19 ديسمبر، 2024 3:58 ص

الشهيد سهل الزيدي/181

الشهيد سهل الزيدي/181

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
إمتازت مدينة (الثورة – الصدر حاليا) بكونها (هيولى – حاملة نقائض) فيها المثقف ورجل الدين والفتوة الشقي.. تجمع المحترمين، جنبا الى جنب مع غير المحترمين! بإعتبار تعداد نفوسها يفوق أية مدينة أخرى، وكلهم من عوائل وافدة.. جاءت من ضيم الجنوب.. عمارة ناصرية وبصرة وكوت، مأزومين جراء آثار الإقطاع الذي ما زالت سياطه تخلف علاماتها على ظهورهم، وبالمقابل تلاقفتهم بغداد.. شديدة التحضر، بقسوة أخف وطأة من الإقطاع، لكنها.. هي الأخرى لم ترحمهم، ولا حقتهم بوصمة (إشروكية) التي يفخر بها أبناؤهم؛ لأنهم قهروا النظرة القاصرة، بالتفوق، في ميادين الحياة العملية والجمالية كافة.. أطباء ومهندسين ومحامين وضباط و…
كفة الخير ترجح، في مدينة فقيرة.. معدمة حد شظف العيش، نهض بسمعتها أبطال قهروا جبروت الطاغية المقبور صدام حسين، سيرا على نهج أبي الشهداء الإمام الحسين.. عليه السلام، حين إنتصار الرقبة على السيف!
سقط صدام نسيا منسيا، وما زال الشهداء خالدين… بينهم، إبن الثورة البار، الشهيد سهل نحش حامي محيسن الزيدي، الذي تخرج في إعدادية الثورة، بقطاع 37 الواقعة عند كعب الدنيا.. قرب السدة المهجورة، التي تهاوى ترابها ولم تعد صالحة لصد أي فيضان يجيء من نهر ديالى؛ لأن النهر جف، مثلما رمض كل شيء من حوله في العراق!
أجيال من مبدعي الأدب والفن والرياضة والعلوم والاعلام، تخرجوا في إعدادية الثورة، والإعداديات الأخرى، في المدينة.. وتاج الرؤوس شهداء القضية الكبرى.. العراق الحر! فالحرية حمراء دائما.. في كل زمان ومكان؛ لأنها مخضبة بدم الشباب.
وسهيل الزيدي، إنموذج ما زالت ذكراه حية، أولا كطالب مثالي مجتهد ومثابر وجاد في كل امور الحياة رغم صغر سنه، يواظب على واجباته المدرسية، وإلتزاماته الإجتماعية، بطاقة أداء متسقة تفوق عمره ومحدودية قدرات العائلة، جاء بمعدل عالٍ أهله للقبول في كلية الهندية بجامعة بغداد..
والده.. اطال الله في عمره.. صاحب محل لبيع الكهربائيات قرب خياطة (جميل) الشهيرة، التي تنتصب قبالة مصور الايمان (ابو سهى حاليا) في عمق الجوادر.. الحي الشهير، في الثورة ونطاق من رموزها الفقيرة.. الحيوية.. المعدمة.. الوثابة!
 إنتمى سهيل الى صفوف حزب (الدعوة) ووشى به الوشاة، وإعترف عليه من ضعفوا إزاء تعذيب الأمن العامة، بذعر وسائلها الفظيعة التي لا يطيقها إنس ولا شيطان… بالنتيجة أعدم الشهيد سهيل الزيدي، في العام 1982 شنقاً،…
حينها كان طالبا في كلية الهندسة المرحلة الثانية، ولم يكتف نظام الطاغية المقبور بذلك، إنما ألحق به أخويه الأصغر منه سنا.. أعدما معه، وهما الشهيدان حسين نحش ورحيم نحش.. رحمها الله، وحشرنا معهما يوم القيامة، شفعاء. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات