نال الباحث الشاعر والاعلامي عبد الحميد الصائح مؤخرا شهادة الدكتوراه من الجامعة الامريكية في مصر بدرجة إمتياز مع مرتبة الشرف في الاعلام عن اطروحته – الاعلام وتشكيل الرأي العام – حدود الحرية والمسؤولية ( الاعلام العربي نموذجا ) ..وتجربة الصائح الطويلة في الاعلام تجعلته جديرا بامتياز ايضا ، لتناول هذه الثنائية المتلازمة التي يدور حولها جدل طويل ( الحرية والمسؤولية ) وحدودهما في الاعلام بدراسة علمية ويستخلص منها ما يعزز الجانب الاكاديمي ويخرج باضافات مهمة تغني هذا الاختصاص ..
وهذان المفهومان ( الحرية والمسؤولية ) مترابطان ، ويشكلان جناحا الاعلام ، وبدونهما لا يمكنه التحليق في هذا الفضاء الواسع الذي لم تحده اليوم موانع ، أو حدود ، أوتضاريس الارض الجغرافية على وسعها ، أو تضعف قوته القوانين الضاغطة على تشعب مذاهبها السياسية …
وفقدان أحد الجناحين يعني شل حركة الاثنين ، ويتحول الطائر الى زاحف على الارض ، أو في أقصى محاولاته القفز الى الاعلى بقدمين ليس مهمتهما الطيران … وهذا يعني ..أن ترابط الجناحين يجعلهما يؤديان مهمة واحدة ، ولا يمكن لاحدهما أن يستغني عن الاخر أو يؤدي مهمته ..والحرية هي فضاء ذلك الطائر ….ومسؤوليته الطيران فيه .. ولذلك فإن المسؤولية في الاعلام ، ليست مواثيق وعهود وتعهد وقانون فقط ، بل هي وعي بمهمة الوسيلة الاعلامية قبل كل شيء ، ولذلك لا تعد خاصة ، وان كانت ملكيتها شخصية ، لأن مهمتها عامة ، وتحمل رسالة ، بدونها تتحول الى تجارة مواقف ، او سبب لكسب مادي … لقد ساعدت الثورة التكنلوجية والرقمية في توسع سلطة الاعلام وحريته وقاعدته المهنية وادواته ، ولكنها زادت من مسؤوليته في الوقت نفسه لنقل الحقيقية ، وسط هذا الكم الهائل والتنافس الكبير بين الوسائل الاعلامية التي تمتليء بها الارض ، ويزدحم بها الفضاء ، وجعلت سلطة الحكومات تنحسر في السيطرة المطلقة عليه ، او في الخلاص من رقابته …
لقد تنبهت الدول المتطورة الى هذه الانتقالة الكبيرة ، على العكس من بعض دول العالم الثالث ، ومنه العرب ، وعرفت ان سلطة ( الريموت كونترول ) هي الاقوى اليوم من الرقابة ، وهي مقياس القبول والرفض والقناعة ، ولا تحتاج من المتلقي اكثر من ( ضغطة ) على هذا الجهاز السحري ليبحث عن الحقيقة كما هي دون تزويق …
تهنئة للدكتور الشاعر الصائح …وعندما أكتب كلمة ( دكتور ) الى جوار إسمه هذه المرة لا يعترض بلغته المؤدبة المعهودة ويقول ( أنا مو دكتور ) ، كما إعتاد أن يسمعها المشاهد منه ، عندما يخاطبه ضيوفه في برنامجه الرائع ( المختصر ) بالدكتور ، بعد أن اصبجت حقيقة نالها باستحقاق وابداع ..
نبارك للصديق الصائح هذا الجهد الاصيل الذي يشكل اضافة نوعية متميزة الى المكتبة الاعلامية العربية والعالمية .. 0000000000000000