23 ديسمبر، 2024 6:58 ص

الشهيد كنوش وتحية الشهادة

الشهيد كنوش وتحية الشهادة

هزتني من الاعماق؛ صورة الشهيد السعيد علي عبد الكاظم الساعدي, والملقب بـــ(كنوش) كما يحب أن يُسمى, أحد شهداء سرايا عاشوراء ضمن عمليات تحرير الفلوجة, وهو يؤدي تحية الوداع الأبدي لوالدته.
ذلك الفتى البغدادي؛ الذي نهض ملبياً لنداء المرجعية الدينية بالجهاد المقدس, حيث عرف بنقاوته روحه الطاهرة, ونفسه المرحة, واللطافة في تصرفاته, والمواظبة بأداء واجباته, وتفانيه في عمل الشاق والخطر؛ وهو تفكيك ورفع العبوات والمفخخات أو كما يسمى عسكرياً (الجهد الهندسي).
كنوش؛ ذات العشرين ربيعاً, وقف مبتهجاً أمام والدته مؤدياً لها التحية العسكرية, ليس مجرد صدفة, وانما كما يبدو هي من موارد ظرافته المعتاد عليه, كلما نزل مجازاً بعد انتهاء واجبه أو كان ملتحقاً بعد استكمال أجازته, كما بصورة نشرت له.
الشهيد علي؛ والذي كان لا يعلم إن تلك هي أخر لحظة من لحظات الوداع مع من كانت الجنة تحت قدميها, ومع إن تلك الصورة بقيت عالقة في ذكريات للوداع, ومورد للملاطفة أو ظرافة, لكنها بقيت ومضة تحاكي الضمائر والعقول الواعية.
إن الأجل هو من دفع الشاب كنوش لان يأخذ التحية لذلك الجبل الشامخ, ليحتفظ بها الدهر حتى يجعلها لنا درس من دروس فتوى الجهاد الكفائي, لنتعرف على سلوكيات أولئك الذين تخلقوا بأخلاق الاولياء, وتنزهوا بثياب الاتقياء حتى نالوا رضا الله.
والحقيقة التي يجب أدراكها؛ إن والدة علي لم تكن أم كبقية الأمهات, انما والدة لملاك من سكان الجنان, اختاره الله حيث يشاء خلقاً وأخلاقاً وشهادة.