تنطلق المعارف الباطنية كالسحر والتنجيم من فرضية وجود ( شيفرة سرية/ وهذه التسمية من عندي ) لكل إنسان محددة في العقل الكوني ، وهذه الشيفرة غير مادية يمكن الإقتراب منها والتأثير عليها بواسطة طقوس معينة ، بل توجد طروحات جريئة في هذا الشأن مثل : عالم اللاهوت والفيلسوف وأحد أتباع الأفلاطونية الحديثة (( Iamblichus – 245 –. 325 / م)) الذي تحدث عن إمكانية الإفلات من المصير وحصار الأقدار ، وقد تحدث خبير التنجيم الأمريكي روبرت زولر شارحاً هذه الفكرة عن وجود طقوس غنوصية باطنية هي مزيج من الهرمسية والصابئية يمكنها ان تساعدنا على تحقيق هذا الهدف ، وبعيدا عن المفردات الدينية ، فإن إختراق الشيفرة السرية للشخص والتلاعب بها وتغيير مساراتها .. تبدو فكرة قابلة للنقاش حتى من منطلق عدم وجود الله وغياب القهر الرباني للبشر ، وان القضية مجرد قوانين موجودة في الكون بحاجة الى الإكتشاف ، لكن البشر لم يتوصلوا الى نتيجة واضحة و لايزالون يبحثون عن هذا السر.
وقضية الشيفرة السرية لكل شخص ، و فرضيات علم فيزياء الكم عن الأكوان المتعددة ووجود عدة نسخ للشخص الواحد موزعة في تلك الأكوان ، قادتني شخصيا الى التفكير بفرضية مكملة وخلاصتها : مادامت الشيفرة غير مادية منفصلة عن الجسد وحصار اللغة والمعتقدات الدينية فرضت علينا تسميتها بالروح ، لماذا لانفترض ان نسخ الإنسان المتعددة في الأكوان الأخرى قد تكون على شكل طاقة معينة بلا جسد تنشطر عن الشيفرة الأصلية وتتواجد هناك وفق قوانين تلك الأكوان ؟
وهنا يمكننا الحديث عن كينونة لانهائية للإنسان وغير محددة معالمها ، وان نسخته الأرض التي نشاهدها أمامنا هي إحدى تجليات تلك الشيفرة السرية له ، ولا يستبعد ان يكون عمر هذه الشيفرة المنشطرة أبديا خالدا يتجدد في أحوال مختلفة ، مثلما تدعي عقيدة تناسخ الأرواح فيما يخص حياتنا على الأرض ، لكنها لم تتطرق لوجود تعدد نسخ الشخصية في الأكوان الأخرى .
طبعا نحن هنا لانستطيع إستعمال جدية التفكير المنطقي ، فالقضية تبدو لها أبعاد أخرى أكبر من المنطق البشري المختص بالحياة الأرضية العادية ، ولايُستبعد مستقبلا البشرية تتوصل الى إكتشاف قوانين الشيفرة البشرية ، وربما التعرف على الأكوان الأخرى ، وحتما نحن البشر لدينا فضول وشوق كبير للتعرف على النسخ الأخرى من شخصياتنا المنتشرة في أماكن متعددة من الأكوان – إن وجدت فعلا – .. مع التنويه هنا أننا نستبعد الأديان واستعارتها من الحضارات القديمة مفاهيم الروح والخلود وغيرها.