من خصال الصحفي الناجح هي المصداقية في نقل الحدث بكل تفاصيله من غير تنقيش او تهميش او مغالاة او عدم مبالاة ، ينقل الحدث كما هو .
ولكن هل يستطيع ذلك في اي زمان او مكان ؟ في الدول العلمانية كلا بل ان الحكومات تنتقي من الموالين لها مع تفتيشهم والاطلاع على الخبر صورة وصوت قبل النشر او الارسال عند مرافقتهم في حروبهم، هكذا فعلت امريكا وبريطانيا في حروبهم في الخليج ، حيث لايسمح لاي صحفي ان يرافق القوات العسكرية خلال الحرب حتى لا يطلع على جرائمهم ، وبالرغم من ذلك فان الله عز وجل شاء ان يجعل بعض هؤلاء الصحفيين يعيشون صحوة ضمير فيدلوا بما يعرفوا عن هذه الحقائق ويعتبر مؤرخا واحدهم قال لو يسمح لي ان اكون شاهدا لشهدت على جرائم اقترفها الكبار في الشرق الاوسط يندى لها الجبين ولازالوا احرارا بل يعتبروهم ابطالا .
هذا الصحفي هو روبرت فيسك ويكفينا قراءة كتابه زمن المحارب وهو مجموعة مقالات تم نشرها في جريدة الاندبينت ولا احد تابعها ليعتبرها وثيقة ضد بوش وبلير مثلا .
يستشهد فيسك وبايجاز عن بعض هذه الجرائم في الحروب يقول لقد كنت متواجدا في مكان الجريمة ورايتها بعيني ووثقتها بقلمي وكامرتي .
انه يتحدث عن جرائم ولا يعنيه التوجهات يقول كنت في حماة وانا ارى حافظ اسد يقتل 20 الف مدني اخواني وكنت موجودا في صبرا وشاتيلا في العام نفسه (1982) وارى حزب الكتائب المتعامل مع الكيان الصهيوني يذبح الفلسطينيين ( نساء اطفال شباب)، وكنت موجودا وانا ارى الجنود العراقيين يستخدمون الكيمياوي ضد ايران ، وكنت موجودا في الجزائر وارى المذابح في بن طلحة ، من قاموا بهذه الجرائم يجب احالتهم على المحاكم ، ولكن ماذا حصل؟ . مثلا ارييل شارون هو المشرف والمسؤول المباشر على مجازر صبرا وشاتيلا اصبح رئيسا للوزراء في الكيان الصهيوني ، وعلى كل صحفي شاهد هذه الفضائع واراد الشهادة عليها في المحاكم يقول فيسيك فلينس الامر ، انهم بحماية طواغيت خفية بدليل ان بلجيكا هذا البلد الاوربي العلماني المتحرر بذل جهودا استثنائية لثني الناجين من مجزرة صبرا وشاتيلا ومنعهم من الادلاء بشهادتهم ، فما علاقة بلجيكا بالامر ومن طلب منها ذلك .
تطرق الى مارغريت حسن هذه المراة التي تحمل الانسانية والطيبة تم ذبحها في العراق ، راتشيل كوري الشابة الامريكية التي وقفت بوجه الدبابة الصهيونية لحماية منازل الفلسطينيين فقاموا بسحقها ، فهل نددت امريكا ، وهل اعترف الكيان الصهيوني وهل طالبت محكمة العدل الدولية بتحقيق ؟ ، سامي العريان هذا الفلسطيني الذي يناضل اعلاميا من اجل فلسطين وايصال ماساة الشعب الفلسطيني الى العالم قاموا باعتقاله في امريكا والصاق 11 تهمة ضده اخترعت من العدم ولكن تخيلوا طلبوا منه الاعتراف بواحدة وطلب الالتماس بالتسامح اي يتوسل بهم ، حتى يخفف الحكم فرفض ذلك واصر على براءته فضاعفوا الحكم ضده ، هذه عدالة المحاكم العلمانية .
وينقل فيسك حادثة اخرى عن جندي امريكي مسؤول عن التحقيق في الفلوجة اسمه ريك فير في الكتيبة الجوية /82 وذكر ما كان يقوم به من تعذيب واهانة لمن يحقق معه ، حتى انه اصيب بمرض الكوابيس وهو يتخيل من عذبهم ياتونه في المنام ليقتصوا منه ، واما جريمة الجيش البريطاني في البصرة فهي الاخرى لا تقل وحشية عن ما قام به الاميركيون ، فذكر جريمة كوني مارشنت وهو من رجال الامن المشهورين الحاقدين على المسلمين يقول فيسك وانا الصحفي المرافق لهم فقد كنت اول من كشف عن قتل عامل في فندق البصرة ( بهاء موسى) من قبل القوات البريطانية واشاروا علي ان اكتب توفي وليس قتل .
اما الصحفي بيير بونت الامريكي فقد سلط الضوء على اللوبي اليهودي في الاعلام الامريكي، في تعليق له من اذاعة سي بي اس قائلا ان الصهيونية اسقطت طائرة ليبية مدنية فوق سيناء فقتلت (106) مدنيا ليبيا ، فلم يتحرك ضمير الدول العلمانية ضد هذه الجريمة بينما قاموا ولم يقعدوا عندما قُتل بعض الصهاينة في اولمبياد ميونخ او حادثة لوكربي ، هنا ثارت الاجندة اليهودية في امريكا لاجتثاث هذا الصحفي الذي نشر الخبر .
النتيجة التي خلص لها روبيرت فيسك انهم طلبوا منا معرفة الحقيقة دون الادلاء بها ، ولكن هاهو ثبتها في مقالاته على جريدة الاندبينت وجمعها في كتاب زمن المحارب .