عن الصادق عليه السلام: “كان فيما وعظ بِه لقمان ابنه: يا بني واعلم أنك ستسأل غدًا إذا وقفت بين يدي الله -عز وجل- عن أربع: شبابك فيما أبليته؟ وعمرك فيما أفنيته؟ ومالك مما اكتسبته؟ وفيما أنفقته؟(1 )
وعن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العدل، وشاب نشأ في عبادة الله (2)
تُعد فئة الشباب من الفئات المهمة جدًا في المجتمعات المتحضرة، والمتقدمة مما تملك من حيوية وطاقة جبارة في العمل الفردي والجماعي ، لذلك تسعى الدول إلى استغلال تلك الطاقات لكي تبرز جانب الرقي والتحضر والتقدم نحو الأفضل وهذا ما نشاهده حين طبقه الأوربيون مع شعوبهم، وحصل لهم ما كان يتمنون، ويخططون له طيلة فترات سابقة، ولاحقة، أما نحن العرب والمسلمين فلقد عملنا العكس تمامًا مع الجيل المتقدم حيث نرى أنّ القضية عكسية وغير ناضجة وصار الهدف الأسمى هو تحطيم قدرات الشباب من خلال بث، وزرع بذور الانحراف المتعمد والممنهج حتى حصلت لدينا أشد الكوارث، وأبشعها، وخصوصًا في العراق الجريح المظلوم الذي تعاقبت عليه السلطات المدمرة، فنرى اليوم انتشار المخدرات بين الشباب وأصبح تداولها بشكل كبير وواضح مما يهدد بانحراف أخلاقي يُضيع كل مبادئ الأخلاق والقيم الإنسانية، والإسلامية التي سعى لها أئمتنا الكرام ورسولنا العظيم عليه -أفضل الصلاة والسلام-من خلال أحاديثهم القيمة والتي ذكرناها جزءًا منها أعلاه، والتي تعتبر قيمة روحية وطريق مُعبد لكل من يريد أن يسير على خط الإمامة وخط النبوة والذي فيهما الصلاح والنجاح والتوفيق الإلهي وقد ورد أيضًا عن الرسول الكريم هذا الحديث “فضل الشاب العابد الذي تعبّد في صباه على الشيخ الذي تعبّد بعدما كبر سنّه كفضل المرسلين على سائر الناس).3)
فهل من المعقول أن تذهب أمة محمد – صل الله عليه وآله – نحو التسافل والانهيار بعد أن كانت خير الأمم ؟؟ قال تعالى في مُحكم كتابهِ الشريف ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران
والحق يقال أنّ الجميع عليه مضاعفة الجهود بدءًا من الأسرة التي لا بُد أن تأخذ دورها المميز في خط مسيرة أبنائها نحو الأفضل وتحذيرهم من الوقوع بالموبقات والانحرافات التي كثرت في هذه السنيين، ومرورًا بالمدرسة ودور المُعلم الذي هُو بدورهِ عليه مضاعفة الجهود في عملية التربية والتعليم حتى نحصل على جيل له دور أيحابي مميز، وسلوك معتدل نتباهى نحنُ كعراقيين، وكذلك يقع الدور على صنوف المجتمع من شيوخ عشائر أصيلة، وجهات أمنية،ومنظمات المجتمع المدني والطبقات الواعيةَ والمثقفة وكُل أطياف الشعب ممن يريد لشعبهِ ووطنهِ التقدم والازدهار، ونحن نعلم أنّ الحياة الزائلة التي نهايتها الموت الذي لا بُد منه وهنا علينا أنْ نستذكر هادم اللذات من خلال زيارة القبور والتي هي قضية مشروعة شرعًا وعُرفًا كما ذكر ذلك المحقق الصرخي قائلًا :قال البخاري عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: صلّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال ،
أقول : كيف تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع شهداء أحد؟ النبي الصادق الأمين لا ينطق عن الهوى إنّ هو إلا وحي يوحى، هذا فعل النبي بأمر الله سبحانه وتعالى، أتى إلى شهداء أحد، تعامل مع شهداء أحد بعد ثماني سنين، صلى عليهم كالمودع للأحياء والأموات، هنيئًا لزوار الحسين، هنيئًا لزوار قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هنيئًا لزوار قبور الأولياء الصالحين، هنيئًا لكم عندما تتعاملون معهم كما تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع شهداء أحد بعد ثماني سنين، بعد ثمانين عامًا بعد ثمانية آلاف عام، لا فرق في الأمر، قضية مشرّعة، قضية ممضاة شرعًا، قضية فعلها النبي وبأمر الله سبحانه وتعالى، تعامل مع شهداء أحد كالمودع للأحياء والأموات .
المصادر:
………………………………………..
1– مرتضى فريد: روايات من أهل البيت عليهم السلام/ ج1- ص355.
-2- الكليني: الكافي/ ج2،ص153.
-3- الري شهري: ميزان الحكمة/ ج5، ص9.