23 ديسمبر، 2024 1:20 ص

في امانة بغداد (امانة العاصمة) عملتُ مع ستة مسؤولين يحملون صفة (أمين بغداد) . عملتُ بمعيتهم للمدة من مطلع ثمانينات القرن الماضي حيث حللت بالامانة منقولاً ادارياً اليها ، وحتى عام 1993 ، حيث احلتُ على التقاعد بأمر اداري .

ويعرف القاصي والداني ان تلك السنوات كانت صعبة جداً . فالحرب على الحدود الشرقية للعراق كانت تستعر ، ونارها المتصاعدة تصيح : هل من مزيد . وما ان توقفت الحرب حتى اندلعت احداث الكويت وهي احداث مؤلمة قاسية وتلاها الحصار .

هذه السنوات غاب فيها العقل الاداري الحواري ، وساد فيها الاستماع وتلقي الاوامر . وكانت امانة بغداد على خط التماس المباشر واليومي مع تلك الاحداث . وكان اعلامها هو الاخر على خطوط التماس ذي الشحنات عالية التوتر .

وفي الاشهر القليلة التي تلت اخراج القوات العراقية من الكويت في حرب سميت عربياً ودولياً (حرب تحرير الكويت) وبعضهم يسميها (حرب تدمير العراق) . في تلك الاشهر زجت امانة بغداد بغداد نفسها في موضوع شائك . وكانت استعجالية امينها وتوتره الدائم وراء هذا المنزلق .

جريدة (الجمهورية) التي تصدر في بغداد تبنت حملة مكافحة الكلاب السائبة . وكان الصحفي يحيى الدباغ يحرر صفحة شكاوى المواطنين ، والتاريخ هو الاشهر الستة الاولى من عام 1991 . وكتب الدباغ موضوعات بهذا الاتجاه . هنا زج امين بغداد نفسه ، وزج الامانة ، واحرج اعلامها بموضوع لا يعني الامانة بشكل مباشر . حيث وجه امين بغداد بكتابة رد على ما تنشره جريدة الجمهورية بشأن حملة ابادة الكلاب السائبة ووضع مضمون الرد وربما نصه : ان هذه الحملة ستحرك ضد العراق جمعيات الرفق بالحيوان وسيخسر الرأي العام العالمي . وارسل الرد الى جريدة الجمهورية .

وهنا ردت الجريدة بعنف على ما ورد بكتاب الامانة . ففي الصفحة الاولى من الجريدة وحيث موقع الافتتاحية ، نشرت الجريدة مقالاً عنيفاً تحت عنوان : الصحافة والكلاب ، فندت فيه رأي الامانة وتسألت عن موقف جمعيات الرفق بالانسان ، ان وجدت ، مما يعانيه العراق من الحصار المفروض عليه . ان (مكان) هذا المقال وعنوانه المثير ، يجعل القراء والمعنيين يستنتجون ان رئيس تحرير الجمهورية في حينها (وكان الاستاذ سعد البزاز) قد اوعز بكتابة المقال الافتتاحي ونشره . وان كان المرجح انه هو كاتب هذه الافتتاحية . وفي كل الاحوال خسرت الامانة : اميناً واعلاماً هذا السجال الاعلامي واصبحت موضع سخرية الوسط الاعلامي العراقي . ومن المرجح ان كاتب الافتتاحية ورئيس تحرير الجريدة في حينها اراد القول : ان الصحافة في صراع مع الكلاب . ولعله اراد طرح تساؤلات من نوع : من يحمي الصحافة من نباح وانياب الكلاب . رحمك الله يازميلنا يحيى الدباغ .