23 ديسمبر، 2024 2:30 م

الشهيد الآشوري رمز وجودنا 

الشهيد الآشوري رمز وجودنا 

أن الشهادة المترسخة في ضمير شعبنا عبر العصورلهي دلالة الترابط المصيري بين الهوية القوميةللمواطن الكلدوآشوري السرياني ومدى أعتزازه بها وبين أرض الأباء والأجداد مهد البشرية وموطن الحضارات . أن الشهيد الآشوري هو عنوان لمدرسة فكرية ذات أصالة ببعديها القومي والوطني , وأذا ما تمعنا جيدا في مضمون الشهيد  حيث تتجلى فيها كل خصال الرهبة والقدسية والمصداقية وسجل للمواقف البطولية على الصعيدين الوطني والقومي, وفي الشهيد تكمن أسمى قيم التضحية والثورية ونكران الذات , هذا الثالوث الراسخ في فكر الشهيد والمتجسد في كيانهيعتبر مصدر أحباط لمخططات الأعداء , والشهادة كما يوجزها لنا المرشد القومي الملفان ( نعوم فائق ) على أنها قمة الفداء , كون الشهيد يفدي بأغلى ما لديه وهي الروح وكله أقدام وأصرار وشجاعة معمدا بدمه الطاهر المقدس مذبح الحرية حيث وبشهادته يكتب للشعب الخلاص وللنضال الديمومة , وبخلوده يخط الميلاد والتجدد لقضايا شعبه , وشهادة الشهيد لهي خير تعبير حي على الوجود والتصدي وعلامة من علامات الصمود بوجه الأنظمة الشوفينية .. ولدينا على ذلك الكثير من الأمثلة وما سأتطرق أليه وبشكل ملخصهو ليس من باب الحصر, كون الحدث الجلل كان ملاصقا لحاضرنا ومحفور في ذاكرتنا حتى الساعة  لأننا عشناه وتلمسناه وعن قرب , حيث الكثير يتذكر وقفة الميامين الأبطال ( يوبرت , يوسف , يوخنا )  أحفاد الدكتور فريدون آتورايا , البطريرك مار بنيامين , الجنرال آغا بطرس , الصحافي آشور يوسف , والكاتب الغيور مالك يوسف في عام 1984بوجه الطاغية المسعور صنم العراق المباد يوم أودعوا في دهاليز الظلاميين بسبب الدفاع عن هويتهم الآشورية وأثبات الوجود وكلهم ثقة وشهامة أيمانا منهم بقضيتهم التي لا مساومة عليها مهما كلفهم الأمر ليتمكنو من التصدي لعنجهية البعث الكافر في عقر داره من دون تراجع ولا أدنى تخاذل مصرين على مبادئهم الثابتة وما كنوا متحصنين به من القيم الأخلاقية المستمدة نقائها من شخصية الشهيد مار أيشاي شمعون تجاه شعبه , وصلابتهم المكتسبة من عنفوان القائد الامين الشهيد مالك يعقوب مالك أسماعيل…
 يوبرت , يوسف , يوخنا هؤلاء الجبابرة الذين حملوا نعوشهم على أكتافهم ليصبحوا نجوما وهاجة يوم الثالث من شباط عام 1985تسطع في سماء بيث نهرينالعطرة, بالفعل كانو مشعلا للفكر القومي الآشوري الخالص ذلك الفكر الذي لا تشوبه شائبة , ورموزا نضالية حقيقية وكلهم ثقة بثورية النهج وصلابة المبادئ ولتمتزج دماء الأحرارفي بغداد بدماء رفاق الصمود جميل متي , شيبا هامي الذين توجوا فكر الحركة الديمقراطية الآشورية ببسالتهم في هجيركي بشمال الوطن عام  1984,وليعبد طريق الشهادة فيما بعد في نوهدرا ( دهوك ) المدافع الغيور فرنسيس يوسف شابو عام 1993 , وليعتلي من بعده منصة الشموخ من على أرض عنكاوا الحبيبة عام 1996  رفيق درب الرعيل الأول الشهيد الهمام بيرس ميرزا صليوا مرويا أياها بجانب رفيقه الشهمسمير موشي مراد بدمائهم الزكية , وهكذا حيث كل قطرة دم كانت تسال على أرض النهرين كانت تزيد أبناء شعبنا أصرارا وتشبثا والذي مرجعيته هي تلكم الهامات التي كانت بتضحياتها الخارقة مصدر ثقة ومصداقية لذلك التشبث الذي  كان يرى في إقدامها وإيمانها ونقائها تباشير ببناء المستقبل المشرق وشجاعة  رفض الرضوخ والركوع لرغبات كائن من يكون , ليفرضوا أنفسهم  بأنهم مصدرا للقرار الأشوري ونواطيره …
     هكذا كان شهيدنا الآشوري الذي أقدامه على الشهادة لم يأتي من فراغ ولم يغلب على شهادته الطابع العفوي ولا العاطفي ولا النظرة الفوضوية , بل لمن المؤكد ما كان يقودهإلى العلى هي تلك القناعات الفكرية  التي أعتمدت السياقات الموضوعية في طروحاتها والتي كانت تضع مصلحة الجماهير في المقدمة معتبرة أياه الغاية والهدف مدافعة عنه بكل ما تملكه من سبل جاعلة من نفسها تلك الطليعة المقدامة التي تنير الدروب وتمهدها للسائرين في ركبهم . أذن فهكذا كانت مدرسة المفكرين الخالدين ( يوسف , يوبرت , يوخنا , جميل , شيبا … )الذين هم أمتدادا لشهداء سميل عام 1933  , مدرسة  النبل والشهامة تلك التي عززتثقة الجماهير الأبية بالآتي وهي تمر في أحرج وأصعب مراحلها , وصاحبة موقف وعزيمة لا تلين حيث دماء قادة هذه المدرسة لم تزل تغلي وصوت الحق الذي لم يزل دويه يصدح في كل أرجاء المعمورة مطالبا بحقهمناديا قائلا( هيهات لمن يساوم على شهادتنا أويضعها في سوق النخاسة خدمة لمآرب أنانية ,ودمائنا ليست للمتاجرة وكسب الأرباح وستبقى تلاحق كل نفس ذليلة وكل من تساوره عنجهيته للعب دور السمسرة , وأن دماء شهادتنا لم تكن يوما ما ملكا ولا شهادتنا عبدا لشخص أو فصيل ما , بل هي ثروة خاصة بأبناء شعبنا الكلدوآشوري السريانيوصونا لكرامته وقضاياه ورمزا لوجوده وعنوانا لهويته ) ..
أن الشهيد بخلوده يعتبر دوماحجر زاوية نهوض الأمة ومدعاة فخرها وشريان حريتها ونبض حياتها أي بعبارة أخرى هو حبل الأمة السريالذي يحافظ على بنيتهاوديمومتها ويحمي كيانها من الفناء والزوال , وما  ثورة سميل الوطنية الآشورية عام 1933 وسمو وقفتهاالقومية بكل ما للكلمة من معنى بوجه الطغاة المستبدين والمستعمرين الأنكليزلهو دليل الحفاظ على هوية هذه الأمة ووجودها من الزوال والحفاظ ايضا على هيبة  أرض المهد بيث نهرين ( العراق )من دنس ومكر الثعالب , أن نهضة سميل الوطنية بشهادئها وثوارها وشعاراتها وجسامة المجازر التي يتجاهلها وعن قصد التاريخ العراقي الحديث بمؤرخيه وأدبائه كان تحديا لشوفينية الحكام من أجل البقاء وثورة ضد عمليات الصهر والتهجيروالفناء القومي وما أشبه البارحة باليومالذي فيه ومن دون وجل لم ينصف الدستور العراقي الجديد لما بعد عام 2003 حق شهداء سميل وحملات الأبادة الجماعية ( الجينوسايد ) وفواجع التهجير الوحشي على الرغم من كون ثورة سميل مفخرة وطنية لكل العراقيين. سميل هي الخطوة المحورية صوب قضايانا للبلوغ نحو مستقبل واعد , أن شهيد ثورة سميل كان بمثابة اليراع ودمه هو المداد الذي كتب تاريخ أضطهاد أمةتصارع الأبادة من أجل البقاء كما ودوّن أيضا فكر الأمة بنهجيه الوطني والقومي الذي على خطاهم ولجوا سفر الخلود شهداء الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) ( يوسف , يوبرت , يوخنا , جميل , شيبا … وشهداء العز والكرامة من بعدهم  ), وليس آخراأن شهداء سميل باقون كون شهادتهم تعتبر بداية حياتهم , وأجمل ما قرأته عن الشهيد هو العبارة التالية  والعهدة على قائلها( لا تبكه فاليوم بدء حياته أن الشهيد يعيش يوم مماته ) …
المجد كل المجد لشهداء شعبنا الكلدوآشوري السرياني وشهداء الحرية في كل مكان …
ملبورن
[email protected]