23 ديسمبر، 2024 3:55 ص

الصداقة العميقة لن تتبخر بمرور العقود: زاهد والصائغ نموذجاً

الصداقة العميقة لن تتبخر بمرور العقود: زاهد والصائغ نموذجاً

قرأت مقال الأستاذ الدكتور زهير غازي زاهد تحت عنوان (الدكتور عبد الإله الصائغ الحلم الأخضر…. طاقة أدبية – شعر ونقد وكتابة) المنشور على صفحات صحيفة الزمان في 26/8/2014 فصدمت بما قرأت لأن المقال خال من المنهجية بشكل مطلق بحيث لا يتطابق العنوان مع متن ما ورد فيه. فالكاتب لم يبذل أي جهد ملموس يتناسب وحجم العلاقة العتيقة بينه وبين الصائغ أو على الأقل أن يتناسب قوله بما قال فيه الصائغ في مواضع عديده وهو يشيد بصديقه د. زاهد. وينبغي بنا نحن أصدقاء الصائغ ” غير المعتقين” أن نسمع أشياء طريفة عن الصائغ ترد على لسان صديقه زاهد الذي زامله منذ الصف الأول بمدرسة غازي الابتدائية في النجف حتى أصبحا أساتذة جامعيين، أنه سفر حياة طويل يجمع الاثنين. والغريب ان الدكتور زهير زاهد اصدر كتابا بعنوان النجف الأشرف آفاق وذكريات طبعة المكتبة الادبية المختصة في النجف 2014 وجعل فصلا في الكتاب يحمل العنوان نفسه والديباجة نفسها من ص 202 الى ص 208 وكنت اتمنى لو ان الدكتور زهير استدرك هفواته نحو الصائغ ولكنه العقوق ونحن أبناء النجف، الأصغر سناً منهما، نعرف الصائغ الأديب الشاعر الأكاديمي البارز كشخصية عامة دون أن نلتقي به وجهاً لوجه، ولكن، بالنسبة لي شخصياً، تعرفت عليه عند قدومه الى ليبيا مطلع التسعينيات من القرن الفارط حيث عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية بجامعة طرابلس (الفاتح سابقاً). ورغم حداثة الصداقة الشخصية التي تربطنا معه، بالمقارنة مع صداقته بالدكتور زاهد، فقد كتبنا بضعة مقالات عن الصائغ تتضمن معلومات وتحليلات وتقييمات أكثر مما جاء بمقال د. زاهد بأضعاف وأضعاف وفي المقابل، معظم مقالات الصائغ يذكر فيها د. زاهد ويشيد فيه ويعلي من ِشأنه، حتى في لقاء صحفي مع الصائغ في أمريكا أجراه فرزدق نجل د. زاهد تحدث الصائغ عن صديق الطفولة ” العلامة البروف دكتور زهير غازي زاهد”، وفي الحقيقة لولا الدكتور الصائغ لما عرف أحد منا من هو الدكتور زهير زاهد. ولكثرة تكرار هذا الاسم علينا، كنا نتوقع أن نقرأ مقالاً دسماً للدكتور زهير يتضمن ما خفي علينا من حياة الصائغ أو قفشات له لم يعرضها أحد من قبل ويذكرها د. زهير بحكم عراقة الصداقة مع المحتفى به. ولكنا مع الأسف الشديد قد صدمنا بمقال عجيف عبارة عن اجترار للسيرة الذاتية للصائغ والمنشورة في عدة مواقع ألكترونية ! والشئ الواضح الملفت للنظر أن جل اهتمام كاتب المقال هو التحدث عن نفسه أكثر مما تحدث عن الشخص الذي كتب المقال من أجله. فعلى سبيل المثال، جاء في المقال ” للشاعر عبد الإله نشاط أدبي مبكر ففي سنة 1966- 1967كان نشاطه مع الشاعر زهير غازي زاهد في ” ندوة الآداب والفنون المعاصرة ” وكانت هذه الندوة تقابل المؤسسة العريقة في النجف (الرابطة الأدبية). وقد حركت أدباء الرابطة لإقامة مهرجانها الأول سنة 1970 بعد إقامة الندوة مهرجانها سنة 1970 ايضا وكان السيد مصطفى جمال الدين، وهو رئيس الرابطة آنذاك، يشارك في أمسيات ندوة الآداب”. ومن النص المذكور نلاحظ معية الصائغ مع زاهد ! وفي موقع آخر من المقال يقول الكاتب ” وحين نقل الصائغ الى جامعة الكوفة عمل في كلية الفقه وشارك (مع ) صديقه القديم الدكتور زهير في إنشاء كلية التربية للبنات 89/1990 فكان الدكتور زهير أول رئيس قسم للعربية فيها ثم شارك في تأسيس كلية الآداب فكان أول رئيس قسم فيها”. ونلاحظ هنا تركيز الكاتب على معية الصائغ ! وفي مكان ثالث تتكرر حالة التابع والمتبوع في مقال الكاتب فيقول “وعندما اغلقت جامعة الكوفة بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة سنة 1991 انتقل الصائغ (مع ) زميله الدكتور زهير إلى بغداد فكان هو في تربية جامعة المستنصرية وزميله في تربية جامعة بغداد”.

ويشير الكاتب الدكتور زهير لهجرة د. عبد الإله عام 1991 الى ليبيا واليمن والولايات المتحدة، ومع هذه الإشارة يستطرد الكاتب استطراداً جاحظياً في وصف الحالة العراقية بعد عام 2003 وبشكل يبتعد فيه عن محور المقال الأساسي رغم الصلة الوثيقة بين هجرة دكتورنا الصائغ وطبيعة النظام العراقي الأسبق .

ويعود الكاتب مرة رابعة ليتحدث بإسهاب عن نفسه” وللشعــــب صـــــــــوت الاذاعــــــــة وللأمة المبتلاة صنوف أغاني الشجاعــة ”كما قلت في إحدى قصائدي الغاضبة. هناك أغنية طريفة للملحن العراقي كوكب حمزة سمعته يترنم بها على مسرح جامعة البصرة حين نقلت من التعليم الثانوي اليها سنة 1970 ظلت ترنّ في خاطري دائما يقول فيها :“كلما اكول اوصلت والكنطرة بعيده”. معناها:كلّما أقول وصلت لكن القنطرة بعيدة.ينطبق هذا على حياة العراقيين ونبقى في انتظار الوصول !! انتظار الذي يأتي ولا يأتي”. ويستفيق الكاتب من استطراده في الحديث عن نفسه ليقول ” أعود إلى صديقي الشاعر الناقد الصائغ …”.وينهي البروفسور دكتور زاهد مقالته في درج قصائد من ديوان الصائغ (سنابل بابل) ليجعل مقاله يتيما بلا خاتمة.

واستغربت كثيراً حينما شاهدت شريطا مصوراً لحفل اتحاد أدباء النجف في تكريم الصائغ، فقد شاهدت العديد من الأدباء والأكاديميين والشعراء وهم يتحدثون بزهو عن الدكتور عبد الإله الصائغ منهم البرفسور دكتور حسن الحكيم والبرفسور دكتور صادق المخزومي والكاتب الكربلائي حمودي الكناني وقصيدة الشيخ الدكتور بشير اللامي التي ارتجلها عن الصائغ ! فضلا عن كوكبة من الشعراء المهمين مثل الاستاذ وهاب شريف هؤلاء قرأوا قصائد في تحية الصائغ وهؤلاء الشعراء لم يلتقوا الصائغ ! وغيرهم باستثناء الدكتور زاهد الذي لم يحضر الحفل بحجة سفره الى بغداد كما أخبرني الدكتور الصائغ ! وحتى في حالة افتراض حتمية سفر الكاتب الى بغداد لأمر مهم كان عليه أن يتصرف بحجم الحدث ولا يفوت الفرصة في المساهمة في حفل تكريم صديق عمره، فلم يعد الغياب عذراً فالصائغ نفسه كان غائباً ولكنه حاضر من خلال شريط فديو مصور بعثه من مشيغن، فحبذا لو كان الدكتور زهير زاهد قد عمل الشئ نفسه ! والدكتور زهير يشيد بكثير من قصائده بالصائغ مثلا :

وخفقة الحلم في آفاقنا فرحاً كأنما الدهر في آفاقها يقف

فكم تبارى به جلاسه طرباً وكم قبلنا الذي في تمره حشف

وصائغ الحرف تروينا سواحره يروح بالحلم النشوان يلتحف

محلقاً شرفات النجم ملعبه وللكوكب في آفاقه تحف

رؤى تراءت هي الدنيا وبهجتها يحنو على أفقيها خافق يكف

, وخلال حديث هاتفي مطول مع دكتورنا الصائغ عبر الفايبر كنت متردداً للتعليق على مقال الدكتور زهير، لأني لا أحب أن أكون عاملاً للتشويش بين صديقين قديمين، إلا بعدما سألني هو عن رأيي الشخصي بالمقال، فقلت له : هل تريد رأياً صريحاً خالياً من المجاملة ؟ فقال نعم هذا هو هدفي من المكالمة. فقلت له: مع احترامي لك ولصديقك العزيز فأن المقال هزيل الى حد الثمالة النواسية ولا يتناسب مع حجم العلاقة التي تربطكما ولا مع حجم ما كتبت أنت عن “العلامة البروف الدكتور زهير غازي زاهد” في مناسبات لا تعد ولا تحصى

فذكر لي الدكتور عبد الإله الكثير من المغالطات التي جاءت في المقال، فلم يذكر في المقال أن الصائغ هو الذي تدخل بنقله من جامعة البصرة الى جامعة الكوفة؟ ويضيف الصائغ، بأن د. داخل جريو رئيس جامعة البصرة قد رفض نقل زهير من جامعة البصرة التي لبث فيها 18 سنة الى جامعة الكوفة ولكن تدخل الصائغ هو الذي كسر قرار رئيس الجامعة حين استعان بيونس الشمري وهو البعثي البارز في النجف، فاتصل يونس الشمري يسأل المسؤول الحزبي في البصرة عن (داخل جريو ) ثم يقول له بلهجة صارمة : أريد نقل زهير زاهد بدون نقاش ! ويذكر الصائغ بأنه كان رئيس منتدى جامعة الكوفة الثقافي الاجتماعي ورئيس اللجنة العلمية في الجامعة لشؤون الدراسات الإنسانية فأقترح تدريس النحو الكوفي على سبيل التجربة وعمل مؤتمراً علمياً كلف الدكتور زهير أن يكون مديراً فنياً للمؤتمر ( إدارة فنية وليست علمية) ولم يشر الدكتور زاهد الى هذا المؤتمر المهم اطلاقاً وقال الدكتور الصائغ أنه رشح الدكتور زهير زاهد ليكون الاستاذ الاول لجامعة الكوفة رغم وجود منافس قوي جدا هو الدكتور محمد حسين الصغير لكن الدكتور الصائغ وضع ثقله مع الدكتور زاهد فرجحت كفة زهير ! اما تأسيسالدكتور زهير لكلية البنات وتسنمه منصب رئيس قسم اللغة العربية فحكاية مضحكة فقد صدر أمر بتوقيع رئيس جامعة الكوفة بتنصيب الدكتور صالح هويدي رئيسا لقسم اللغة العربية في تربية البنات فغضب الصائغ واقنع رئيس الجامعة بتغيير القرار ووضع الدكتور زهير زاهد محل الدكتور صالح هويدي والدكتور هويدي حي يرزق ومازال زعلان على الصائغ بسبب تفضيله زهير عليه ! وحين عمل دكتور زهير في كلية التربية بجامعة الفاتح اقترح اسم الدكتور زهير لمسؤولية الشؤون العلمية في كلية التربية – طرابلس ، وقد رد الدكتور زاهد الجميل بكل عقوق عندما ذهب للعميد وأعطاه أسئلة امتحان الدكتوراه ( أي وضع هو وبكل صلافة الأسئلة للمادة التي يدرسها الدكتور عبد الإله! فأستغرب العميد الدكتور الفالوقي وكان العميد قد رشح الصائغ لهذا المنصب لكن الصائغ تخلى عنه للدكتور زهير نعم استغرب الفالوقي لهذا التصرف وقال له هل أنتم العراقيون تكيدون لبعضكم بهذه الصورة . ) وذكر الدكتور زهير نقله من جامعة الكوفة حين اغلقت الى جامعة القادسية ولم يذكر ان الجامعات في بغداد اعتذرت عن قبوله فيها وعتم على موقف الصائغ وتدخله عند رئيس الجامعة يحيى الراوي وهو وكيل وزير التعليم العالي ايضا حين ذهب اليه في بيته ومعه الدكتور زهير والدكتور الراوي لايرتاح لزهير لكنه غير القرار من جامعة القادسية الى جامعة بغداد ، وقرر الصائغ ان يكون دكتور زاهد في كلية التربية جامعة بغداد وعميدها الدكتور فاضل الساقي قد اعترض الساقي وقال مستحيل ان اوافق على زاهد تدريسيا في كليتي لكن الصائغ كان صديقا للساقي لايعصي له طلبا ففرض زهيرا عليه ! فلماذا يعتم الدكتور زهير على افضال الصائغ ؟ وعندما ذهب الدكتور زهير الى ليبيا وجد الطريق معبداً أمامه فقد مهّد له الصائغ الطريق ليحصل على عقد عمل بدرجة أستاذ، في حين إن الصائغ نفسه عندما وصل ليبيا وهو لا يعرف أحداً ولا يعرفه أحداً فقد تم التعاقد معه بدرجة أستاذ مشارك بفضل سلوك الموظف المسؤول على مكتب شؤون الأساتذة العرب فهو خبير في ابتزاز الأساتذة الجدد، والدكتور الصائغ بعدما عاش هناك عرف اللغز وكيفية التعامل مع الموظف المذكور فأحسن وأجاد في ترتيب عقد عمل صديقه الدكتور زهير. والمضحك المبكي بأن الدكتور زهير بعد وصوله ليبيا اتصل هاتفياً بالأستاذ هلال ناجي ( الشاعر المعروف والدبلوماسي المخضرم ) والصائغ جالس جنبه ليقول له ” الحمد لله سمعتنا العلمية واصلت قبلنا الى ليبيا فتعينت بسهولة وبدرجة استاذ )!!! في حين الحقيقة تقول أنه بعد دخوله ليبيا والخروج منها لم يعرفه أحد. وهناك كلام كثير سمعته من الدكتور الصائغ ردده على مسامعي وبكل مرارة، يدور حول عقوق الصداقة يا ليتني لم اسمعه منه ولكن أصغيت له كل احترام لعله يشعر بأني أشاطره عزاء العقوق لأخفف عنه المصاب.

والحكايات كثيرة لايتسع لها مقال واحد ونكتفي بهذا متمنين على الدكتور زهير زاهد ان يعيد النظر فيما كتبه وان لايخسر الدكتور عبد الاله الصائغ صديق العمر كما يسميه .