18 ديسمبر، 2024 11:28 م

الشهيدة زهرة صحيو سوادي/123

الشهيدة زهرة صحيو سوادي/123

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أفياء البصرة، تخفق، مع طرب موجات شط العرب، وهو يكحل أحداق الخليج، الذي تصاعدت عواصفه دما يسحق العراق من الخارج تضافرا مع قسوة لواء الحرس الجمهوري، من الداخل.. تطبقان على شعب ينشد حريته، فيعود صدى النشيد أليه حمما و… موتا زؤاما.
واجهت الشهيدة زهرة صحيو سوادي، جيش الطاغية المقبور صدام حسين، بعزم (عشرة رجال) على أثر إحباط الدول الاقليمية لإنتفاضة آذار 1991.. لأنهم كانوا يريدون إسقاط صدام، من دون ان يمتلك الشعب العراقي، حرية القرار؛ لذلك أبقوا على صدام ضعيفا، يطفى على شعب أوهى عظمه الحصار، بدل عراق قوي، يتمتع بثرواته.. رفاها وبناءً وتحضراً.
 
الأموات شهود
يشهد بطولة الشهيدة سوادي، الاحياء والاموات من ابناء سوق القرنة، في البصرة الفيحاء؛ إذ على أعقاب هزيمة صدام في غزوه الكويت، إنبثقت الإنتفاضة، ريحا طيبا، يقصد التخلص من سلطة الديكتاتور الاهوج، ولم تنجح لتضافر القوى ضدها، بينما هي تقاوم بضعف المشاركين فيها.. وهنا على وهن، حينها تفرد الجيش المدجج بالسلاح، يقتص من المنتفضين، نظير تواطئ دولي مشارك في الجريمة!
 
مشي القطاة الى الغدير
كثيرات ومن بينهن زهرة، تصدن لتقدم الجيش، يعيد البصرة الى حظيرة صدام، بل الى معتقلاته، ودولاب الدم الدائر في بلد الموت من دون توقف؛ فقاومت ببسالة تفوق التصور، وأخذت ثأرها وثأر المئات من بنات وابناء جلدتها، قبل ان تتفضل موضع ترحاب الملائكة، محفوفة بالحوريات، نحو الجنة.. مشي القطاة الى الغدير.
يوم إستشهدت، كانت تبلغ التاسعة والاربعين من العمر، فهي متزوجة، ولها موقف واضح من الحياة.. لقنته أبناءها بنجابة ووعي أمومي أصيل.
 
القرنة
زهرة تولد 1949، إستشهدت العام 1991، وفاضت روحها من سوق القرنة، الموشوم بأثر القذائف على ارضه الطيبة، الى سماحة السماء، صافية الشروق مطمئنة الغروب.. سلاما هي حتى مطلع الفجر، بين يدي رب رحيم.
“وقفت وما في الموت شك لواقف.. كأنك في جفن الردى وهو نائم” والعراقيون، منذ وجدوا على ظهر الارض، مداهمون بالموت، من والٍ جائر، ومولى مستهتر، على حد سواء.
رحم الله زهرة، والنجيبات من الشهيدات الطاهرات.. عصمةً، يباركها الرحمن أحسن الخالقين.. ربة بيت لم يطرف لها جفن بمواجهة عسكر غلاظ على الضعيف جبناء امام القوي.. إذا تولوا لا يعفون.