23 ديسمبر، 2024 11:54 ص

“الصحاف” رئيساً للوزراء

“الصحاف” رئيساً للوزراء

هل أنه رئيسٌ للوزراء، أم وزير للاعلام على طريقة محمد سعيد الصحاف، ما زلت مندهشاً من كثرة وقوف السيّد حيدر العبادي أمام الكاميرات ليتحدّث ويلقي التهم جزافاً على بقية السلطات، ويغض النظر عمّا يدور في داخل المؤسسة التنفيذية.
هل أن العبادي يمتلك احصاء عن عدد الفاسدين ووظائفهم، أي يتواجد هؤلاء، هل هم في القضاء، أم البرلمان، أم المؤسسات التنفيذية؟
على “ابو يسر” الانصراف لاستكمال كابينه الوزارية، والانشغال بوضع حلول للازمة الامنية المتفاقمة قبل التهجم على بقية السلطات، فالشارع بات يعرف جيداً مقدار الصدق في تصريحاته بالتزامن مع ايضاحات يصدرها بمجرد ما يتعرض لانتقاد على ما يدلي به أمام وسائل الاعلام وخير مثال على ذلك حديثه مستغرباً عمّا اسماه سرعة حسم دعوى وزير الدفاع خالد العبيدي بحق رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ليعود بكل سذاجة ويؤكّد أن موقفه كان بوصفه مواطناً وليس مسؤولاً تنفيذياً!.
عن أي قائد نتحدث، ذلك الذي يتراجع عن تصريحاته في كل يوم، ويبرّر فشله من خلال التدخل في اعمال بقية السلطات، والدليل كثرة البيانات “التوضيحية” على الموقع الرسمي للحكومة الذي يحمل صورته في سقف الصفحة في مشهد يذكرنا بـ “القائد الملهم”.
رئيسُ وزراءٍ غير قادر على تحمل مسؤولية قرارات يتخذها في ما يتعلق بتوصياته عن العفو الخاص كما حصل مع النائب السابق محمد الدايني، او شكوى حركها ضد نواب زملاء له في الكتلة، ويتنصل عنها بطريقة عجيبة، وكأنه يستغفل الشارع.
نسينا كيف تراجع عن تصريحاته بخصوص سلم رواتب الموظفين، حيث اعلن في بداية الامر عن حذف جميع التخصيصات ولحقها بعد ايام بتصريح اخر ينفي نيته حجبها.
لماذا لا يكف عن مغازلة الشارع العراقي من خلال مطالبته الادعاء العام والقضاء بمحاسبة الفاسدين؟، هل من جواب بصدّد الاوامر القضائية التي لا ينفذها التابعين لجهازه التنفيذي؟، وهل من جواب اخر عن اجراءاته على الصعيد الدبلوماسي باسترجاع المسؤولين الهاربين خارج العراق ممن صدرت بحقهم احكام قضائية أو مذكرات قبض ما بين تهم فساد وارهاب؟.
 وما هي الاجراءات التي اتخذها للحيلولة من دون تسنم ضباط فاسدين مناصب مهمة داخل المؤسسة العسكرية، وما هو دوره بخصوص التحقيقات عن ملف سقوط الموصل الموجود في وزارة الدفاع بحسب الاختصاص كونه جريمة عسكرية؟.
هل يعلم أن اغلب الارهابيين الذين يتم القبض عليهم أو المفخخات التي يتم كشفها قبل التفجير ترصد نتيجة جهود تحقيقية لمحكمة متخصصة بالارهاب مقرها بغداد التي اعلنت في وقت سابق عن مخاطر تهدّد العاصمة بوجود انتحاريين في بساتين حزام بغداد ولم يُتخذ اي قرار بهذا الصدد على المستوى الحكومي ورغم ذلك تكررت مأساة الكرادة في مناطق اخرى واخرها تفجير مول النخيل.
لماذا يضلّل العبادي الراي العام، ويحجب عنهم حقيقة أن ابرز ملفات النزاهة معطلة بسبب التحقيق الاداري الذي تجريه مؤسساته؟.
هل يعلم “ابو يسر”، أن القاضي الذي يصدر احكام بالاعدام بحق ارهابيين من قادة داعش والمليشيات إضافة إلى رؤوس الفساد لديه حارسين أو ثلاثة على اكثر تقدير ويذهب بعجلته الخاصة من داره إلى المحكمة، في حين أن اصغر مسؤول تنفيذي يملك من الحمايات الكثير مدججين بالسلاح ومحميين بالعجلات المصفحة؟.
لا أدعي بأن المؤسسة القضائية بلغت حد الكمال بل قد تعاني من مشكلات كما هو وضع العراق بنحو عام، لكنها على اقل تقدير مكتملة الاجنحة لا توجد فيها مناصب شاغرة، وأن منح تلك المناصب لا يخضع لاجتماعات قادة الكتل ومبادرات سياسية، لأنها مرتبطة بالمعيار المهني.
فليس هناك وعلى حد علمي قاضٍ لديه خدمة جهادية، أو ممن يعرفون بـ “الدمج”، كما لا يوجد هناك فضائيين في القضاء، كما لم أسمع عن قضاة لديهم جنسيات اجنبية وسرقوا اموال الشعب ليتركوا العراق بعد أن كونوا ثروات هائلة.
كما أن القضاة لم يستولوا على رواتب حماياتهم كما هو حال العديد من المسؤولين، فلدى السلطة القضائية نظام مالي من خلاله يتسلم الحارس القضائي راتبه بنحو مباشر ولا يتحول إلى حساب القاضي الخاص!.
الحديث كثير، والمقارنات جارحة، وعلى السيد العبادي الالتفات لترميم منزله المتهالك، خيراً من النظر إلى الاخرين!.