18 ديسمبر، 2024 10:08 م

الشيخة المرحومة رابعة الجاسم المرأة التي بكتها الملائكة

الشيخة المرحومة رابعة الجاسم المرأة التي بكتها الملائكة

تعارفت على صديقي واخي العزيز العقيد الركن المتقاعد احمد علي الصويلح في ثمانينات القرن الماضي والذي كان يسكن الجانب الايسر منطقة النمرود قرية السلامية علما انهم كانوا قبل ذلك يسكنون قرية النمرود الواقعة على ضفاف نهر دجلة ويرجع نسبه الى عشيرة الخليل.. قبيلة البوعيسى الدليمية…. ومن خلال معرفته مع هذا الانسان الرائع… الانسان المخلص والوفي مع كل من يعرفه وبعد ان تطورت العلاقات الاخوية بيننا واصبحت علاقات عائلية كنت دوماً ازوره في منزله والذي تم تشيده في تلك الفترة من بناء طابقين في تلك القرية تعرفت على عائلته الكريمة وما اريد ان نذكره في هذه المقالة وأركز اهتمامي كثيرا به هي والدته رحمها الله الشيخة الحاجة المرحومة رابعة الجاسم ام محمد تلك المرأة التي تحمل في قلبها كل الطيب ومحبة الناس وانني والله لم اجد مطلقا امرأة بمواصفات تلك المرأة من ناحية الكرم ومن ناحية النية السليمة فإنها كانت امرأة مؤمنة مسلمة كريمة بحق وبما ان الارض قد خلت من الانبياء والا فإنني اعتبرتها في درجة الانبياء في حينها لما تحمله من فطرة سليمة وكلام طيب وحرص لم أراه في وقتها والوقت الحاضر من أم على ولدها علما ان صديقي احمد في ذلك الوقت ضابط في الجيش العراقي وبرتبة نقيب وكانت تنظر اليه وكأنه شاب يافع تخاف عليه كما يقول المثل الشعبي ((من الهوى الهاب)) فأجدها تسألني عند نعود من احدى سفراتنا التي نقوم بها لزيارة احد الاصدقاء هل اكلتم عندما ذهبتم في مسيركم هذا.. هل انتم محتاجون شيئا الان وهل؟ وهل؟ وهل؟ أسئلة كثيرة من باب الحرص النقي الشديد…
كان صديقي احمد يكن كل الاحترام لأمه وأبيه الحاج الشيخ علي الصويلح عارفة زمانه وكان له دور بارز في مجالس الصلح بين ابناء منطقته بمختلف عشائرهم وكان صديقي ابوشهاب يحب كل افراد عائلته وايضا مهتم جدا بعائلة اخيه الشهيد محمد وكانت الام لها الميزة والمحبة الخاصة..
عاشت الشيخة رابعة وقلبها يدمي ألما دوما لفقدان ابنها الشهيد وهو ابنها الكبير محمد ابوكرم وكنت كلما رأيتها وجدت في عيونها دموع الحزن وتأثير استشهاد ابنها عليها…
كان كل معارف واقارب صديقي يكنون الاحترام والتقدير لهذه المرأة المضحية المرأة التي خلقها الله على الفطرة السليمة ومنحها اصول الدين وعلمها اياها بدون مدارس وبقت الى حين وفاتها ترحب بضيوفها قبل ان تعرفهم وتقدم لهم الطعام والشراب لحين عودة صاحب المنزل….وقد قلتها في حينها في أحد مجالس قبيلة الدليم في الفلوجة والله لوقسم الله الطيب في الارض الى ثلاثة اقسام لوجدت ان ثلثه في قلب الشيخة رابعة الجاسم بنت عشيرة الخليل قبيلة الدليم فقام في حينها احد المشايخ هناك وقبلني من رأسي وقال لي اشكرك على ذكر الافعال الطيبة والكريمة لامرأة دليمية…..انقطعت اخباري في تلك الفترة بصديقي بسبب مشاغل الحياة وانتقال سكني الى العاصمة بغداد وعندما التقيت باحد معارفهم بعد حيناً من الزمان سألته عن عائلة صديقي احمد فابلغني انه موجود في نفس عنوان مسكنه القديم وابلغني بوفاة والدته.. وبصورة عفوية ولا ارادية قلت له لقد ماتت الملائكة وأيدني بذلك ووصف لي لحظة تشييعها وقال فعلا لقد صلى عليها الملائكة ولقد رأينا معجزات اثناء دفنها واكمل حديثه بأنه لم يرى اويسمع مثلما شاهد من تشييع مميز ورجال ونساء تبكي لفقدانها…..
نعم انها الشيخة رابعة الجاسم عاشت وماتت على الفطرة المحمدية السليمة.. عاشت معنا بقلب ابيض وستقابل ربها بهذا القلب الطيب..
ودعائنا لها بالرحمة والمغفرة وان يكون مسكنها جنان النعيم مع الشهداء والصديقين. مع الذين تقول لهم الملائكة ادخلوها بسلام آمنين…