الصحافة منذ أن ظهرت للوجود احد المؤثرات الكبرى في المجتمعات وفي عالم السياسة والاقتصاد, وحتى باقي مجالات الحياة, وتوسعت الصحافة لتكون بأكثر من صورة وشكل, واليوم سنتكلم عن الصحافة الساخرة, وهي في جوهرها تركز على المحرمات والمقدس داخل المجتمع, واثارة مواضيع السياسة والدين والجنس وعرضها بشكل ساخر! وهو تقليد ظهر في فرنسا مع انطلاق الثورة الفرنسية عام 1789, وساهمت الصحافة الساخرة في إسقاط رموز الحقبة السابقة والانتفاض على النظام الملكي وحكم الكنيسة, حيث تتحول الصحافة الى اداة للنضال, ودعم الثورة والاطاحة بكل الثوابت وإسقاط الحواجز, لتنتج شكل جديد لفرنسا.
ثم انطلقت لباقي بقاع العالم, لتصبح أكثر أنواع الصحافة تأثيرا بالمجتمع, وساهمت في تغيير القناعات.
· الحرب ضد العمامة
واغلب الصحف الساخرة تجعل من القضية السياسية قضية مركزية, وكان فيها اتجاه واضح ضد الحالة الدينية وضد الكنيسة, لذلك نلاحظ انعكاسها في البلدان العربية أنها تهاجم الدين وتهاجم العمامة وتحاول النيل دوما من العلماء وتسعى لاسقاطهم من أعين المجتمع, عبر رسوم هزلية مضحكة, وكانت بعض الصحف ما بعد 2003 يوميا تحاول إلصاق مختلف التهم بالعمامة في سعي لازالة الاحترام المجتمعي لرجال الدين, وهو ما تحقق لاحقا لفئة شبه ضائعة وصل الأمر بالكثير منها لحالة اللادين والغرق بالأفكار السطحية وهو هدف أساسي لتلك الصحافة ذات الأهداف الباطنة.
ولا يمكن نسيان الحملات التي تشنها هذه الصحف بشكل مستمر على النبي الخاتم (ص) منذ عقود, عبر رسوم هزلية مسيئة, من دون اي احترام, وبعيدة عن ما تنادي به المجتمعات الغربية من رقي وتطور, فهي تمارس ابشع انواع السفالة! لتخلق حاجز كبير بين الشعوب الغربية وبين الدين الإسلامي, وهو ما حاصل اليوم, انها اداة خطيرة جدا وتأثيرها الاجتماعي شديد.
· نظام صدام واستغلال الكاريكاتير ضد إيران
قبل انطلاق الحرب ضد ايران, ومع الأشهر الاولى لنجاح الثورة في إيران عمدت صحف النظام العفلقي في بغداد على تسقيط رموز الثورة في إيران, عبر رسوم الكاريكاتير المسيئة, بعيد عن الاعراف الدولية والدبلوماسية والاخلاقية في احترام الجار, كان صدام مجرد الة صغيرة ضمن منظومة كبيرة لاسقاط الثورة في ايران, وفشل صدام ومن حركه في كل مساعيهم الشريرة, لكن صحافته الهزلية نجحت في التأثير في فئات من المجتمع العراقي, والى اليوم هذه الفئات المشبعة برسائل مضللة, هي تكره إيران وتنحاز لصدام واي طرف يحارب إيران, وتلك الطامة الكبرى.
· تطبيقات الموبايل والتسقيط
وبعهد النهضة الالكترونية ووصول الموبايل الذكي, اصبح اسلوب الصحافة الهزلية يتم عبر مقاطع فيديو قصيرة مضللة, هدفه خلق قناعات خاطئة لكن يتمسك بها المتلقي ويعتبرها حقيقي لا يوجد غيرها, حيث يتم صنع محتوى هزلي للخصوم السياسيين, او للرموز الدينية بهدف إسقاطهم, او طرح قضايا غير صحيحة بشكل محتوى جذاب لا يمكن أن يرفضه المتلقي, مما أنتج أفكار غير صحيحة تصبح حقائق عند فئات كبيرة.
لذلك نهج الصحافة الهزلية انتقل لتطبيقات التواصل الاجتماعي, لينتج فوضى مخيفة تهدد القيم والموروث والثوابت.
· اخيرا:
الردع ليس بالمنع ولا بالتظاهر ولا بالحرب المسلحة, الحل ببساطة يكمن في رفع وعي المجتمع, عندها لن تؤثر فيه الاكاذيب, اي يصبح المواطن قادر على التشخيص ولا يقبل كل ما يطرح, اي أنه يملك منظومة فكرية تدقق كل ما يتلقاه وتحدد الصادق من الكاذب, والهدف من وراء إنتاج هذه الكذبة.