{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
جابه الشهيد هاني دنحا داود، أزلام الطاغية المقبور صدام حسين، مستبسلا بشجاعة منقطعة النظير، عندما داهموا بيته ليلا، مثل خفافيش الظلام؛ بإعتباره شيوعياً.
حققوا معه، في دائرة الإستخبارات؛ بحكم العائدية؛ لأنه عسكري؛ فلم يتنكر لشيوعيته، بل كاد يقنع محققيه بالتعاطف مع الماركسية! لهدوئه وبلاغة منطقه، وحجته الراسخة في الإقناع.
يستفيد من ديانته المسيحية، في دعم حديثه بآيات من الإنجيل، على غير ما يشاع من إلحاد الشيوعيين، وله بالقائد الشيوعي الخالد.. الشهيد فهد إسوة حسنة.
رصانة
يبلغ دنحا الثامنة والثلاثين من العمر، حين إستشهد، فهو تولد 1948 ولاقى ربه العام 1986 أعزب.. عاش ومات، من دون زواج، عادا أطفال الكون.. قاطبة، أبناءه.
إنضم الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي، قبل ان ينخرط في الجيش، جنديا؛ إلتزم المهمة، كي يعطي القدوة الحسنة في الأداء الإجتماعي المنضبط؛ تدعيما لأركان الحزب، في قناعات الآخرين، وترصينا لشخصيته القويمة، التي تعد الرفعة فطرة أخلاقية راسخة فيها.
حكمة
“ليس لدى الرب أمرا محالا” آية إنجيلية مقدسة، إستقاها حكمة في حياته، يواجه بها الصعاب المحدقة بشخصه، كمناضل شيوعي، او كعسكري، أو كإنسان.. مواطن في العراق البوليسي المريع؛ إبان طغيان البعث الجائر وديكتاتوره صدام حسين.
فهو حكيم متئد الأفكار وثاب الرؤى، لذا كان حزبيا مؤثرا في محيطيه.. العسكري والإجتماعي، ما جعله محط إحترام؛ أدى الى إستجابة كثير من الكسب الجديد للشيوعية.. إنتظاما او توجها نظريا، في الميل الماركسي وعموم “البلشفية”.
مواجهة
فوجئ ليلا بكتيبة من مسلحين ليسوا شجعان في المواجهة؛ لأنهم لا عقيدة ولا إيمان يشدهم الى ما يقدمون عليه، إنما مجرد أداء وظيفي صم، إحترفوا القتل خلاله.
بعد بطولة متفردة، أبداها الشهيد هاني، جسد فيها معاني المناضل الشجاع، نظير جبن واضح من أفراد الكتيبة، غلبت الكثرة على الشجاعة، وتمكنوا منه.. إعتقلوه، كما لو يصطادون أسدا قسورا، قيدوه بالسلاسل، وما زالوا خائفين، وألقوا به وراء ظلمات غرف الإستخبارات العسكرية، وهم وجلين من إحتمال تحرره؛ فالجبان يظل خائفا مهما تمكن من خصمه.
ثرامات
عقب إعدامه، في ثرامات الشعبة الخامسة، لم يكف التنظيم الحزبي وقوى الضلال الصدامي أذاهم عن عائلته؛ إذ واظبوا بخسة على إفتعال المضايقات لعائلة الشهيد الخالد هاني دنحا.. طاب ذكره.
لم يبقِ السمة شلوا من رفات جثته، في قاع “دجلة” لكن أفعاله عالقة في ذاكرة الجميع.