{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
الإعتراض على حرب هوجاء؛ يراد بها إعلاء كلمة الباطل تطوق الحق، ورفض المشاركة فيها، إحترام كوني للذات، يلج بصاحبه من ضيق النفاق الدنيوي الزائل، الى رحاب الجنة الدائمة.
لذا وقف الشهيد كاظم خزي هيس مايع، بوجه تنظيمات حزب البعث المنحل؛ رافضا الرضوخ لأمر الطاغية المقبور صدام حسين، بسوقه للعسكرية، مقاتلا، ضد إيران؛ كي يبقى عدي صدام حسين مرفها، يعتدي على أعراض الناس بدناءة تشين رجولته.
هروب واعٍ
إستشهد مايع، وله من العمر واحد وأربعون عاما؛ لهروبه من الخدمة العسكرية، فقد ولد العام 1950 وإستشهد في العام 1991؛ بعد عقود من الإعتقال، لم تنقضِ؛ لأنه ليس هاربا تقليديا، إنما يعي ما يقدم عليه، مستغرقا في ذلك سنوات طوال.
كاظم، متزوج، يسكن مدينة أبي عبد الله الحسين.. كربلاء حي الغدير، يعمل كاسبا، إعتقله تنظيم المنطقة (البعثي) وسلمه الى الجهات المعنية؛ بإعتبار هروبه من العسكرية موقفا مقصودا، وليس رغبة بحياة حرية لا تقيدها أغلال الجيش.
لهذا كله، لم يعامل كأي هرب تقليدي؛ إنما عومل بإعتباره شخصا ذا موقف مناوئ لدولة الطاغية، وليس مجرد متنصل عن أداء مهمة يعرفونها بفهمهم المنحرف (وطنية).
أعوذ بالله من هذا الفهم المناوئ للحقيقة، والذي يلوي المرامي عن أهدافها، من خلال “كلمة حق يراد بها باطلاً.
رصاص ذليل
أعدم الشهيد كاظم مايع، رميا برصاص أعضاء حزب البعث المنحل، من الأبناء العاقين لكربلاء، على واجهة بيت أهله، الذين غرموا ثمن الإطلاقات التي قتل بها.
إذلال.. أتذكر أنني سردت قصصا مماثلة، على مسامع صديقة غير عراقية؛ إنهارت بكاءً؛ للإذلال، وهي تتصور تقاضي التنظيم الحزبي للبعث المنحل، ثمن الإطلاقات من ذوي المعدوم!
إرتجزت ثلاثة أبيات شعر لأبي الطيب المتنبي: “أي محل أرتقي.. أي عظيم أرتقي.. وكل ما خلق اللـ.. ـه وما لم يخلق.. محتقر في همتي.. كشعرة في مفرقي”.
ساعدتها الأبيات الثلاثة على التماسك؛ خروجا من نوبكة بكاء أجهشت بها، وسط لفيف من المشاركين في مناسبة قضائية، جمعتنا.
لم ينته تنكيل البعثية الموتورين؛ إرضاءً للطاغية سيدهم، وهو يضلهم عن سواء السبيل إجتماعيا ودينيا، إنما دامت ضغينتهم، تلاحق ذويه، وتعكر صفو حياتهم، بعد أن حمدوا الذي لا يحمد على مكروه سواه… ظلوا ينغصون عليهم إستنشاق الهواء من خلال الإستدعاءات المستمرة.. ليليا، بالتوجه الى (فرقة حزب البعث) وغالبا المبيت فيها؛ تكريسا للأذى!