23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

الشهيد ابو هيفاء ودكاكين السياسة

الشهيد ابو هيفاء ودكاكين السياسة

الشهيد ابو هيفاء مرتضى النجار عامل نسيج بسيط يعرفه اهل الكاظمية واصحاب معامل النسيج في بغداد والمحافظات كونه كان متميزا في تصليح مكائن النسيج وايجاد البدائل لها في زمن الحصار الجائر .. وكان معروف بوطنيته ويقال انه كان شيوعيا نشطا وترك العمل في الحزب الشيوعي منذ وقت مبكر لتحفظه على بعض المواقف ، لكنه لم يترك ويغادر وطنيته المتميز بها عن الكثير .. اضافة لتميزه بشجاعة قول الحقيقة فكان هو والمرحوم كامل كاظم العايد وهو خالي يتميزان بالنقد الموضوعي لبعض ممارسات النظام السابق ويقولان الحقيقة من دون خوف .. كنت وانا القومي الاتجاه وبرغم اختلاف الافكار والاتجاهات في مابيننا ازوره باستمرار في بيته في منطقة العكيلات ، استمع منه الى اراء دقيقة وتحليل علمي لما يمر به العراق قبل الاحتلال وما يصاحب ذلك من قلق مشروع .. بعد الاحتلال الاميركي للعراق تكررت زياراتي له وزادت خاصة وان المرض اقعده عن التجوال ونشر ارائه عن خطورة ما كان يطفو على السطح من مشاهد سياسية تستغل الدين لتحقيق مأربها وزاد قلقه وارتفعت حدة انتقاداته بعد قرار انشاء مجلس الحكم وجاهر برفضه ما يجري من تغييب قيم المواطنة بل كان يعلن صراحة خطأ موقف سكرتير الحزب الشيوعي حميد مجيد موسى بالموافقة على مقعده في مجلس
الحكم على وفق صفته المذهبية وليست السياسية ويقول ان الاحزاب الدينية لاتصلح لحكم العراق ولكل منها مشروعه الطائفي .. وظل وهو على فراش المرض يندد بما يجري الى ان وجد مقتول خنقا في فراشه في ظروف غامضة من دون ان يسرق اي شيء من داره ..
استذكر هذا الرجل المبدئي المناضل المجاهد بكل ما تحمل هذه الكلمات من قدسية وصدق وانا اتابع يوميا الحركة الدؤوبة والنشطة لبعض النواب وغيرهم من الشخصيات من اجل تاسيس احزاب سياسية على وفق قانون الاحزاب ، واتمنى لو ان الله بقدرته يريه ولو للحظات هو وغيره من شهداء الحركة الوطنية والقومية ما آلت اليه اوضاع الاحزاب الوطنية وانحسارها واستمرار تشتتها برغم قسوة التجارب ومراراتها .. كنت اتمنى ان يصحو ليروا ان مقاييس النضال لم تعد التضحية والايمان بالمباديء وان من ينتمي الى اي حزب سابقا شيوعي او قرمي كان يضع نصب عينيه الجوع والفصل والسجن فكان يعطي كل شيء من اجل مايؤمن به ومن اجل حبه للوطن .. على عكس ما يحصل اليوم فالمنتمون في الغالب يسألون اولا كم ساقبض !! وهل هناك من راتب او مخصصات او امتيازات .
ليس في ما اقول من مبالغة بل ربما هو اقل من الحقيقة وقد دعتني اكثر من شخصية برلمانية ورؤساء احزاب سابقة واخرى طور الانشاء الى العمل معها ، لكني لم اكن املك لهم غير جواب واحد ما هكذا عرفنا العمل السياسي ان ما
تؤسسن له ليس احزابا بل دكاكين سياسية للتجارة بمصالح العراق وشعبه ..مع تقديري واعتذاري لكل وطني مخلص وشريف ما زال ممسكا بنار المباديء .