في بلد المقابر الجماعية التي تعد من أفظع انتهاكات (حزب البعث وسفاحه صدام)،كان العراق عبارة عن سجن كبير،باستثناء بعض المناطق (العوجة ـ الرمادي ـ الموصل ـ جزء من ديالى)!.
داخل ذلك السجن الكبير الممتد من رأس البيشه أقصى الفاو حتى قمة جبل هلكرد،لم يترك البعث وصدام جريمة لم يرتكبها بحق أبناء الشعب العراقي (إعدامات ـ قتل جماعي ـ دفن أحياء ـ اغتصاب وبيع النساء ـ إذابة للبشر بأحواض التيزاب ـ المؤنفلين ـ الكيماوي ـ رمي الأحياء لحيوانات مفترسة جائعة…الخ !).
جرائم وقعت أمام أنظار الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان،وبعلم دول الجوار،لم ينبس أحدا ببنت شفه،فقد أعشت أموال البترول التي يغدق بها صدام أعين الجميع،فكانت قصص مظالم الشعب العراقي،أشبه بقصص ألف ليلة وليلة (حتى أن احد البعثيين عندما شاهد بعض مقاطع الفديو التي تصور مجرمي صدام،وهم يقومون بعمليات إعدام لبعض الأبرياء قال :والله ما ندري هيج اكو ظلم!!!.
رغم فضاعت الجرائم التي ارتكبها نظام صدام،بيد أن الأشد إيلاما من القتل تلك العناوين والسلوكيات التي ينتهجها وينعت بها ضحاياه مثل صفحة الغدر والخيانة ـ او مطالبة ذوي المعدوم دفع سعر الرصاصات التي تم إعدامه بها!! ).
يأس الشعب العراقي من الجميع،فتوجه إلى السماء بصدق،لتؤرق “بوش” وتسلبه منامه،فما كان ألا وصدام في حفرته،وانبلج لشهريار الصباح.
تنفس الشعب العراقي الصعداء،واسترد حريته،فيما استمرت المقابر الجماعية بالتهام أبناءه !.
أصر العراقيون على التمسك بحبل الحرية،ووطنوا أنفسهم أن الفرق بين مقابر صدام ومقابر ما بعد صدام هدفها عودة “حليمة”!،فوهبوا دماء فلذات أكبادهم بطيب خاطر على منحر الحرية.
تعافى الوطن،واستقر المخلفون على الكراسي،وبينما لازالت دماء الشهداء ندية،وجراح ذويهم لم تندمل.
عادت علينا تصنيفات العهد المباد!،فالشهيد “ألف” هو المنتمي إلى الحزب الحاكم،واستشهد على يد البعث!،والشهيد “ب” هو من استشهد بعمليات إرهاب البعث بعد التغيير!،والشهيد “ج” هو من لبى فتوى “الدفاع الكفائي” التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا دفاعاً عن الأرض والعرض،وانتمائه للوطن فقط.
الغريب ان الشهيد “ج”،يفترق كثيراً عن اخوته “أ” و “ب” في العطاء والامتيازات،فهو لم يشمل بـ “البدل النقدي”،ولم يصرف له فرق الراتب بأثر رجعي برغم تصويت البرلمان على مساواة رواتب الحشد الشعبي المقدس بالقوات الأمنية.
الطامة الكبرى أن البرلمان اقر قانون خول مؤسسة الشهداء صرف المنح(بحسب مؤسسة شهداء واسط) باجتهادات شخصية،ما جعل المؤسسة لا تعترف بـ “القسام الشرعي” الذي قسم الإرث بحسب القانون الوضعي الذي التزم بالمادة الثانية من الدستور والفقرة ” أ” منه.
يبدو أن هناك استهداف للشهيد “ج” الملبي لفتوى المرجعية ،تقف خلفها عقد حزبية وعقائدية،جعلت ذويه يعيشون الأمرين،مرارة الفقدان،ومرارة الندامة أحيانا،بسبب تلك التصنيفات المجترة من سلوكيات البعث وصدام.
فهم كانوا يتوقعون أن تنصب لفلذات أكبادهم تماثيل على أسوار بغداد،تحكي للأجيال حكايات (ليل داعش)،ولم يجري بخلدهم ان يستجدوا مؤسسة تدعي أنها تمثلهم!.