المتناقضات لايمكن ان تجتمع في مكان واحد،لكل فعل ردود ونتائج، وشتان بين: التقدم والتخلف،التطور والتهور،الشهرة والشهيرة،النور والظلام، الحضار والماضي.
الوطن مسكن يعبر عن التطور والتقدم والقدرة المالية، يرتقى بمرور الأيام، فإن أهمل تهالك ودفنته الأوساخ
بغداد مدينة عمرها تجاوز 1250 عام، عاصمة أقدم حضارة، من المخجل أن تختنق بالحواجز ودخان الإنفجارات والحرائق، وتفوح بروائح الموت وأكوام النفايات، وتحاط ببيوت التجاوز.
تطأطأ الرأس حينما يختتم مهرجان عاصمة الثقافة على لحن تراجيديا يعزفها الإرهاب، ولايستطيع مثقفيها الجلوس في مقهى الزهاوي وشارع المتنبي،و لاترى ملامح الإبتهاج بعرسها، تغطيها الأف البوسترات لتمجيد طبقة لا سياسية متقوقعة، يشغلها هاجس الإلتفاف على عقلية الفقراء.
لا نستطيع أن نلوم مواطن وحده وهو يلقي النفايات خارج حاوية متهالكة، وما يسمى مكبات النفايات ومرتع الحشرات والأمراض، ويختفي الجهد الحكومي في تهيئة البيئة المناسبة لتدوير النفايات وتصريف المياه، يصبح هاجس المواطن مراقبة الأنواء الجوبة خوفاً من طفح المجاري.
130 حي تجاوز ( حواسم ) تحيط بغداد، كفيلة لها ان تكون أدوات للإستغلال الإنتخابي، يوعدون بقطع الأراضي والتمليك، يقال لهم التغيير لا يقبل بما يعطي الحاضر، وسوف ينسف مشاريع السلطويين.
جميل أن ترى الإعلانات والارشادات إذا كانت مشابهة للواقع! وأجمل ان ترى علامات الدلالة والخرائط والورود، ولا ترى صور عبعوب ومن يوصينا بالعراق قبل ان يوصي نفسه، ومن يقف بكبرياء ومنة وهو يعطي مواطن ورقة يريد شراء صوته! مَنْ يحث الناس على الإنتخابات وأفعاله تولد الإحباط واليأس، يتوسط الجزرات الوسطية أيام الربيع بدل الورود، والنخيل مات عطشاً في بلاد النهرين. كم رائع أن نرى تمثال لذلك العامل الغاطس في مياه المجاري ولا تتكرر الأصنام، وكم مخجل وطريق ملتوي حينما نرى اعلانات محاربة الأرهاب، تتوشح بألوان حزبية وليس لسيادة الدولة لون ولا حقيقة ملموسة نعتقد بها نهاية الإرهاب والفساد.
الشعوب تجاوزت الحراسة والرعاية للمواطن، وتبحث عن الترفيه وعلاج الأمراض النفسية، ونحن لا زلنا نوزع السلام وندرس العنف في المدارس.
حب الوطن وحب الذات تناقض لا ينتج الاّ الدمار، ومن هو لا شيء لا يمكن ان يكون صرحاً، والقصور لا تقف على الرمال، والشهرة من يترك بصمات الخدمة في تاريخ الوطن، والشهيرة ان تمتلي الشوارع بالصور ويقول عنه المواطن ( حرامي أو فاشل)، ومن ليس له ماضي لا يمكن ان يصنع حاضر ومستقبل، ومن لا يملك رؤية يصل ببلده الى التخلف وافعاله الى الإنحطاط، وأستخدام المال العام واستنزافه لاغراض شخصية، لا يعني أكثر من أنه خيانة للأمانة وتهور صبياني في السياسة.