{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
جرت ملابسات، في ظروف غامضة، أدت الى إعدام أحمد حسين عبد عبود المسعودي، عقابا على هروبه من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، العام 1979، حينها لم يكن الإعدام مألوفا؛ ما يؤكد غرابة الإجراء، ويشف عن مكامن لم يعلن عنها في الحين!
وأغالب الظن أنه أفصح أثناء التحقيق.. بعد إلقاء القبض عليه.. عن طروحات حادة، نابعة من منطق محيطه الكربلائي، المتحمس بالضد من “البعث الكافر” و”أحمد حسن البكر المجرم _ رئيس الجمهورية حينها” و”صدام حسين.. رئيس خلية حنين الإرهابية – نائب رئيس الجمهورية” الذي عد كلبا للبكر وميشيل عفلق، في تنفيذ مآرب “الإستكبار العالمي”.
هذه هي الجملو التي تردد كجزء من المنطق السائد في كربلاء.. حينها والى الآن؛ والذي تقمصه أحمد، متمسكا به، في المحاججة، أثناء التحقيق، متجها نحو الإعدام.
غموض
طريقة الشهيد المسعودي بالنقاش، جعلت الإنضباط العسكري، يحيله الى الإستخبارات، التي وجدت في طرحه، ما يفوق قضية جندي هارب؛ جراء الإستياء من ضغوطات الخدمة، في زمن سلام.. لا حرب فيه؛ فأحالته الى جهاز الامن.
الأمن العامة تعنى بشؤون المدنيين الخارجين عن قيود حكومة البعث في العراق؛ ممن يشكلون تقويضا لدعائم أركانه؛ كيف تقبلت عسكريا!؟
الإجابة عن هذا التساؤل، تكمن في سلسلة التراكيب الغامضة، التي أحاطت أجواء التحقيق والمحاكمة والـ… إعدام! بغية وأد أية تطلعات نحو حرية شعب، من ثلة قطاع طرق، إستحكمت أدوات القمع بأيديهم، متمكنة من مصير العراقيين!
مصادرة
كالمعتاد.. ومن بواكير إنقلاب 17 تموز 1968 الدموي، تصادر أموال المعدوم.. المنقولة وغير المنقولة، ويفصل ذووه من وظائفهم، ويلزمون بفصل زيجاتهم، وإلا تشمل بالعقوبة ذاتها؛ فبرغم إدعاء البعثية، إلتزامهم الدين، إلا انهم وضعوا كلام الله: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”.
جسامة العقاب تدل على أنها ليست قضية عسكري هارب، يعاقب ببضعة أيام سجن، ثم ينتظم في أداء ما تبقى من خدمته، إنما يعد هروب المسعودي موقفا فكريا من منظومة سياسية إعترض عليها.
نصاعة
الشهيد أحمد المسعودي، ذو الاربعين عاما، ولد في كربلاء.. العام 1939، ولقى ربه شهيدا بوجه ناصع البياض، العام 1979.. أعزب يحمل شهادة الوعي الإجتماعي، التي نفذ إليها بتحصيل علمي، وقف عند المتوسطة متخطيا حدود الدراسة التقليدية، الى فضاءات وعي وثاب، يختزل مسافات الدنيا، الى رحاب الجنة.. طاب مقاما.