يبدو ومن خلال متابعة للحراك السياسي في داخل البيت الشيعي أن قواه بدت غير منسجمة مع بعضها البعض ، وبدت خريطة تحرك هذه القوى يأخذ منحى آخر غير الذي كان يسير سابقا” ، فبدت التحالفات قبيل الانتخابات تظهر شيئاً فشيئاً ، مع بروز لاعب آخر مهم على الساحة الشيعية ، ألا وهو ” الحشد الشعبي ” الذي أستطاع من تغيير خارطة التحرك السياسي الشيعي ، وغير خطط القوى الكبرى في داخل التحالف الشيعي ، لهذا بدت بعض قوى التحالف الوطني متخوفة من الانتخابات القادمة ،وسط تكهنات بان التحالفات ستأخذ منحى جديد غير المنحى السابق ، وستعمد هذه القوى الى تغيير في تكتيكاتها الانتخابية ، وسط مزاحمة فاعلة لقوى الحشد الشعبي ، والتي ستعمل على أستقطاب جميع قوى الفصائل المسلحة في داخلها ، وتشكيل جبهة عريضة تدخل بها الانتخابات القادمة .
التشظي والانقسام الذي شهدته الكتل السياسية عموماً ( السنية والشيعية والكردية ) ألقى بظلاله على المشهد الانتخابي ، وخصوصاً القوى الشيعية والتي بدت غير متفقة في توحيد رؤاها ومواقفها السياسية ، فنشهد الانقسام الذي تعرض له تيار شهيد المحراب ، وخروج الحكيم من المجلس الأعلى وتشكيله لتيار الحكمة الوطني ، الأمر الذي ينعكس على تعدد القوى الشيعية ، وبالتالي تعدد قراره السياسي وقوته ، الأمر الذي يجعل جميع الاحتمالات مفتوحة في قدرة هذا التحالف على البقاء بالصدارة ، وسيطرته على الأغلبية في داخل البرلمان ، والاحتفاظ برئاسة الوزراء على الأمد البعيد ؟!!
عدم الانسجام هي السمة الأبرز بين قوى التحالف الشيعي ، فالقوى الكبيرة في داخله ، لم تبدي أي موقف من تحالفها مع بعضها البعض ، وعبرت عن هذا الموقف في أكثر من مناسبة ، فالتيار الصدري بدا حاسماً لموقفه في الخروج من التحالف لوطني ، والتحرك نحو القوى المدنية لتشكيل جبهة يكون هو من يقودها ، ويسعى بذلك الى أن يكون الممثل الأبرز للتشيع سياسياً ، كما إن حزب الدعوة أو بالأحرى ” دولة القانون ” التي ستبقى على حالها ، وسيعمد السيد العبادي الى الخروج منها وتشكيل جبهة أخرى وإيجاد تحالفات جديدة ، للتخلص من تأثير خصمه وغريمه المالكي ، الى جانب الانقسام الحاصل في المجلس الأعلى وخروج الحكيم منه ، وتشكيل تيار الحكمة ، والذي رغم أن قيادته تمتلك مقومات جيدة في التعاطي مع الوضع السياسي ، ولكن ذلك لا يعني أن الوضع السياسي وخصوصاً الوضع الشيعي يتحمل مثل هذه الاهتزازات ، لان كثرة القوى السياسية سيجعل قوة القرار متشظية وضعيفة .
أعتقد وكما يرى الكثير من المحللين أن القوى السياسية بدأت بالتحرك نحو القوى الصغيرة ، في محاولة لكسب أصواتها واحتوائها في القوائم الكبيرة ، خصوصاً وأن القانون الجديد لا يسمح بعبور هذه القوائم ، لذا ستجد ملجأ لها عبر القوائم الكبيرة لضمان كسبها لمقعد في البرلمان من جانب ، وضمان ديمومة وجودها ، كما أن القوى الكبيرة ستعمد الى أحياء مفهوم ” الأغلبية السياسية أو الوطنية ” وإنهاء التحالف الوطني كليا” والذي بات يشكل عقبة أمام تحرك القوى الشيعية بحرية وانسيابية نحو باقي الكتل والقوى الأخرى ، الأمر الذي يجعلنا أمام مشهد انتخابي صعب جداً ، هذا أن صدقت رواية لإجراء الانتخابات في موعدها المقر نيسان المقبل ، والتي ستشكل انعطافة كبيرة ومهمة في تغيير الواقع السياسي العراقي الجديد .