23 ديسمبر، 2024 11:53 ص

الشهيد الثمانيني كمال براوجلي مثال الغيرة العراقية والشجاعة التركمانية

الشهيد الثمانيني كمال براوجلي مثال الغيرة العراقية والشجاعة التركمانية

ما سطره الشهيد الثمانيني كمال مصطفى رضا كهية بدمائه الزكية يوم 17 حزيران 2014 واستبساله في الدفاع عن أرضه وعرضه في قرية براوجلي التابعة الى طوز خرماتو ، يذكرنا بالبطل عمر المختار في دفاعه عن الكرامة العراقية وذوده عن الشرف التركماني ضد الاوغاد الذين دنسوا ارض الوطن ، حينما اختار طريق الشهادة والاستبسال عن ارضه وعرضه وماله ووطنه ، وهو حفيد رضا كهية شيخ عشيرة البراوجلية الذي قاوم الانكليز قبل قرن من الزمان ، ليدخل سجل الابطال العظام الذين يتحدث عنهم التاريخ الانساني بفخر واعتزاز .. متصديا للعدوان بمليء ارادته واصراره على مواجهة وحوش الدواعش المدججين بمختلف صنوف الأسلحة الصهيونية المتطورة ، ببندقيته التقليدية يسانده نجلاه وصهره مع مجموعة من اهل القرية للحفاظ على مشروع ماء القرية الذي يغذي سكان طوز خرماتو وقرى البيات كافة بالماء العذب ، بضمنها القرى والحواضن التي استقبلت الدواعش وقدمت لها الاسناد اللوجستي والقناصين ومهدت لاجتياح براوجلي من قبل البرابرة الجدد ، في مشهد قل نظيره ليرسم امام العالم صورة بطولية نادرة تذكرنا بأبو الفضل العباس ع حينما قطعت يداه واستشهد وهو يحمل قربة الماء لأطفال أهل بيت النبوة ع يوم الطف .

رفض الانسحاب من موقعه على الرغم من مناشدات البعض من ابناء قريته كونه مسنا ، وهو يعلم علم اليقين بأن سلاحه قد لا يقوى على مقاومة الاسلحة الفتاكة المقابلة ، ولكن سلاح الايمان اضحى قويا مستقرا في الأعماق والضمير، والغيرة كانت تسري في عروقه ، وتاريخ الأجداد كان حاضرا يحارب جنبا الى جنب ، حينما ظل يقاوم الدواعش مع ابنائه واهل قريته بصمود نادر و لساعات عديدة ويقتل كل من يتقدم نحو حدود القرية ، على الرغم من كونه مكشوف الظهر وسط مشهد ليس له من نصير سوى الله وهو قدر التركمان على ما يبدو، فلا جيش يسنده ولا شرطة تحميه والأعداء يحيطون به من كل جانب .. يدير عينيه حول الدار ، فلم ير برلمانيا انتخبه بالأمس القريب ولم يلمس وجود دولة توفر له الاسناد الجوي على الأقل ،فلم يجد اماه الا النصر او الشهادة والا الذلة في انتظاره ، فاختار الحياة موتا بكرامة في دياره ، عكس الذين قبلوا الموت حياتا ممن يدعون الدفاع عن ناسهم من داخل اسوار المنطقة الخضراء !

نعم ظل يقاتل بضراوة حتى انتهت ذخيرته فكانت شهادته محتومة ، فدخل المارقون الى ارض القرية على جسده بعد قيامهم بتمزيقه اربا اربا و عمدوا بسادية عجيبة على سحق وطحن جسده الطاهر بعجلات الناقلات لمرات ومرات امعانا بالإجرام ضد الانسانية وانتقاما مما اذاقهم الويل والمرارة في مقاومته لهم وتكبيدهم العديد من القتلى ، فلم يدخلوها الا بعد ان قام ( وحسب شهود عيان ) بعض ابناء قرية البو حسن المجاورة باستهدافهم بواسطة القناصات والاسلحة الاخرى .

فلم يكتف الأقزام وشذاذ الآفاق بارتكاب المجزة الرهيبة وأعمالهم الدنيئة المعروفة التي ستبقى وصمة عار على جبينهم وجبين من أعانهم وساندهم واحتضنهم ومن سكت عن افعالهم ، فنهبوا البيوت اولا ، ثم قاموا

بإحراق القرية بالكامل وعاثوا بالأرض فسادا وبالأخص المساجد والحسينيات ثم قاموا بجرف الأبنية والدور بالجرافات في عمل لا يمكن وصفه الا بمحو الهوية التركمانية من ديار الاباء والاجداد وسيرى الين ظلموا اي منقلب ينقلبون ، لان البراوجليون مسالمون وتاريخهم يشهد وسجلهم العشائري عبر قرون يقر بعدم الاعتداء على اي انسان وذنبهم الوحيد هو انهم ينتمون الى المكون التركماني و من محبي اهل البيت ع !

الشهيد كمال كهية واصحابه ، كشفوا لنا في موقعتهم البطولية هذه انهم ابطال انسانيون حقيقيون وتركمان اصلاء وعراقيون وطنيون بامتياز وهم باتوا الأشرف ولأكرم والأرقى وألأشجع والأصل والأنبل من اولئك المتفرجين الساكتين عن الحق ان لم يكونوا من شركاء الدواعش الذين دفنوا رؤوسهم في الرمال من المدعين بحماية التركمان والدفاع عنهم مثل اردوغان وعبدالله كول ، واشرف من سلطة ابو رغال العراق الذين طبقوا نظرية ( الدواعش من امامكم والبيشمركة من ورائكم ) وهم الأعلى شأنا عند الله من اولئك الذين تم انتخابهم وتوصيلهم الى كرسي البرلمان ، واشجع من المدعين الكارتونيين الذين لم يلمس اي وجود لقياداتهم على ارض الدفاع المقدس ميدانيا ، الذين اكتفوا بالدفاع عبر وسائل الاعلام ومن خلف اسوار المنطقة الخضراء والذين عجلوا بنصب مجالس التعزية لحصد مشاعر التعاطف مع الحالة التركمانية لاستثمارها وتوظيفها سياسيا في وقت لم يتم فيه استلام الأجساد الطاهرة لعشرات الشهداء التركمان من ايدي الدواعش ولم يتم اعادة الأرض الى اصحابها ولم يعد الحق الى أهله لحد هذه اللحظة ، كما جرت العادات والأعراف العراقية الأصيلة ! مع الامتنان لكل الاخوة العراقيين الذين تعاطفوا وساندوا التركمان.

الشهيد السعيد كمال كهية ابن الثمانين ، سيبقى رمزا تركمانيا شامخا وبطلا عراقيا لامعا ومثالا للوطنية الأصيلة الذي سيطرز التاريخ مأثرته بحروف من ذهب وكأنه يناشد جيل الشباب ( ارفع رأسك انت عراقي .. ارفع رأسك انت تركماني ) .

الشهيد كمال كهية لم يكن الوحيد من الابطال التركمان ولن يكون الأخير باذن الله فهناك الكثير من قصص البطولة والشجاعة والتفاني والاستبسال على ساحات الوغى لابناء التركمان في تلعفر وسهل نينوى والموصل وبشير وتازة وطوز خرماتو وامرلي وجارداخلي وخاصه درلي وقرة تبة وقزلرباط وغيرها من ديار التركمان ما زالت تنتظر من يكشف عنها امام الرأي العام ، الذين يرفعون رؤوسنا عاليا كعراقيين اولا وكتركمان اصلاء ثانيا فطوبى لشهدائنا الأبرار في كل مكان وطوبى للشيخ الثمانيني كمال كهية ولأصحابه الذين استشهدوا معه دفاعا عن براوجلي الارض والعرض والوطن ، ونموذج حي للشجاعة والشهادة والعطاء في زمن صارت فيه مساحة الشرفاء تنحسر في هذه الامة .. ولا ننسى الصمود الذي ابلاه اهلنا في تلعفر وبشير وتازة وطوز خرماتو واليوم يسطر اهلنا في امرلي اروع صور الصمود الاسطوري في الصبر والشجاعة والذود عن الأرض والعرض والوطن وسط محيط داعشي مقيت ومن كل الجهات ومنذ اكثر من 25 يوما .. ابناء امرلي اليوم ينهضون بالانسان العراقي ، الى كل معاني الوطنية والايمان والبسالة والشجاعة الى المستوى الذي يفخر به بين الشعوب .. ليس لنا امام تأخر وصول الامدادات العسكرية سوى الابتهال الى الله تعالى لهم بالصبر والنصر المؤزر انشاء الله.