مازال ينظر إلى الشوكولاتة كنوع من استهلاك الترف، وهو تفسير شائع في بلداننا العربية، لكن تعميمه قد لا يكون صحيحا تماما، لأن ليست كل الشوكولاتة مقترنة بالعيش الرغيد.
مازال ينظر إلى الشوكولاتة كنوع من استهلاك الترف، وهو تفسير شائع في بلداننا العربية، لكن تعميمه قد لا يكون صحيحا تماما، لأن ليست كل الشوكولاتة مقترنة بالعيش الرغيد، وبعضها لا يمت بصلة لسمعة سويسرا مثلا، لأن أسعارها لاتختلف عن أي حلوى زهيدة أخرى.
الغربيون انشغلوا على مدار الأسبوع الماضي بالشوكولاتة، لأنها مرتبطة بعيد الفصح لسبب ما، هو كما أعتقد غير السبب الذي يجعلها تشير إلى العواطف والذكريات.
حتى الإعلانات التلفزيونية للشوكولاتة تبدو مصنوعة من الحلم والشعور الفنطازي بعد تناولها، ويبدو فيها أن الساكنين في الجنة هبطوا من أجل تناولها!
أنا أحد الذين يقبلون بـ“خدعة” تحليلات الباحثين والأطباء بأن الشوكولاتة مصدر للسعادة، أتقبل هذه المعلومة كما هي وأعدها صحيحة من دون جدل منطقي! ربما استوحى المعلنون من تلك السعادة عندما ارتبط تناول الشوكولاتة بالراحة النفسية، وهي خدعة مقبولة أكثر من حبوب السعادة.
يبدو لي حتى الأطباء بعدما يفرغون من دراستهم المحذرة من تناول الشوكولاتة يذهبون إلى تناولها! لأنه يمكن أن يوفر التركيز على الشوكولاتة بعض الحماية ضد تأثير عادات الأكل الصحية.
كما يكتب مراسل صحيفة فايننشيال تايمز رالف أتكينز “إذا تناول المستهلكون طعاما أقل، فسيفضلون الجودة على الكمية، ويفضلون المنتجات التي تحتوي في مكوناتها على المكسرات أو الفواكه”.
الشوكولاتة البلجيكية أشبه بقطعة تاريخية، لا تهتم بالشكل بقدر ما توفر الطعم عبر كرات أو مكعبات صغيرة داكنة غير مشطبة السطح، بينما السويسرية جزء من سمعة البلاد مثلها مثل الساعات، يبدو الشكل نوعا من خيار فني مرتبط بالطعم.
لا تزرع سويسرا حبوب الكاكاو لكنها اخترعت شوكولاتة الحليب في أواخر القرن التاسع عشر، نتيجة البراعة الهندسية وفائض الحليب من الأبقار.
الفكرة العاطفية لتلك الحلوى تنعكس على طبيعة التفكير التجاري لتتحول صناعة المال إلى نوع آخر من العاطفة عبر الكلمات! وهذا ما يفسر كلام إيرنست تانر، الرئيس التنفيذي لكبرى الشركات المصنعة للشوكولاتة في سويسرا، عندما يواجه سؤال تخلي الكثير من الناس عن تناولها لخيار أطعمة صحية أخرى، بالقول “نحن لسنا في تلك السوق العامة، مكاننا في الواقع هو معك حين تريد أن تطلق العنان لنفسك، وعندما ترغب في الاسترخاء ونسيان العالم لتنعم بلحظة من السلام والمتعة”.
هذا كلام يطلقه الشعراء وليس مدراء الشركات الذين لا يهمهم غير التسويق.
في النهاية تبقى الشوكولاتة خدعة عاطفية نثق بها، لماذا؟ هذا مرتبط بنوعية الأذواق!
نقلا عن العرب