الشيخ التستيري فقيه وخطيب المتوفى 1303هـ طلب منه عبد ان يكون موضوع خطبته عن عتق رقبة العبد لان هذا العبد كان في غاية التعاسة مع سيده ، وجاء موعد المجلس وجلس العبد ينتظر وعظه بما طلب منه ، فلم يتطرق له ، قال العبد لابد انه نسى وسيتذكر في المجلس الثاني ، وفي المجلس الثاني ايضا لم يتطرق لطلبه والثالث والرابع فياس العبد من تلبية طلبه وبعد سنة تطرق الشيخ جعفر التستيري الى موضوع عتق رقبة العبيد وكانت مواعظه مؤثرة الى درجة ان ذلك السيد اعتق هذا العبد الذي طلب من الشيخ ان يتحدث بشانه .
استغرب العبد من تاخر الشيخ في التطرق لقضيته فسال الشيخ عن سبب التاخير وبعد سنة تحدث بشانه فقال له لقد انتظرت سنة لكي اجمع ثمن عبد فاشتريت عبد واعتقته ومن ثم تحدثت ووعظت الناس بضرورة العتق لانني لا احب ان انصح الناس وانا لم افعل ما اطلبه منهم .
هذا الخطيب له موقف اخر على غرار هذا الموقف حيث طلب منه التجار ان يحث الناس على عدم شراء القماش الاجنبي وشراء القماش المحلي لان المحلي افضل وارخص فتاخر عشرة ايام ومن ثم بدا يعظ الناس بعدم شراء الاجنبي طالما المحلي موجود مما جعل ممن يرتدي ملابس بقماش اجنبي يخجل من نفسه وسرعان ما بدل ملابسه ، فسالوه لماذا تاخرت عشرة ايام فقال كنت اريد ان اتاكد من بيتي وبيت اقربائي بانه لا يوجد فيها هذا القماش الاجنبي حتى اكون صادق بوعظ الناس وابدا بنفسي
امران مهمان يلفتا النظر من خلال هذه المواقف ، الاول العجيب بعد (1300) سنة من رسالة الاسلام ولا زالت تجارة العبيد ، ومن اين هؤلاء العبيد وكيف توطنوا في النجف مدينة الامام علي عليه السلام ، وقد قرات قصة لاحد العلماء انه كان يشتري العبد عند سفره لزيارة كربلاء وبعد عودته يعتقه ، فتعجبت من وجود عبيد للبيع والشراء .
الثاني تجسيد الاية (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) في اخلاقيات الخطيب والواعظ والناصح فاين نحن من هذا الخلق ، بل شاهدنا العكس للاسف الشديد وهذه الاية عندما يلتزم بها الخطيب يصبح كلامه مؤثر وفعال بدليل عندما حث على عدم شراء الاجنبي طالما يوجد المحلي .
اليوم هل نستطيع ان نحث على شراء المحلي وترك الاجنبي ؟ السؤال موجه الى الطبقة السياسية التي بيدها خيرات العراق ؟ وحتى اذا اراد المواطن ان يلتزم بتشجيع المنتوج المحلي فانه لا يستطيع بحكم جودة الصاعة وعدم الصناعة فيضطر الى ان يتعامل مع الاجنبي ، بل الاسوء من ذلك ان حكومتنا الموقرة فتحت منافذ استيراد الاجنبي السكراب ليستنزف الاموال العراقية .
لو كان الشيخ التستيري على قيد الحياة في يومنا هذا ماذا كان سيفعل ويرى المنكر يحاصر المعروف .
هو جعفر بن الحسين بن الحسن التُّسْتَري، نسبة إلى مدينة تُسْتَر (بالفارسيّة شوشتر) في محافظة خوزستان جنوب غرب إيران. كانت ولادته عام 1230 للهجرة الموافق لـ 1810م.
يتحدّر رضوان الله عليه من أسرة آل النّجّار العلميّة، والتي أنجبت العديد من الصُّلحاء والعُبَّاد وأهل الوعظ، ومن بينهم والده المُلقَّب بالشّيخ حسين الواعظ، من تلامذة السيّد المجاهد محمد بن علي الطباطبائي صاحب (مفاتيح الأصول).
وتوفّي في العشرين من صفر عام 1303 للهجرة ، وكان له من العمر في حينها ثلاث وسبعون سنة.