين وحكمهم وليحافظ (هو) على تجربته السياسية الديمقراطية ، ويضخ لها دماءا جديدة تصلح من مساراتها ، التي افسدها حزب الشيطان واوليائه الذين يحاولون اليوم (ان يصادروا هذه التجربة الديمقراطية العراقية من خلال مخططاتهم الاجرامية الشيطانية، التي تدفع بالعراقيين للكفر بكل ماهو ديمقراطي وحر وعراقي وكريم من خلال افتعالهم للازمات والقتل المبرمج واليومي لهم ) ليقولوا في النهاية للعراقيين جميعا هذا ما جنته وجلبته الديمقراطية لكم !!.
ان من اهم الدروس التي ينبغي ان نقراها وان لاتغيب عن بالنا من خطاب الصدر ، ومن اعلانه اعتزال الحياة السياسية ، وارتدادات وانعكاسات هذا القرار هي :
اولا :انه اطلق الشرارة الثورية التغييرية الديمقراطية الداخلية للعراق اليوم وقبل الانتخابات النيابية المصيرية المقبلة ليقلب للعراقيين الارض العراقية السياسية وليهيئها لبذر بذورجديدة لتورق وتنبت براعم حياة سياسية جديدة ومختلفة عن ماهو قائم من حكم حزبي فئوي طائفي عقيم .
ثانيا:من خلال دعوة الصدر لانسحاب نوابه ووزرائه واعلان البراءة ممن يبقى داخل الحكم ومجلس النواب اطلق الصدر ايضا ((الصدمة الكهربية)) الضرورية التي ستساهم في(( افراغ دولة وحكم الفساد )) من الداخل حتى تصل بها الى الشلل التام من جهة، وتساهم ايضا في خلخلة وتفكيك اركان حكم الفساد القائم ليسهل الاطاحة به(بدون ارتدادات كبيرة) في الانتخابات المقبلة من جانب اخر .
ثالثا : يبدو ان السيد مقتدى الصدر ومن خلال خطابه هذا وسلوكه الجريئ على صناعة الفعل السياسي داخل العراق لم يزل هو الرجل الوحيد فعلا الذي يتمكن في السياسة العراقية مابعدالاطاحة بدكتاتورية حزب البعث من صناعة((الصدمات)) الاستباقية التي بامكانها ان تغيرمن معادلات السياسة العراقية القائمة التي عادتًا ما تميل للتكلس والجمودوالموت البطييئ !!.
ولهذا اثبت السيد الصدرمن جديد انه الرجل الوحيد الحرّاليوم امام مغريات السياسة العراقية القائمة ، وان هذه المغريات السياسية العراقية بكل فسادها ولصوصها ، الذين يسمحون بفعل الافاعيل من دون رقيب ، او حسيب لم تستطع ان تعتقل روح المغامرة والتمرد الموجوده داخل الصدر ، او روح التملص من اغلال مفاتن السلطة وادمانها ، وعلى هذا الاساس جاء اعلان الصدر بتنحيه عن العمل السياسي وسحب نوابه من الحكم القائم ليؤكد ان روح التحرر(التي يفتقد لها جميع السياسيين العراقيين اليوم سواء الداخلين بالسلطة ، او الخارجين عنها ) الموجوده في السيد الصدر لم تزل نابضة بالحياة وانها قادرة على اعلان التمرد امام مغريات فسادالسلطة في العراق !!.
رابعا : ربما يمكننا ان نقرأ اعلان السيد الصدروخطابه الثوري اليوم على انه ((قلب للطاولة على رؤوس)) كل من راهن على بقاء الوضع السياسي العراقي على ماهو عليه ، او من يحاول الترويج مبكرا لبقاء الوضع على ماهو عليه !!.
بمعنى: ان من بدأ يروج لولاية ثالثة لنوري المالكي وحزبه الحاكم ليستمر الفساد والفوضى والارهاب والدمار …. على ماهو عليه في العراق كان في حساباته السياسية الكثير من الاوراق التي بدأ باللعب عليها ، من قبيل ادخال العراق بالفراغ الدستوري ، او من قبيل خنق العملية السياسية حتى رضوخ العراقيين لمعادلة اما المالكي واما الفوضى العارمة وعودة البعث او داعش، او من قبيل الذهاب الى انقلاب عسكري ((ناعم)) يقوده المالكي وبعض ضباطه الفاشلين الذين اصبحوا اسرى لنعم المالكي الجزيلة او … الخ ،أقول:ان كل هذه الحسابات قد اطيح بهابعداعلان السيد مقتدى الصدر بسحب نوابه ، ووزرائه من حكومة الفساد واعلانه اعتزال الحياة السياسية قبل طبخة الانتخابات المقبلة بشهرين لاغير ، وبدلا من ان يُخطط لانقلابٍ على ارادة الشعب العراقي، وديمقراطيته من قبل الفاسدين استطاع الصدر ان يستبقهم ب(انقلابه الثوري السياسي) عليهم ، ليجعل المبادرة بيد الشعب العراقي للاطاحة بهم ، بدلا من ان يطيحوا بهذا الشعب ، واماله من خلال صفقات سياسية ليست شريفة تطبخ هنا وهناك وبمحاصصات حزبية داخل الاقبية السياسية المظلمة ليفرض علينا الفساد والفشل بولاية ثالثة من جديد !!.
ان الشعب العراقي يستحق فعلا اكثر مما هو عليه الان من بؤس وفوضى وفقر وعذابات وموت وقتل وانقسامات … . صنعها له الفاسدون وروجها عليه الدجالون : بانها قدره الذي ينبغي عليه ان يصبر في قبالته ، وتحمل تبعاته !!.
وانه شعب بالفعل يستحق ان يتنفس الحرية ، والكرامة والشجاعة والفخرل …. بدون ان يستغله سياسي فاشل يحاول ادخاله من خلال الاعلام الكاذب في سيكلوجيا الرعب من عودة حكم الماضي ، والبعث و داعش في سبيل استمراره وحزبه في السلطة !!.
لكن كل هذه الاستحقاقات ، اذا لم يصنعها الشعب العراقي بيده ، وبانتخابه للاصلح وباطاحته بالفاسد ، وبامره بالمعروف وبنهييه عن المنكر ، فلا يوجد هناك من يصنع هذه الاستحقاقات له !.
مدونتي
http://7araa.blogspot.com/
راسلني
[email protected]