{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
لاينفصل خلود الشهداء، في جنات النعيم، عن خصوبة أثرهم على الأرض، التي غرسوا فيها أجسادهم، نبتا طاهرا، يفيء للأجيال.. مثمراً، حتى ظننت من قراءة سيرة أحمد الكفائي، أن السماء مرآة، ينعكس على فضاءاتها عطاء من نذروا موتهم لحياة الآخرين!
الروح تصل الأرض بالسماء…
الشهيد أحمد عبد الأمير سعيد علي الكفائي، ولد في العام 1970، مكتفيا بالدراسة الإعدادية، كتحصيل علمي، ليشتغل كاسبا.. يرهن قوته به، مؤسسا مستقبله، على الرزق الحلال.
النجف
يطل صباح مساء.. قبل آذان الفجر وبعد صلاة العشاء.. على إيوانات ضريح أبي الحسنين.. أمير المؤمنين الأمام علي بن أبي طالب.. عليه السلام.
تتفجر الشخصية المؤمنة، من وقع ما يصغي إليه في محيطه النجفي، وما تبعثه التأملات في أضواء منائر وقباب منائر الضريح الحيدري المطهر.
يتمحور الإيمان، حول إشتراطات ثورية أبسطها قاعدة الإسلام الذهبية: “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” الذي يعيد المتفكرون.. ومنهم الشهيد الكفائي.. تشكيله بخطوات معارضة تتحين سانحة مثلى تحقق تأثيرا يسهم في ترنح نظام الطاغية المقبور صدام حسين، حتى تسقطه، بدلا من تشظية الجهد، بإلقاء الذات الى التهلكة.
الإنتفاضة
إنتفاضة آذار 1991، التي أعقبت هزيمة الجيش العراقي، في غزو الكويت، جاءت فيصلا حاسما، بين المعارضة السكونية، والإعتراض الثوري، المتفاعل مع الحدث.. توحدت فيها الصفوف، متجيشة في مجاميع، طهرت “النجف” من دنس الديكتاتورية البعثية، من ان أن يتاح للثائرين تنظيم شؤونها؛ لأن التلاحق المريع، يهدد فعل العقل، ويحيد خطط العمل الجدي، ريثما يتجلى واقع جديد؛ بإنجلاء غمة صدام من حول أعناق العراقيين.. طوقاً.
الحرس
لواء الحرس الجمهوري، أولى التهديدات، التي أجهزت على الإنتفاضة، حالما إستعاد صدام قوته، بينما البلد يضلع مثل جمل كسير في صحراء قاحلة…
تبددت الجموع العزلاء، إلا من أسلحة بسيطة.. تكاد لا تذكر، تشظت الإنتفاضة وتشتت المنتفضون شهداء، حشرتهم عناصر “الحرس الجمهور” في مقابر جماعية، فاضت منها أرواحهم، من ضنك الثرى الى رحاب الثريا..
أمن
لم ينته الأمر بإعدام أحمد، من قبل جنود الحرس، إنما واصلت دوائر أمن الطاغية، وتنظيمات حزبه.. البعث المنحل، مضايقة عائلته، بلقمة العيش، في زمن الحصار.. “العقوبات الدولية” المفروضة من الأمم المتحدة؛ على شعب العراق؛ عقابا لصدام حسين؛ جراء غزوه دولة الكويت الشقيقية.
عانت عوائل الشهداء.. الأمرين.. فقد ذويهم وبقاء معظم العوائل، من دون معيل، وفاقة الحصار التي قحط خلالها صدام على الشعي؛ عقابا للإنتفاضة، التي شنت ردا على حماقاته.. محليا ودوليا، ووأدها بصواريخ “أرض – أرض” سحق بها الإنتفاضة، التي شكلت العراق، من أقصاه.. الى أقصاه.
طوبى للشهداء، وسقر لكل من قتل أخاه محاباةً للظالم…