{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
إتصف الشهيد يوسف توما هرمز، بإنتماء مؤمن بالله والوطن، تعطر به.. جوهرا ومظهر، منذ ولادته العام صورة1951، في دهوك / صبنة / قرية بليجاني، الواقعة قرب قلعة عمادية.
إندلاع حركة النضال الكردي المسلح، في المنطقة؛ ألجأ عائلته، الى الهجرة سنة 1961، مع الاف العوائل المسيحية الاخرى، متوجهين الى كركوك، التي درس الابتدائية والثانوية فيها، داخلا جامعة السليمانية / كلية العلوم – قسم الفيزياء.
ريعان الجرأة
محب للإنسانية، جريئاً منذ ريعان شبابه، ترجم تلك الاستعدادات المعنوية والعضلية، الى منهج عمل، من خلال مشاركته في تأسيس ودعم مؤسسات آشورية.. قومية ووطنية، برزت فيها ملامح شخصيته القيادية والفكرية، وهو لم يزل طالبا جامعياً؛ إذ عرف بنشاط سياسي ميزه من بين رفاقه.
ومن بعض فعالياته، الاسهام بتأسيس إتحاد الطلبة الاثوريين في الجامعة والنادي الثقافي الاثوري في السليمانية؛ منبرين اجتماعيين وثقافيين وسياسيين.
تخرج العام 1974 حاملا شهادة البكالوريوس في علوم الفيزياء، وإنخرط في أداء الخدمة العسكرية الالزامية والاحتياطية، متواصلا فيها، منذ تخرجه الى يوم استشهاده.
جثامين طاهرة
طلبة وشباب وعسكريون ومهندسون ورجال أعمال وعامة المتماهين مع السعي للحد من التهميش الذي يعانيه الآشوريون، تكللت جهودهم بإنشاء “الحركة الديمقراطية الاشورية” العام 1979؛ لتعنى بترسيخ شعار: “عراق ديمقراطي حر الاقرار بالوجود القومي الاشوري” حاملة السلاح، الى جانب الفصائل المعارضة للطاغية المقبور صدام حسين، منذ 1982.
تفرد يوسف بجدية تواظب على مواجهة الباطل بقوة الحق، مهما عاشها وهنا على وهن؛ الأمر الذي أسفر عن نيل إكليل الشهادة.. غاراً في دهاليز سجون (ابو غريــــــب) وأقبيتها العفنة.
بقرار من مجلس قيادة الثورة المنحل في 19/11/1984 وفق المادة 175/2 و 1/204 /أ بدلالة المواد 49 و50 و53 من قانون العقوبات؛ أعدم يوسف توما هرمز ورفاقه يوبرت بنيامين (مهندس) و يوخنا ايشو ججو (مقاول) في 3 شباط 1985.
وجد الكاشفون على الجثامين الطاهرة، آثارا تشف عن أنواعٍ سادية من التعذيب الجسدي، وقال المطلعون على سير الاعتقال، أنه تعرض لأبشع جرائم المراوغة النفسية؛ لأنه رفض أن يساوم على مبادئه، متحرزا دون الخضوع لارادة الدكتاتوية.
إعتصم الشهيد.. رحمه الله.. برفض التخلي عن رفاقه، في أحلك اوقات المحنة؛ ما جعله قدوة تضيء ظلــــــمات (ابو غريب) لأجيال تالية من المناضلين .
شنق فكرة
العقوبة الصادرة من صدام حسين، بحق الابطال، تبدأ بالإعدام ولا تنتهي به؛ إذ حكم على والده.. المفكر العالمي الآشوري الشهير توما هرمز الزيباري، بالسجن المؤبد، مجرمينه بالقضية نفسها؛ لأنه وضع حلولا جذرية منصفة للقضية الاشورية.
كان يوسف قد تزوج، العام 1978، منجبا المهندس نينب 1980 والمهندسة نينا 1984، يحملان إسمه وتاريخه المشرفين خلودا.
طاب أديم الارض التي إحتضنت رفاته، بينما وتعالت روحه، منسابة بصفاء.. تحل الى جانب السيد المسيح.. عيسى بن مريم.. عليه السلام، في علياء الجنة، شهيدا يستظل بشهيد.