{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أجارها جلاوزة الطاغية المقبور صدام حسين، بالموت، حين إستجارت زهرة محمد حسن، بطفولتها البريئة، وهي تواجه لواء الحرس الجمهوري، الذي أيقظ صدام أفظع ما في داخله من وحوش كاسرة؛ ضد الشعب؛ لوئد إنتفاضة آذار 1991.
لم تحترم مدافع الجيش، إنوثة طفلة ذات ستة عشر ربيعا، لم تفتن يفاعتها ملاك الموت وهو يقبضها باكيا.. روح أثيرية تستشهد بصلافة جيش لا يحترم شرف سلاحه؛ إذ يقتل طفلة.. أنثى.. بريئة لم ترتكب جرما.
حجر صوان
ولدت زهرة، في العام 1975 ولاقت ربا رحيما، العام 1991، على يد جنود قست قلوبهم كالحجر الصوان؛ وما عادوا يحترمون رجولتهم، وهم ينكلون بالشعب!
طفلة.. تتخفى بين أحضان أمها، حين إعتقلها الجيش؛ لا للتحقيق معها؛ إنما لقتلها بغض النظر عن حقيقة موقفها.. برئية بقياسات الحق، أم مجرمة بحسابات حزب البعث “الباطلة”.
جرى تحقيق صوري، ضمن سياق “تريد صخل إخذ صخل.. تريد غزال إخذ صخل” فهي ميتة.. لا محالة؛ هكذا يتشرنق التحقيق الكارتوني، من حولها، ومن دون إطالة وقت، كتب ضابط نصف أمي، لا يحمل بكلوريوس علوم عسكرية، ولم يتخرج في كلية عسكرية، إنما نائب ضابط.. رفيق حزبي، منح رتبة ضابط؛ ليؤدي مهمات حزبية في جيش يفترض به ألا يتحزب! ولكن أنى للطاغية فهم معنى تجريد الجيش من الحزب!
يقنا منها بالموت، أدارت تلك الطفلة تحقيقهم بصبر وقوة وإحترام للذات، جعلته “فشلة” كسفوا لها، لكنهم مثل أحداق المومسات، لا تخجل..
وطن مدحور
أعدمت زهرة، ووري جثمانها الطاهر ثرى أرض الوطن الذي لم يحمِ أبناءه؛ إذ قتلت ضمن أعداد كبيرة، من شهداء المقابر الجماعية، التي تحتشد يوم الحشر أمام الله، تشكو ظلم المجرمين لشعب لا حول له ولا قوة، في ظل بلاد تأكل أبناءها.
ظل العراق بركان حمم، يصب جام غيظه على نفسه ومحيطه الدولي؛ جراء تخبطات الطاغية المقبور صدام حسين، طوال خمسة وثلاثين عاما، وهو الآن جسد راعف يسفح عقولا وطاقاتٍ بشريةً فائقةً، بين هجرة غير شرعية للخارج، وبين تفجيرات في الداخل… “فمتى ينام العراقي وهو يشعر بأن رأسه على وسادة وثيرة يغفو آمنا”.
ترتبت على إستشهادها مضايقات لا آخر لها، من قبل المنظمة الحزبية، لعائلتها.. لا حصة تموينية طيلة تسعينيات الحصار، ولا وظائف لأشقائها وشقيقاتها، وبطفرة متعدية، حوصر أقرباؤها من الدرجتين الثانية والثالثة، بطلاق النساء من أزواجهن العاملين في دوائر عسكرية او أمنية او تربوية، وبعكسه يحاصرون “مخيرون!” بترك الوظيفة!
لكن.. صدام لاقى حتفه متجها الى نهاية جهنمية، وضحاياه يستبشرون جنة عرضها السموات والارض.. لهم فيها ما يدعون.