يُعدّ آل الوگاع من أبرز البيوتات العريقة في قبيلة الجبور، إذ يحملون إرثًا اجتماعيًا وتاريخيًا كبيرًا، توارثته الأجيال جيلاً بعد جيل. وقد استطاع أجداد هذه الأسرة الكريمة أن يحافظوا على مكانتهم وهيبتهم، من خلال الحكمة في القيادة، والعدل في التحكيم، والتواضع في التعامل مع أبناء القبائل كافة، دون تفرقة أو تمييز، فكانوا دائمًا في صفّ الحق مهما كلّف الأمر.
لقد تولّت هذه الأسرة مشيخة قبيلة الجبور بدءًا من الشيخ علي الوگاع، ثم من بعده ابنه الشيخ مجبل الوگاع، ثم الشيخ عبد الرزاق مجبل الوگاع (رحمهم الله جميعًا)، حتى انتقلت الراية اليوم إلى نجله، الشيخ الشاب حاتم عبد الرزاق الوگاع، الذي ورث المشيخة عن والده، اللواء الشيخ عبد الرزاق الوگاع، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ورغم أن الشيخ حاتم ينتمي إلى جيل الشباب، إلا أنه يُعدّ من الحكماء في مضمار العمل العشائري، لما يمتلكه من فطنة ودراية، اكتسبها من بيتٍ تربّى فيه على مكارم الأخلاق وأصالة التقاليد العربية، فتعلّم منذ نعومة أظفاره كيف يكون الشيخ الحازم والعادل، وكيف يكون المرجع العشائري الصادق والصريح.
اليوم، يُعرف الشيخ حاتم الوگاع، أو كما يُكنّى بـ”أبو راكان”، بأنه مرجعية عشائرية بارزة، يُقصَد مضيفه من جميع أنحاء محافظة نينوى، بل ومن مختلف مناطق العراق، شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا. إنه وريث مضيف “آل الوگاع” الشهير بالحظ والبخت، الواقع في قرية الحود جنوب الموصل، وهو مضيفٌ عريق، شيّده الأجداد، وكان شاهدًا على استقبال الملوك والرؤساء والوزراء وكبار رجال الدولة، الذين كانوا يعتبرون هذا البيت مرجعًا عشائريًا ومركز حكمة ومشورة.
ولو عدنا إلى التاريخ، لوجدنا أن عائلة الوگاع كانت شريكة في صناعة القرار السياسي، لا سيما في العهد الملكي، حيث كانت تُستشار في شؤون مهمة تمسّ الدولة والمجتمع. واستمر هذا الدور في العهد الجمهوري، إذ بقي هذا المضيف مقصَد الحكومات المتعاقبة، سواء المحلية منها أو المركزية، كلما احتاجت إلى رأي عشائري يُسهم في حلّ نزاع، أو يسند اتخاذ قرار في قضايا مجتمعية كبرى.
واليوم، يبرز الشيخ حاتم الوگاع كأحد أعمدة العمل العشائري في العراق، وكرمزٍ لثقافة السلم الأهلي والتفاهم المجتمعي. فقد استطاع أن يرسّخ قواعد الاستقرار بين أبناء العشائر، من خلال حكمته، وحرصه على جمع الكلمة، ونبذ الفتنة، وتقريب وجهات النظر بين الخصوم، حتى أصبح صوته مسموعًا وكلمته مرجعيةً لكل من يلجأ إليه من المسؤولين والشخصيات العامة.
إن الشيخ أبو راكان يجسّد المعنى الحقيقي للقيادة العشائرية، التي لا تقوم على الهيبة فقط، بل على المواقف الثابتة، والرؤية المتّزنة، والقدرة على التوفيق بين القانون العشائري والقانون المدني، بما يخدم أمن الدولة والمجتمع.
فهو ليس مجرّد شيخ قبيلة، بل شخصية وطنية ذات حضور قوي ومؤثر، تحظى بمحبة واحترام أبناء قبيلة الجبور بمختلف أماكن سكناهم وطبقاتهم الاجتماعية، وتُعدّ كلمته اليوم بمثابة “مشورة وطن” يُؤخذ بها، لا سيّما في ظلّ التحديات التي تمرّ بها البلاد.
نعم، نحن اليوم أمام قامة عشائرية كبيرة، استطاعت أن تفرض حضورها بثبات، وتُحافظ على إرث الأجداد، وتمضي به بثقة إلى المستقبل، ليبقى بيت “آل الوگاع” منارةً للحكمة، وعنوانًا للفخر، وملاذًا للعدالة…….