الشيعة بين شعائرهم والهجمات الإعلامية: من المستفيد من تأجيج الانقسام؟

الشيعة بين شعائرهم والهجمات الإعلامية: من المستفيد من تأجيج الانقسام؟

في مدنهم، وعلى نفقتهم الخاصة، يمارس الشيعة شعائرهم الدينية، مستذكرين مأساة الإمام الحسين “ع” التي هزّت ضمير التاريخ الإسلامي. لا يعتدون على أحد، ولا يفرضون طقوسهم على الآخرين، بل يطالبون فقط بحقهم في التعبير عن معتقداتهم ضمن فضائهم الخاص.
ومع ذلك، يتعرضون لهجمات إعلامية وتحريضية متكررة، تُصوّرهم وكأنهم خطر داهم على وحدة الأمة.
تتجاوز هذه الهجمات مجرد النقد، لتصل إلى التخريب المتعمد لمواكبهم، والحرق المتكرر لمظاهر شعائرهم، في مشهد يثير تساؤلات جوهرية: لماذا يُستهدف الحزن؟ ولماذا يُصوّر التعبير الديني الشيعي وكأنه تهديد وجودي؟
الجواب لا يكمن في الخلاف الفقهي أو العقائدي، بل في توظيف هذا الخلاف كأداة سياسية. فالهجوم على الشيعة لا ينبع من اختلاف ديني بريء، بل من رغبة في صناعة “عدو داخلي” يُستخدم لتشتيت الانتباه عن الصراعات الحقيقية، ولإعادة تشكيل الاصطفافات الإقليمية وفق مصالح قوى خارجية.
المفارقة الصارخة أن دولا عربية تضيّق على الشعائر الشيعية، تفتح أبوابها لطقوس الهندوس والبوذيين، وتحتفي بما تسميه “التعايش الديني” والانفتاح الثقافي.
فكيف يُحتفى بالآخر البعيد، ويُقصى القريب الذي يشترك مع ابناء تلك الدول في الدين واللغة والتاريخ؟ هذا التناقض يكشف أن الهجوم ليس دينيًا، بل سياسيًا ومصلحيًا.
لذا يمكن الاستنتاج ان الهجمات الإعلامية الممنهجة لا تُبث من فراغ، بل من غرف عمليات ممولة، ومنصات تُجنّد كتّابًا ومؤثرين لتأجيج الكراهية، وشبكات إلكترونية تعيد تدوير الصور والمقاطع خارج سياقها، لتصنع “رعبًا طائفيًا” وهميًا يخدم أجندات ضيقة.
واللافت أن هذه الحملات تشتد كلما تصاعد الصراع مع إسرائيل، وكأن المطلوب تحويل وجهة الصراع من “عربي-إسرائيلي” إلى “سني-شيعي”، بما يخدم استراتيجيات التفتيت ويضعف الجبهة الداخلية.
فبعض القوى الشيعية تُعد من أبرز من يواجه المشروع الصهيوني، وتحويلها إلى “عدو داخلي” يصب في مصلحة إسرائيل استراتيجيًا.
إذًا فالتحريض الطائفي ليس مجرد انحراف أخلاقي ومن يهاجم الشيعة، فهو إما جاهل يُستغل لأغراض يجهلها، أو فاعل مدفوع بأجندة معادية.