23 ديسمبر، 2024 12:10 م

الشهيد زهير العزاوي/125

الشهيد زهير العزاوي/125

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
“من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا؛ فيضاعفه له، وله أجر كريم” آية تتوسط سورة “الحديد” في كتاب الله.. القرآن الكريم، شكلت هاجسا للشهيد زهير فاضل عباس جاسم العزاوي، الشاب الغض، ذو العشرين عاما الذي يسعى نوره بين يديه، بشرى دنيوية مبكرة، تشي بنعيم، ينتظر روحه الطاهرة، مشرعا فاكهته وسلسبيل عيون الماء و… “جنات تجري من تحتها الانهار”.
فشخصية الشهيد العزاوي سبقت عمره بما أوتي من رؤيا تشف عن إدراك لطريق الله الكامل، ذي القول النقي.. “مجن للمستعصمين به”.
 
قصور الآخرة
ولد زهير فاضل، العام 1967، وإستشهد في 1987، قبل ان تتاح له فرصة بناء حياته الشخصية، التي توزعت بين تلافيف الانتماء الوجداني المؤمن بالله ورسوله.. لقيهما وهو من دون زوجة ولا بيت في الدنيا، رهانا على قصور الآخرة، العامرة بالكواعب الأبكار والذائذ و… “لهم فيها ما يدعون” فواكه وحور عين و… كل شيء.
 
تداول حر
نشأ وعاش وسكن وترعرع، حتى شب.. وقبل تمام فتوته رحل شهيدا، من الكوت الى السماء، مستنفدا حياته بالعمل في التداول الحر.. كاسبا.
لم يلهه البيع والشراء عن أصول الدين وفروعه، والمعاملات اليومية الملتزمة.. شرعيا وإنسانيا؛ إذ سلك تجارة ربح رضا الله، من خلال التعاون مع المعوزين والفقراء وإبن السبيل والمحتاج، والإلتزام الدقيقبتعاليم الله.. جل وعلا.
 
الاشرار يتألبون
تألبت قوى الشر بالضد من الخير الذي إقترن به، فكان نبراسا مضيئا، يشع بقبس من نور الله، هيمن على المجتمع وأسهم بتقويمه؛ لذا لم يطل أمد الصلاح، حتى إعتقلته مديرية أمن واسط، وبعثت به الى الأمن العامة، في بغداد، عذاب فظيع صدر الى “سادية” أفظع،…
يودون لو يطفئوا نور الله بأفواههم، ولكن الله متم نوره؛ إذ أعدموه، وظل خالدا في ذاكرة أهالي الكوت، والشرفاء ممن لمسوا قوام تجربته الاجتماعية الراقية بمعاني الإسلام الحنيف.
 
رحلة تنكيل
لم تنتهِ رحلة التنكيل الرسمي، بموت زهير العزاوي، في دهاليز ظلمات الأمن العامة، التي أطفأ الله وهج شعاعها، إنما واصلت أجهزة حزب البعث المنحل، وقوى السلطة المترتبة عليه، مضايقاتها لذوي الشهيد، من خلال إستدعاءات غير مبررة، بلزوم الحضور الى مقر الفرقة الحزبية؛ تحت ذريعة إستكمال التحقيق.
يحققون مع من ولماذا، بعد ان إستلبوا من الشهيد حق الحياة؛ نظير محاولته ان يخوض تجربة حق الاعتقاد، المحظورة في عراق الطاغية المقبور صدام حسين؟
أسئلة لا جدوى من طرحها في مستنقع الذعر، و لا أمل في الإجابة عليها، بعد ان عبرت المرحلة نظام البعث، وآل العراق الى مرحلة جديدة، بعد 9 نيسان 2003، بحمد الله وشكره.