التطور السريع في تكنلوجيا الاتصالات نتيجة التطور العلمي الهائل وضع بين يدي الصحفي والاعلامي مساحة واسعة جداً في عمله من جانبين, الأول سهولة حصوله على المعلومة والخبر بسهولة ويسر من مصادرها الرئيسية دون عناء, والثاني سهولة ايصال المادة الصحفية لأكبر عدد من القرّاء, فالصحفي إذا أراد الحصول على معلومات لمقال صحفي أو تحقيق أو دراسة فسوف يجد أمامه الأبواب مشرعة من خلال تنقله بين مواقع الوزارات والمؤسسات والمواقع الثقافية والإعلامية والمكتبات الرقمية الزاخرة بآلاف المراجع والمصادر المتنوعة والمنتشرة على الشبكة العنكبوتية، هذه الأدوات إذا أضافها الصحفي لخبرته الإعلامية وحرفته الصحافية وتعامل معها بذكاء يتمكن من الخروج بمحصلة جيدة وإيصال مادة صحفية رصينة للقاريء شريطة أن يتعامل مع هذه الأدوات بذكاء وحنكة وأن يستقي منها الجيد ويتجنب المواقع المغرضة والمشبوهة والتي تخدم أجندات خارجية تجعلها مواقع لبث السموم بين القرّاء.
ومن الجانب الآخر عندما يروم الصحفي ايصال مادته الصحفية فأمامه طريقان إمّا أن ينشرها في الصحافة المطبوعة من خلال المؤسسة الصحفية التي ينتسب لها أو أي صحيفة أو مجلة أخرى أو أن ينشرها عبر المواقع الألكترونية أو مواقع التواصل الإجتماعي مثل الفيس بوك أو التويتر أو المواقع الإعلامية والثقافية والأدبية الرصينة والتي يمكنه الاشتراك بها والتواصل معها بكل يسر, وهنا لابد أن نجري مقارنة بسيطة بين الحالتين ونتسائل عن عدد القراء الذين سيقرئون المادة الصحفية في كل من الحالتين وبحساب بسيط سنجد أن الكفة سترجح الى الحالة الثانية لأن اعداد القراء الذين يقتنون الصحيفة مباشرة من الأسواق بدأ عددهم بالانحسار أمام المساحة الواسعة من وسائل الاتصالات فيلجأ القاريء الى تصفح مايرغب من الصحف والمطبوعات والمقالات عبر المواقع الألكترونية وبسهولة، وبالمحصلة النهائية فان الكاتب الصحفي عند نشر مادته في موقع مثل الفيس بوك مثلاً وكان عدد أصدقائه في الصفحة 2000 على سبيل المثال وكل صديق من هؤلاء لديه عدد مقارب لهذا الرقم من الأصدقاء فتخيلوا معي كم عدد الأشخاص الذين سيقرئون هذه المادة الصحفية ومن المؤكد سيكون الرقم كبير اذا ماقارناه بعدد القراء الذين ستصلهم نفس المادة عبر الصحافة المطبوعة .
أتسائل بعد عشرة سنوات مثلاً هل ستستطيع الصحافة المطبوعة من الاستمرار والصمود أمام هذا المد من الانتشار الالكتروني الواسع؟ سؤال مشروع بحاجة الى جواب، ولكن تبقى متعة مطالعة الصحيفة اليومية صباحاً مع فنجان قهوة مضبوط متعة لاتضاهيها أية متعة لمن أدمن عليها لسنوات طويلة من عمره.
*رئيس تحرير مجلة نور الإقتصادية