تعددت تعريفات الصحة النفسية وتنوَّعت , وما أوصلتنا إلى ما تريده من التفاعل الإنساني الحيوي , الذي يكتسب العافية النفسية.
ولا بد من التساؤل أولا : هل توجد صحة نفسية؟
وهل يمكن عزل الصحة وتجزأتها ؟
إن المخلوق موجود متكامل متفاعل بما فيه مع ذاته وموضوعه , ولا ينقسم إلى كينونات أو صناديق معزولة عن بعضها , فنقول صحة نفسية وعقلية وبدنية وقلبية ومعوية وجلدية وعينية وسمعية وحركية , وغيرها مما يتصل بالمخلوقات من أفعال حيوية وفسيولوجية.
إن عزل الصحة النفسية عن الواقع البيئي لا يعني شيئا , ولا يساهم في توفير المناخات الإيجابية لتفاعل إنساني طيب رحيم.
فالواقع الحقيقي للمخلوقات يشير للتكامل والتواصل والتفاعل , المساهم بتحقيق النشاطات والتطلعات مهما تنوعت وتعددت.
وعليه فالتعبيرات التي نطلقها لتوصيف ما نتصوره , لا تكون صحيحة ومستوفية لشروط ومنطلقات ما تذهب إليه.
والأصح الكلام العملي والواقعي عن الصحة البشرية , بما يحقق سلامة السلوك والتفاعل ما بين الناس وفقا للمصلحة العامة , ويأتي في مقدمة ما يحتاجه البشر الشعور بقيمته ودوره في الواقع الذي يكون فيه , ولديه ما يعطيه للحياة , التي تطول أو تقصر لكنها ستنتهي ذات يوم.
فما هي الصحة البشرية؟
إنها بيئة صالحة للحياة الحرة الكريمة , وسلامة بدنية قابلة لتأهيل العقل للتفاعل مع محيطه بإيجابية وسلامة وأمان , بعيدا عن الشرور والمرارات القهرية والتدميرية للمخلوق ومحيطه.
فالصحة البشرية لا تختصر بالنفسية , وتشمل وعاء المخلوق أيا كان نوعه وجنسه.
ولا توجد عافية نفسية إذا إنتفت شروط الحياة الحرة الكريمة في المجتمع , وعندما تغيب قيمة الإنسان وتضيع كرامته , فالحديث عن الصحة النفسية يكون هذيانا و تخريفا , وتحليقا في فضاءات الفنتازيا , والتغني بالتصورات الخالية من الرصيد الواقعي.
فهل سنعيد النظر برؤيتنا عن الصحة النفسية؟!!