نشرت بعض المواقع الإلكترونية اليوم خبرًا أعاد إلى الأذهان ذكرى استشهاد البطل الملازم أول شعلان ذياب الجبوري، الذي ارتقى سلّم الشهادة في 10 حزيران 2014.
ينتمي الشهيد شعلان إلى أسرة وطنية عريقة من قبيلة الجبور، تقيم في قرية السفينة جنوب الموصل. وهو ابن المقاتل العقيد ذياب الحميد، أحد المقاتلين الأبطال الذين شاركوا في جميع المعارك القتالية طوال مسيرته العسكرية، والمعروف بكفاءته العالية والتزامه بالأوامر. كما أن الشهيد شعلان هو شقيق المقاتل المفوّض المعتصم، وأحد أفراد عائلة قدّمت الكثير من التضحيات في سبيل العراق.
هذه العائلة المضحية لم تكن يومًا من الأيام تبحث عن ملذّات الدنيا ورفاهيتها أكثر من حبها وعشقها للدفاع عن الوطن، والدليل على ذلك التحاق جميع أفرادها بالمؤسسة العسكرية، وهم يدركون تمامًا ما تعنيه من واجبات جسام وما تفرضه من مشاق وتضحيات جسدية ونفسية جسيمة. لقد آمنوا أن خدمة الوطن شرف لا يضاهيه أي شرف آخر.
لقد كان والد الشهيد، العقيد ذياب الحميد، قائدًا لأحد الأفواج القتالية، ودائمًا في الخطوط الأمامية. وما إن انتهت المعارك حتى أبلغوه بأنّه مشمول بقوانين أُقرت لوقف عمله العسكري، وهي قوانين فرضها المحتل، وما زال السياسيون متمسكين بها وكأنها منزّلة من السماء. والغاية من ذلك كانت ـ وما زالت ـ إقصاء الشجعان وعزلهم عن الحياة العسكرية والسياسية بعد نهاية المعارك.
لقد عوّدتنا العوائل الوطنية في العراق على البذل والعطاء من أجل الدفاع عن الأرض والمقدسات. ومع ذلك، نجد أن موقف الدولة تجاه هذه العوائل المضحّية لم يكن منصفًا في كثير من الأحيان، إذ لم يحصل العقيد ذياب وأبناؤه على كامل حقوقهم التي يستحقونها بموجب القوانين العراقية، بحجج بعيدة كل البعد عن روح الإنسانية والعدالة.
كان الشهيد شعلان يحلم أن يكون أحد آمري وقادة الجيش العراقي كونه خريج احدى الكليات العسكرية التابعة لهذه المؤسسة، وأن يواصل مسيرته العسكرية بكل عزيمة، لكن الشجعان دائمًا يضعون أرواحهم على أكفّهم، ويكونون في الخطوط الأمامية لجبهات القتال. هناك، واجه الموت بصمود وبسالة، حتى ارتقى شهيدًا وهو في ريعان شبابه.
رحل الجسد، لكن روح الشهيد شعلان ما زالت حيّة بين أهله وأصدقائه ومحبيه. ولم يكن في حسبان عائلته أن يكون الفراق بهذه السرعة، لكن قدر الشجعان أن يتركوا أثرًا خالدًا في ذاكرة الوطن.
إنَّ الشهداء ليسوا مجرّد أسماء تُكتب في السجلات، بل هم أرواح عظيمة ارتقت لتظلّ خالدة في وجدان الوطن. كلّ شهيد هو قصة بطولة، وراية مجد، وصوت يذكّرنا أن الحرية لها ثمن غالٍ. هم الذين عبدوا بدمائهم طريق الكرامة، وزرعوا الأمل في قلوب الأحياء بأن العراق سيبقى صامدًا مهما اشتدت العواصف.
رحلوا بأجسادهم، لكن أرواحهم باقية بيننا، تلهمنا الصبر والعزيمة، وتذكّرنا أن الوطن يستحق كل تضحية.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار…